مكتوب: أصدقاء الشهيد "السطري" يفتقدون حارس مرماهم

الشهيد السطري
الشهيد السطري

غزة – مها شهوان 

انفض عزاء الشهيد الفتى مجدي السطري – 15 عاما – ولم يتبق من الجموع سوى أصدقاءه الذين اعتادوا لعب كرة القدم عصر كل يوم خلال إجازتهم الصيفية، بقوا يمررون الكرة بينهم لكن ببطء شديد.

فهنا صديقه "يوسف" يمررها إلى "سيف"، بينما الأخير يبحث عن "مجدي" ليشتت انتباهه كالعادة ويحرز هدفا في مرماه، لكن هذه المرة كان المرمى فارغا تصوب فيه أهداف دون أن تحسب فالحارس بات "شهيدا".

فعلا لقد رحل جسد "مجدي" لكن روحه بقيت تحلق حول رفاقه بين أزقة مخيم "الشابورة" في مدينة رفح، فهو اعتاد بصحبتهم القفز بين الشوارع الضيقة يغنون تارة، ويقذفون "كرة القدم" تارة اخرى حتى يصلوا إلى ساحة صغيرة يمارسون فيها لعبتهم المفضلة.

الجمعة الماضي، كانت اللعبة الأخيرة للشهيد "مجدي" برفقة أصدقائه، دون أن يحرزوا هدفا واحدا في شباكه هذه المرة، وبقي مسيطرا حتى أذان الظهر، أنهوا لعبتهم وتوجهوا لبيوتهم يتجهزون لصلاة الجمعة في المسجد، وبعدما فرغوا من صلاتهم عادوا لتناول الغداء.

خرج الفتى الشهيد بعد تناول غدائه، مسرعا إلى بيت صديقه محمد أبو شرخ، لكنه كان نائما، فطلب من والدته إخباره أنه جاء ليصالحه بعدما أثقل معه في المزاح قبل أيام، ثم طار مسرعا ليلحق بأحد الباصات للذهاب إلى الحدود حيث مسيرات العودة السلمية وذلك للمرة الأولى.

لم يغب "مجدي" طويلا حتى جاء نبأ استشهاده، فجع أصدقاؤه الصغار فهو كان في الصباح يلهو معهم ويحلم أن يكون حارسا لمرمي نادي "يوفينتوس" الإيطالي، يحكي صديقه "محمد" "للرسالة" أنه صدم كثيرا من الدم الذي غطى وجه الشهيد، فهو لم يكن يحب الدماء ويخشى أن يجرح جرحا بسيطا، ويبتعد كثيرا عن الأماكن التي قد يصاب بها.

قاطعه صديقه "يوسف أبو حميد"، قائلا:" قبل أسبوعين كنا نلعب كرة القدم ومرت جنازة لشهيد في المخيم الذي نسكنه تأثرنا كثيرا وسألنا بعضنا كيف يشعر الشهيد (..) ثم اقترحنا بعدما تمضي الجنازة أن نقلدها ونحمل شهيدا على الأكتاف، طلبنا من أحد الأصدقاء التمثيل لكنه رفض أن يسقط أرضا وتؤلمه الأشواك، فأبدى "مجدي" الموافقة بشرط أن يلف بعلم فلسطين وألا يضحكه أحد".

ويكمل "يوسف" سرد الحادثة:" لم نلتزم بما طلبه الشهيد، كنا ندغدغه ونضحكه كثيرا وهو يحاول ألا يضحك (..) طفنا في المكان قليلا وهو محمول على الأكتاف ومن ثم طلب منا أن ينزل لنكمل لعبتنا قبل أن تغيب الشمس".

وبحسب الأصدقاء، أنهم لم يذهبوا يوما إلى الحدود حتى لا يصابوا رصاص الاحتلال، قد يودي إلى بتر أطرافهم كبقية الصغار الذين غدرتهم طلقات الاحتلال التي تعمدت قنصهم.

ويحكي "يوسف" أن "مجدي" جاءه في المنام معاتبا إياه لعدم سيره في جنازته، لكن عدم تصديقه لحقيقة استشهاد صديقه هو ما دفعه لذلك فقد فضل البقاء صامتا وهرب إلى بيته.

خلال حديث "الرسالة" مع أصدقاء الشهيد، كان "سيف السطري" ينصت حتى قرر الحديث قائلا " كنت مصور الفيديو التمثيلي لاستشهاد مجدي، لكني لم أتوقعه شهيدا (..) كنت اتمنى لو أننا لم نقم بذلك وبقي صديقنا يلعب معنا حتى اليوم".

ويمضي بالقول:" صحيح كنت بمثل معهم دور المصور الصحفي، لكنني لم أتوقع أن يتحول التمثيل إلى حقيقة، لدرجة أن العلم الذي لف فيه "مجدي" هو ذاته الذي شيع فيه إلى مثواه الأخير".

ولتبقى ذكرى صديقهم خالدة بينهم، جمع أصدقاء الشهيد بضعة "شواقل" من مصروفهم الشخصي وصمموا قبعة تحمل صورة "مجدي" وشعار "راجعين ع بلادي" ستبقى على رؤوسهم حتى يحققوا أحلامهم التي خططوا لها.

ورغم أن حديث الأصدقاء عن "مجدي" لم ينته، فبعضهم لايزال غير مصدق أنه لن يطرق بابهم بعد اليوم للعب، تركتهم "الرسالة" وعيونهم مصوبة نحو باب بيت الشهيد عله يخرج إليهم "بالكورة" للعب معهم.

البث المباشر