فجرّت عودة عضو اللجنة المركزية السابق في حركة "فتح" سلطان ابو العنين إلى لبنان، الخلافات الفتحاوية الداخلية في ضوء الصراع الجاري بينه وبين السفير الفلسطيني في بيروت أشرف دبور المدعوم من رئيس السلطة محمود عباس والمعروف بعلاقته الوطيدة مع عائلته.
أبو العنين الذي فقد موقعه في مركزية "فتح" خلال الانتخابات الأخيرة، تتهمه أوساط فتحاوية بوجود علاقات مع القيادي المفصول من الحركة محمد دحلان الذي ساعده في الوصول الى مركزية الحركة، الأمر الذي افقده مواقع المسؤولية في دائرة المركزية من طرف رئيس السلطة محمود عباس الذي أبعده عن الملفات الرئيسية بالحركة.
وقاد ابو العنين حملة شرسة ضد رئيس السلطة محمود عباس خلال المجلس الوطني الذي عقد خلال شهر ابريل الماضي في رام الله بفعل اجراءاته العقابية بحق غزة، حيث دعم في تمرير مذكرة تطالب عباس برفع اجراءاته، وحشد ساحة فتح في لبنان لدعمها.
موقف أبو العنين كشف عن حالة التناقض القائمة بينه وأبو مازن، الذي رفض السماح له بالعودة الى لبنان لمدة عامين تقريبا، لكن أوساط سياسية فلسطينية في لبنان تقول إن ابو العنين ابعد من لبنان بفعل قضية رفعت عليه، حيث طلبت السلطات الامنية اللبنانية منه مغادرة لبنان هذه الفترة حتى يتم اسقاط القضية بالتقادم.
كما أن السلطات اللبنانية ابدت تخوفا من وجود ابو العنين داخل اروقة السلطة وتنقله الى رام الله بمعرفة الاجهزة الامنية (الإسرائيلية) آنذاك، ما دفعها للطلب من ابو العنين البقاء في رام الله حتى الانتهاء من موقعه قبل أن تسمح له بالعودة مجددًا.
عودة الرجل "الدحلاني" كما تقول فتح الرسمية، والمعروف بعلاقته الجيدة مع العقيد محمد عيسى "اللينو" مسؤول تيار فتح الاصلاحي في لبنان، أثارت مخاوف "القيادي الطامح" في الحركة أشرف دبور، الذي يطمح بالوصول الى قيادة ساحة لبنان، في ضوء تدهور الحالة الصحية لفتحي ابو العرادات مسؤول الساحة الحالية، وكذلك العجز الطبي للواء ابو عرب مسؤول قوى الامن الوطني الفلسطيني في لبنان.
وبدأت بذور الخلاف مع دعوة ابو العنين لقيادات فتح بتهنئته، ودعمه لتظاهرات خرجت امام السفارة الفلسطينية في بيروت تطالب برفع العقوبات عن غزة، وقد قوبلت بقمع من امن السفارة التي سرعان ما رتبت لمظاهرة أخرى مدعومة من طرف السفير دبور تعلن دعمها لعباس.
وفي مقابل ذلك، حشدت فتح بكل قوتها لاخراج مظاهرات تطالب بدعم عباس، حتى وصل الامر بتهديد مسؤولي قطاعات الحركة بقطع مخصصات ورواتب افراد من فلسطينيي سوريا النازحين الى لبنان بفعل الاحداث الجارية هناك.
ووصل الابتزاز حد الاتصال المباشر من مسؤولي القطاعات لقيادات وعناصر الحركة حتى داخل المخيمات اللبنانية.
ورغم ادراك سلطان ابو العنين بعدم رضا رئيس السلطة محمود عباس، كما أنه يفتقد لدعم السلطات الامنية اللبنانية هناك على خلفية اشكاليات قديمة في المخيمات، والتي تميل في دعمها لدبور المدعوم من طرف جهات سياسية وامنية لبنانية اضافة الى دعم من ابناء عباس له وتحديدا من ياسر النجل الثاني لرئيس السلطة، فإن الاول لم يستسلم لتلك الوقائع وبدأ بالسعي لترتيب حالة معارضة قوية داخل الحركة بدون الاقتراب إلى درجة الصفر في التحالف مع اللينو الذي يحرص على ابقاء علاقة جيدة معه، وفق مسؤولين في الحركة تحدثت معهم "الرسالة".
ودق الخلاف الفتحاوي الداخلي ناقوس الخطر مبكرا لدى السلطات الامنية اللبنانية وحتى القوى الفصائلية التي تداعت منذ اللحظة الاولى لتجنب الساحة اللبنانية اثر الخلاف الداخلي وتحديدا على المسار الامني.
كما تحدثت وسائل الاعلام اللبنانية اكثر من مرة عن تورط مسؤولين امنيين في السفارة الفلسطينية بلبنان بقضايا امنية، كما تورط اخيرا في قمع المتظاهرين السلميين والاعتداء عليهم اثناء المسيرة المطالبة بـرفع العقوبات الانتقامية من فتح تجاه قطاع غزة.