تضاربت الأنباء نفياً وتأكيداً، بين العديد من قيادات فتح المختلفة، حول حسم مركزية حركة فتح لأزمة موظفيها التابعين للسلطة برام الله، فمنهم من يؤكد التوصل لحل، ومنهم من ينفي مجرد طرح المسألة من أصله على طاولة المركزية.
ودفع تواصل أزمة رواتب السلطة، بالقاعدة التنظيمية لحركة فتح إلى تنظيم الفعاليات الاحتجاجية والنزول للشارع، لمطالبة قياداتها بتقديم استقالاتهم، للضغط على رئيس الحركة محمود عباس وحكومة الحمد الله، من أجل وقف العقوبات المتتالية وخاصة ما يتعلق بأزمة رواتب الموظفين.
ونقلت مواقع إعلامية تابعة لفتح، نبأ استقالة أعضاء قيادات مناطق تنظيمية فتحاوية في أقاليم قطاع غزة من مهامهم التنظيمية رداً على سياسة سلطة عباس وحكومته، باستمرار فرض العقوبات على موظفي السلطة منذ عام ونصف.
احتجاجات متدحرجة
وتدحرجت أزمة رواتب موظفي السلطة، لتتحول إلى حراك مطلبي في الشارع الغزي الذي يطالب بحل الأزمة بأسرع وقت. أمين سر حركة فتح في رفح جلال شيخ العيد عبر لـ"الرسالة" خلال فعالية احتجاجية في مدينته، للمطالبة بحل أزمة الرواتب، عن توجههم لنقل فعالياتهم إلى كافة الأماكن في القطاع، معتبراً أن عدم الاستجابة لمطالبهم سيترتب عليه فعاليات تصعيدية أخرى، وأن هذا الأمر متروك لتقدير الموقف بعد كل خطوة يخطونها في سلسلة الفعاليات المنوي تنظيمها.
وقدر شيخ العيد الموقف، بأن كل خطوة يقومون بها مرتبطة بهدف، ووقتما تحقق أي هدف سيقومون بالخطوة التي تليها، مشيراً إلى أنه ليس لديهم القدرة على القيام بخطوات مباشرة بالجملة، ولكنهم سيدرسون مدى ايجابية أو سلبية كل خطوة قبل البدء في الخطوة التي تليها.
ونفى أمين سر إقليم رفح شيخ العيد، حدوث استقالات فعلية في أقاليم القطاع احتجاجاً على أزمة الرواتب، مؤكداً أن الاستقالة غير مطروحة في الوقت الحالي.
وبرر عدم الإقدام على الاستقالة، أنهم لا يستطيعون العمل دون مهماتهم التنظيمية، متسائلاً "لو قدمنا استقالاتنا من سيقوم بالحراك ويقوده؟ لافتاً إلى أن الاستقالات لن تشكل ضغطاً مباشراً على الحكومة التي افتعلت أزمة الرواتب، عاداً أن الاستقالة تعني دفن مطلبهم المصيري بشكل عملي.
وبين أن احتجاجاتهم تتركز ضد ممارسات حكومة الوفاق الوطني وضد سياسة التمييز العنصري التي تتبعها الأخيرة على أساس جغرافي، زاعماً أن مركزية فتح ليس لها علاقة بالقضية، حيث تحدثوا بشكل جدي مع أعضاء المركزية، وأكدوا لهم عدم ارتباطهم بافتعال الأزمة، وأنهم مؤيدون لإنهاء الإجراءات، وطرحوا ذلك بشكل رسمي على طاولة اجتماعات المركزية.
واستدرك شيخ عيد قائلاً "أما إذا كان هناك متنفذون من داخل الحركة يمنعون الحكومة من القيام بواجبها تجاه موظفين غزة، فعلى حكومة الحمد الله أن تعلن عنهم بالأسماء.
وحول ما إذا كانت حالة السكوت البادية من مركزية فتح مؤشرا على ارتباطهم، اعتبر شيخ العيد أن الإجراءات العقابية ضد غزة وخاصة الموظفين " إجراءات حكومية ولا نريد ربطها بقيادة الحركة (..) الحكومة هي من تتحمل المسئولية وإن كان البعض في الحركة يؤثر عليها فلتكشف الحكومة عنهم"، على حد تعبيره.
وكان القيادي في حركة فتح، اللواء سرحان دويكات، قال "إن هناك أيد خفية تدفع الأمور داخل حركة فتح باتجاه انقسام حول موضوع الرواتب والتقاعد المبكر لكوادر الحركة"، لافتاً إلى أن ذلك ينذر بانفجار في وجه ما يسمى "الشرعية الفلسطينية" ووحدة الحركة.
وأوضح دويكات، في تصريح له عبر فيسبوك، أنه يتطلب من قيادة حركة فتح أن تخرج بقرارات تعالج هذه الأزمة قبل تفاقمها، مشيراً إلى أن الذين مسهم القرار هم ضحايا الانقسام ولا يجوز التمييز تحت أي مبرر ما بين الضفة وغزة.
المركزية: حل مُرضي!
من ناحيته، استبعد النائب الفتحاوي عبد الله عبد الله، أن تلجأ أقاليم فتح في القطاع إلى تقديم استقالاتها، مُرجعاً السبب إلى أن مسألة الرواتب تشغل بال الجميع ولا يقتصر الأمر على الأقاليم الفتحاوية فقط.
وألمح عبد الله لـ"الرسالة" إلى أن اجتماع مركزية فتح الأخير ناقش مسألة خصومات رواتب موظفي السلطة في غزة، وأنه سيجد الحل الذي سيريح الجميع في أقرب وقت ممكن، على حد تعبيره.
وحول نفي بعض قيادات فتح أن تكون قضية الرواتب مطروحة في اجتماع مركزية فتح، زعم عبد الله أنه ليس هناك اجتماع داخل الحركة إلا ويتم التطرق فيه لمسألة الرواتب، مكرراً أن هذه القضية تؤرقنا جميعاً، وأؤكد أنه تم التطرق لها في اجتماع المركزية وهي في طريقها للحل!
أما عن الانقسام الفتحاوي واحتمالية تزايده على وقع الأزمة الحالية، فلم يتوقع عبد الله أن يحدث ذلك قائلاً " بالعكس، نحن نتفهم انزعاج أخوتنا المسئولين الفتحاويين في قطاع غزة، ونحن جميعاً مع بعضنا البعض سنصل إلى الحل المرضي".
ورفض عبد الله تسمية ما يجري من قبل السلطة وحكومتها ضد غزة بالعقوبات، مستدلاً على ذلك بالزعم أن "السلطة تدفع الكهرباء وترسل الأدوية وتقوم بمشروع تحلية المياه مع الأوروبيين منذ سبعة أعوام!".
وأضاف عبد الله "ما تقوم به الحكومة لا يمكن أن يُوصف بأنه عقوبات على غزة، وإنما هي بعض الإجراءات والاجتهادات، ولكن في النتيجة يظل الاهتمام الأكبر والأول هم المواطن ومصلحته وعائلته"، على حد زعمه.
كشف المتواطئين
أما عماد محسن الناطق باسم التيار الإصلاحي الفتحاوي التابع للقيادي المفصول من الحركة محمد دحلان، فقد اعتبر أن الخطوات الاحتجاجية من طرف الهيكل التنظيمي الموجود في أقاليم فتح بقطاع عزة "خطوة في الاتجاه الصحيح"، مستدركاً "لكنها تأخرت تقريباً 14 شهراً".
وذكر محسن لـ"الرسالة" أنه لو استمر الحراك المطلبي للموظفين من ابريل نيسان من العام الماضي، عندما بدأت العقوبات على غزة " لما تجرأت حكومة الحمد الله والمحيطون بعباس بإقناعه باستمرارها وزيادة منسوبها حتى وصل الأمر إلى هذا الحد من امتهان لكرامة موظفي السلطة".
وحول توقعاته بتصاعد الانقسام الفتحاوي على إثر هذه الأزمة، فقد اعتبر محسن أن المسألة لا تتعلق بخلافات وانشقاقات أو تعميق الفجوة داخل الجسم الفتحاوي، بقدر ما تتعلق بالمطلب الإنساني الذي يحتم على الجميع أن يدعم كل الخطوات المطلبية بهذا الخصوص ويتبناها بكل قوة ليكتب لها النجاح.
وقال محسن" إذا ما استمر العمل على قلب رجل واحد، واستمرت هذه الاحتجاجات، فمن المؤكد استقالة الكل الفتحاوي من مهامه التنظيمية في القطاع"، مضيفاً "أظن ساعتها أن الحقيقة ستكون ماثلة أمام عباس الذي سيضطر إلى الطلب من حكومته تخفيف هذه الإجراءات أو رفعها بالكامل عن أهل غزة".
وأكد محسن أن "الجميل في هذه الخطوات التصعيدية أنها مع مرور الوقت ستكشف بالضبط أسماء القيادات والمسئولين الذين لم ينخرطوا في هذا الحرك المطلبي التنظيمي، وحينها يكونون قد وضعوا أنفسهم في دائرة الإدانة على أنهم شركاء أو متواطئون مع من يمارس هذه العقوبات بحق غزة"، على حد تعبيره.