قائد الطوفان قائد الطوفان

يمنعون رفع الأذان فيها

في سجون الضفة.. زنازين أشبه بالقبور

الضفة الغربية – الرسالة نت

مساحة لا تتجاوز مترا ونصف.. ظلام دامس.. حشرات زاحفة.. تهوية معدومة.. لا أصوات تسمع سوى أصوات أبواب الزنازين وهي تفتح وتغلق على أسود خلفها، وقرقعات تأتي من بعيد.. عله صوت مفاتيح الفرج في طريقها إليهم.. يخيم الهدوء للحظات، وفجأة يعلو صراخ أحدهم من شدة الألم والضرب، وأصوات أخرى لأسود نسيتهم عقارب الساعة وهم على أعمدة الشبح الطويل حتى خارت قواهم..

 

باب الزنزانة مغلق بإحكام.. لا توجد أي طاقة لدخول الهواء سوا شق صغير أسفل الباب يدخل منه بعض جزيئات الهواء لتبقى على قيد الحياة.. مرة أخرى، يسمع صوت أحد الأسود وقف شامخا يرفع الأذان، في تحد لذئاب الغابة المتوحشة.. فرفع الأذان ممنوع في سجون سلطة الظلم والعدوان بالضفة.

 

وقف "ص" شامخا يرفع الأذان من داخل زنزانته، لتهتز أركان المكان، ويقف كل من خارت قواه على كلمة "الله أكبر" تستعيد الروح حلاوة الصبر والتحمل، ويتناسى كل معذب آلامه وجراحه، ويقف يردد مع صوت الأذان... تتلوه تكبيرات وأناشيد حماسية، تلهب النفوس، وترفع المعنويات، وتنخر في آذان السجان "سنبقى أبناء الحماس وان قتلتمونا"..

 

أشبه بالقبور

يقول "ص" الذي أفرج عنه من سجون الوقائي بالضفة مؤخرا:"كل ما يمكن أن يروى لن يكفي لأن يصف مدى الظلم الذي لاقيناه "تحت الأرض" في زنازين أشبه بالقبور، وضعت في زنزانة لا يتجاوز عرضها متر ونصف برفقة اثنين من الشباب، ولك أن تتخيل كيف نقضي وقتنا نحن الثلاثة في تلك المساحة الضيقة طيلة أيام وأسابيع طويلة".

 

ويتابع:"كانت تمر الأيام لا نعرف فيها متى تبزغ الشمس ومتى تغيب، لا نفرق بين ليل ونهار، كنت أحيانا أسمع صوت الأذان من بعيد، فأقف متحديا كل التهديدات، وأرفع الأذان من زنزانتي، فتشحذ همم كل الأخوة في الزنازين، وتعلو أصواتهم بعد أن غيبها الإعياء والتعب".

 

ويشير:"كنا في بعض الأيام نقف على أبواب الزنازين ونردد الأناشيد الحماسية، فيجن جنون السجانين، ولكننا نمضي في نشيدنا ولا نأبه لصراخهم وتهديداتهم، وكان كل واحد منا يرفع معنويات أخيه بالدعاء والكلام الطيب وترديد عبارات قادتنا وضرب الأمثلة لمن تحملوا التعذيب ونتف شعر اللحية وغيرها من جرائم السلطة بحق أبناء حركة حماس خلال التسعينات وخلال هذه المرحلة".

 

تعذيب وإهانة

"الرسالة" تلقت تأكيدات من عدد من المحررين من سجون السلطة بالضفة الغربية حول استمرار التعذيب فيها، وأكدت بعض الشهادات أن المحققين يتعمدون إهانة الأسير، حيث يتم التحقيق معه وهو جالس على الأرض بينما يجلس المحقق على كرسي أمامه.

 

يقول أحد المختطفين السابقين لدى السلطة لـ"الرسالة نت":"منذ اللحظة الأولى لاعتقالي ووصولي إلى السجن، انهال أربعة أشخاص علي بالضرب المبرح، لم أكن أعرف من أين أتلقى الضربات، لكمات في كل جسدي، وقعت على الأرض من شدة الألم، ولم يتوقفوا عن ضربي، بدأت أصرخ بأعلى صوتي علهم يتوقفون لكن ضرباتهم كانت تزداد، حتى ضربني أحدهم على رأسي.. فوقعت مغمى علي".

 

ويضيف:"لولا أنه أغمي عليه لاستمروا بضربي دون أي رحمة، لقد انتزع الرحمة من قلوبهم، لم أكن أدري لماذا يضربوني وماذا يريدون مني، لكني أدركت بعد أيام أن هذا أسلوبهم في الترحيب بالمختطفين الجدد".

 

ويقول آخر :"منذ وصولي إلى سجن الوقائي انهال علي أحد المحققين بالضرب، دون أي سبب، ودون أن يسألني أي سؤال، لقد كان يضرب وكأنه يضرب يهوديا، لم أستوعب ذلك الحقد الدفين في قلوبهم على أبناء الإسلام، بدأت أصرخ من قوة بطشه وضربه، فهو ضخم البنية ومتوحش بشكل كبير، وبعد ذلك تظاهرت بالإغماء حتى يكف عن ضربي..".

 

وأصيب عدد كبير من المختطفين لدى السلطة بأمراض وآلام مزمنة نتيجة التعذيب والضرب المبرح، وكسرت أضلاع العديد منهم، في الوقت الذي يدعي زعماء سلطة الضفة عن توقف التعذيب في سجونهم..!.  

البث المباشر