الرسالة نت - خلود نصار
يستثمر المدونون المساحة الحرة المتوفرة على الشبكة العنكبوتية (الانترنت)، في نشر أرائهم ومعتقداتهم الفكرية، وذلك في وقت حولت فيه التكنولوجيا العالم إلى قرية صغيرة.
وتتيح بعض مواقع الانترنت مساحة حرة للأفراد يطلق عليها "المدونات" للتعبير عن آرائهم إزاء بعض القضايا، لكن بعض تلك المدونات قد تحمل أفكارا مشوهة، الأمر الذي يثير التساؤل عن كيفية استثمارها ومدى حاجتها للرقابة.
و"المدونات" هي صفحات مجانية يمتلكها الأفراد، ويسجلون من خلالها انطباعاتهم وأفكارهم، والبعض يستخدمها كبطاقة تعريف يدون فيها يومياته أو إبداعاته، وتستخدم أيضا لأغراض النشر والدعاية، كما تحتوي على خاصيتين الصوت والفيديو.
مساحة حرة
أكثر الفئات تدوينا هي فئة الشباب، لأنها تبحث دوما عن تحقيق ذاتها وتقديم وجهات نظرها في مختلف القضايا كفئة هامة في المتجمع.
وأشارت الإحصاءات إلى أن عدد المدونيين في غزة والضفة العام الماضي بلغ 757 شخص، ويدخلها مليون وأربعمائة شخصية مشيرة إلى أن اغلب تلك المدونات هي أدبية وسياسية وثقافية.
وتعرف مراسلة لموقع (الجزيرة توك) هدى شبير، المدونة بأنها مساحة حرة مجانية يمتلكها العامة ويطرحون فيها آرائهم وأفكارهم، وهم من يتحملوا مسؤولية ما يدونون.
وأوضحت شبير التي تولي اهتماما بالغا بالتدوين، أنها لا تسلك اتجاها محددا في تدوينها،. مبينة أنه يحق لها التعبير عن وجهة نظرها إزاء العديد من القضايا التي تثير استفزازها.
أما المدون محمد أبو القمبز فأشار إلى إنه استطاع من خلال مدونته الخاصة التعبير عن آرائه وأفكاره بحرية تامة، وذلك لعدم وجود منابر حرة في قطاع غزة، حسب قوله.
ويرى أبو القمبز أن وسائل الإعلام الجديدة وفرت البيئية المناسبة للتعبير عن آراءه وأفكاره، مبينا أن مدونته تنموية تختص بقضايا الشباب وكيفية تغيير حياتهم.
وعما أضافت تجربة التدوين إليه، قال: من خلال كتاباتي المنتظمة عبر المدونة ونشر المقالات، تمكنت من إصدار كتابين حملا عنوانان : "جدد شبابك للتطوع"، "التواصل مع الآخرين".
ويتفق المدونان أبو القمبز وشبير على ضرورة وجود رقابة على المدونات، منتقدين نشر بعض المدونين أفكارا مغلوطة ومشوهة، واصفين تلك المحاولات بـ"دس السم في العسل".
وأظهرت دراسة لمركز بيركمان للانترنت والمجتمع في جامعة هارفارد في يونيو 2009 أن غالبية المدونين تحت سن 35، وأن معظم المدونين العرب من الشباب الذكور، حيث سجلت المغرب وسوريا أعلى نسبة ذكور بينما سجلت مصر أعلى نسبة من المدونات الإناث.
عملية قفز
وفي ذات السياق يذكر فريد أبو ظهير أستاذ الإعلام في جامعة النجاح الوطنية بنابلس أن للمدونات دور كبير في التعبير عن الرأي وإيصال الأفكار للجمهور، مشيرا إلى أن التدوين يمثل عملية قفز عن وسائل الإعلام التقليدية المقيدة.
ومدح أبو ظهير المدونات التي وصفها بأنها حقل مميز للتعبير عن الرأي، موضحا أنها استطاعت التأثير على الرأي العام شأنها في ذلك شأن وسائل الإعلام.
وقال : شكلت المدونات إضافة نوعية وفضائيات واسعة عن الوسائل التقليدية كالتلفزيون والراديو والمجلة"، معتبرا أن المدونات في العالم الثالث تشكل مقدمة لمساحة أوسع في حرية التعبير عن الرأي.
ولفت أستاذ الإعلام إلى أن المدونات قد تشكل ثورة إعلامية حال وجدت طريقها للجمهور.
وبشأن عدم وجود رقابة على المدونات، أشار أبو ظهير إلى أن الرقابة تعتبر سيف ذو حدين، خاصة أنها قد تتسبب بأذى للمدونين وتمنعهم من التعبير عن آرائهم وأفكارهم، مستدركا: يمكن أن تشكل تلك المدونات جانبا إيجابيا إذا ما شكلت رادعا داخليا لدى الكتاب فتمنعهم من الخوض بما فيه فساد فكري للقراء".
وأضاف : يجب على المدونين الالتزام بأخلاقيات المهنة التي تمنعهم من نشر الفساد الفكري، نظرا لأن الانترنت لا يوجد عليه رقيب وليس لديه أية قواعد أخلاقية"، مبينا أن المدونات تبقى عرضة للانتقاد، لأن بعض المدونين يسيئوا لحرية التعبير ويستثمرونها بشكل خاطئ".
وتجدر الإشارة إلى أن مجموعة من الإعلاميين والأكاديميين الغزيين ، اعتبروا أن ثورة المدونات على شبكة الانترنت ضرورة ملحة يجب التعامل معها واستغلالها فيما يخدم القضية الفلسطينية بوجه عام والقضايا المصيرية بوجه خاص والتي من الممكن أن تحقق نجاحاً ملموسا إذ وضع المدون بعين الاعتبار مخاطبة العالم الخارجي بلغات أخرى غير العربية.