موضوع مقالتي اليوم قديم جديد، فهو مرض العصر، الذي تتداخل فيه الكثير من الأمراض والأعراض، التي حيرت علماء الطب القديم والحديث وما زالت، إنه  الصداع النصفي!

من منا لم يعان من ألم شديد في الرأس!؟ ماذا يحدث حين يؤلمك رأسك؟

لا زالت أسباب العديد من أنواع الصداع الأولية غير واضحة، إلا أن الأبحاث التي أجريت خلال الثلاثة عقود الماضية حول صداع الشقيقة وفرت لنا بعض الأجوبة الأولية لهذا النوع من الصداع.

حيث أشارت هذه الأبحاث أن صداع الشقيقة يرتبط بتغيرات في مستويات بعض المواد الكيميائية في الدماغ المعروفة باسم الناقلات العصبية. ومن بين هذه المواد الكيميائية هناك مادة تسمى ( السيروتونين ) الذي ينظم رسائل الألم إلى الدماغ. كما أن مستوى مادة أُخرى تسمى (الأندورفينات )- أي مسكنات الألم الطبيعية - قد يتغير أيضاً.

أي أن مثل هذه التغيرات في كيميائية الدماغ تُنشط العصب المثلث التوائم - وهو أحد الأعصاب الاثني عشر في الجمجمة ومسار رئيسي لوصول الألم إلى الدماغ - وهو ما يؤدي إلى توسع الأوعية الدموية في رأسك والتهابها. هكذا، تقوم الأطراف العصبية الخاصة التي تستجيب للألم (متقبلات ومنبهات الأذى وناقلاتها) ضمن هذه الأوعية الدموية بتنبيه الدماغ، فيحدث ما يسمى بصداع الشقيقة.

صداع الشقيقة ( الصداع النصفي )

يمتاز صداع الشقيقة بألم معتدل إلى وخيم. واللافت أن 60 في المئة تقريباً من المصابين بصداع الشقيقة يواجهون الألم في جهة واحدة من الرأس، فيما يعاني ال 40 في المئة الآخرون من الألم في جهتيّ الرأس. وقد يدوم صداع الشقيقة عند الشخص الراشد بين 4 ساعات و72 ساعة، لكن تواتر النوبات يختلف بين فرد وآخر. فقد يعاني بعض الأشخاص من نوبة الشقيقة مرتين كل سنة، فيما يعاني منها أشخاص آخرون مرات عدة خلال الشهر الواحد.

وألم الرأس هو في أغلب الأحيان جزء مما يعرف بالمركّب المتعدد الأعراض، لأن أعراضاً أخرى قد تكون موجودة أيضاً خلال صداع الشقيقة مثل الغثيان والحساسية للضوء والصوت. ويشعر بعض المرضى بحسّ شخصي يسبق النوبة. وهذا الحس الشخصي هو مجموعة من المشاعر تشمل بقعاً سوداء وأضواءً براقة في المجال البصري، إضافة إلى الدوار والخدر أو الإحساس بالوخز.

نظريات حول صداع الشقيقة

تمت دراسة صداع الشقيقة أكثر من كل أنواع الصداع الأخرى، وهناك عدد من النظريات المتنافسة حول السبب الفعلي لهذا الصداع. إلا أن بعض هذه النظريات أصبح قديماً جداً. فعلى سبيل المثال، ظن العلماء طوال أعوام عدة أن صداع الشقيقة ينجم عن خلل في الأوعية الدموية الكبيرة في الرأس. ومع مرور الوقت، تبيَّن أن هذه النظرية بسيطة جداً لشرح التعقيدات الموجودة في أنواع الصداع هذه.

وثمة نظريات أخرى قيد النشوء منها:

التهيج المفرط للدماغ: تفترض هذه النظرية أن عيباً وراثياً يسبب إطلاقاً شاذاً للناقلات العصبية في الدماغ. يفضي ذلك إلى ما يعرف بحالة من التهيج المفرط في الدماغ واستجابة شاذة لواحد أو أكثر من العوامل المحفزة.

مولّد صداع الشقيقة: ثمة نظرية حالية أخرى تتحدث عن أن الآليات التي تتحكم في الألم وتدفق الدم قد تتعرض للخلل، ما يجعل الخلايا العصبية فائقة الحساسية ويولّد ما سمّاه أحد العلماء "عاصفة أعصاب" في رأسك. في هذه الحالة، يمكن اعتبار دماغك بمثابة مولّد لصداع الشقيقة يتم تنشيطه بمأخوذ طبيعي من البيئة، مثل الأصوات أو الروائح.

منبّهات الصداع:

مهما كانت الآلية في دماغك التي تعتبر مسؤولة عن الصداع، فإن الاكيد دائما أن شيئاً ما في البيئة هو الذي ينبهها في أغلب الأحيان. ويمكن أن تكون المنبهات أي شيء تقريباً. فصداع الشقيقة قد ينجم عن:

1.  أطعمة معينة تختلف من شخص لآخر

2. أو تغيرات في الطقس

3. أو أنماط النوم

4. أو التعرض لأضواء ساطعة

5. أو روائح غير اعتيادية

ملاحظة هامة جدا:

 بالنسبة لانساء اللواتي يعانين من صداع الشقيقة، فان السبب الأكثر انتشارا هو انخفاض مستويات هرمون الأنوثة (الاستروجين).

طرق العلاج

1. يجب أن يجلس المريض في غرفة مظلمة ومحاولة الاسترخاء

2. على المريض تدليك المنظفة المصابة بالصداع باليدين دائريا باستخدام الزيوت خصوصا زيت النعناع الذي يعمل على تدفق الدماء للمنطقة المصابة فيخف الصداع

3. الجلوس في حمام ماء دافئ مع تبريد الرأس بغسله بالماء البارد

4. مضغ العلكة

5. يجب التخفيف او الامتناع إن أمكن عن تناول المنبهات مثل الكولا والقهوة والشاي

6. تناول حبة أكامول واحدة أو خليط من حبة أسبرين مع حبة أكامول

وأخيرا يجب أن نعلم أنه غالباً ما يكون اكتشاف مسببات الصداع مفيداً في ضبط حالة المريض. لكن يجب الفهم أن التعرف إلى المسبب ليس أمراً سهلاً مثلما يبدو. ويجد بعض الأشخاص فائدة في الاحتفاظ بسجل للصداع قد يكشف، مع مرور الوقت، الأنماط والعوامل التي يبدو أنها تسبب الصداع.

ودمتم بصحة وعافية

الدكتور بسام أبو ناصر

أمراض باطنية وصدرية

طبيب أُسرة