تواصل السلطات الإسرائيلية المحتلة، للأسبوع الخامس، حصارها البحري على قطاع غزة، عبر تقليص مسافة الصيد إلى 3 أميال بحرية قبالة شواطئ القطاع، الأمر الذي تسبب في تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للصيادين، وتكبيدهم خسائر طائلة، جراء تقييد حركتهم وحرمانهم من الوصول إلى المناطق التي تتكاثر فيها الأسماك.
ووفق تقرير "المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان"؛ فقد خلف تقليص مسافة الصيد البحري خسائر فادحة لحقت بنحو 4000 صياد، و1500 من العاملين في المهن المرتبطة بالصيد البحري في قطاع غزة؛ حيث حُرم الصيادون من الإبحار لمسافة تزيد عن 3 أميال بحرية وممارسة عملهم الاعتيادي، فيما مارس عدد محدود من الصيادين العمل داخل المسافة التي حددتها السلطات الصهيونية المحتلة، والتي لا تتكاثر فيها الأسماك.
ووفقاً لمتابعة المركز؛ فقد انخفضت كمية الإنتاج السمكي إلى أقل من 70% مقارنة بالمدّة التي سبقت تشديد الحصار وتقليص مسافة الصيد البحري، وقد انعكس ذلك سلباً على الأوضاع المعيشية لأسر الصيادين والعاملين في المهن المرتبطة بالصيد البحري، ويقدر عددهم بنحو 30.000 فرد.
وأفاد نزار عياش، رئيس النقابة العامة للصيد البحري في قطاع غزة، لباحث المركز بأن "استمرار العمل بسياسة الحصار البحري وتقليص مسافة الصيد على امتداد شواطئ قطاع غزة انعكس بشكل كارثيّ على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية لنحو 4000 صياد، و1500 من المرتبطين بمهنة الصيد من عمال ومهنيين وهواة صيد يعملون في قطاع غزة، وذلك على اعتبار أن مسافة الـ 20 ميلًا بحريًّا، هي المسافة المجدية للصيادين، والتي تتكاثر فيها الأسماك.
وأضاف عياش أنه بسبب سياسة تقييد حركة الصيادين في مياه غزة، تراجعت كميات الإنتاج السمكي إلى أقل من النصف مقارنةً بالمدّة التي سبقت القرار الإسرائيلي بتقليص مسافة الصيد البحري".
وتزامنت إجراءات تقليص مسافة الصيد البحري إلى 3 أميال بحرية مع الاعتداءات المستمرة ضد الصيادين الفلسطينيين في مياه غزة؛ فقد وثق المركز خلال تلك المدّة وقوع نحو 40 اعتداءً ضد الصيادين الفلسطينيين، كان آخرها ملاحقة الزوارق البحرية الصهيونية عند الساعة 8:00 من صباح اليوم الأحد، الموافق (12-8-2018)، قوارب صيد فلسطينية كانت تبحر على مسافة تقدر بنحو ميلين بحريين قبالة منتجع الواحة شمال محافظة غزة؛ حيث فتحت نيران أسلحتها الرشاشة تجاه القوارب، وحاصرت أحدها، واعتقلت 5 صيادين منهم طفل، كانوا على متنه، واحتجزت قوات البحرية قارب الصيد.
والصيادون المعتقلون هم: ناصر فضل بكر (55 عامًا)، وشقيقه حسن فضل بكر (32 عامًا)، وياسر ناصر بكر (26 عامًا)، وشقيقه الطفل مبارك (15 عامًا)، وشقيقه فضل (19 عامًا)، وجميعهم من سكان محافظة غزة.
هذه الانتهاكات هي امتداد للعقوبات الجماعية ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، والتي تستهدف في جانبٍ منها التضييق على الصيادين وحرمانهم من مزاولة أعمالهم بحرية، تستهدف كذلك القانون الدولي لحقوق الإنسان، والخاص بحماية حياة السكان المدنيين واحترام حقوقهم، بما فيها حق كل إنسان في العمل، وحقهم في الحياة والأمن والسلامة الشخصية، وفقاً للمادتين الثالثة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والسادسة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، رغم أن إسرائيل طرف متعاقد في العهد.
وأكد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أن القرار الإسرائيلي بتقليص مسافة الصيد البحري يمس الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للصيادين الفلسطينيين، ويمثل انتهاكاً للحق في العمل وفقاً للمادة السادسة من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. كما تمثل الاعتداءات الإسرائيلية ضد الصيادين انتهاكاً سافراً لقواعد القانون الإنساني الدولي.
وطالب المركز سلطات الاحتلال بالتراجع الفوري عن قرار تقليص مسافة الصيد البحري، وتمكين الصيادين من ممارسة أعمالهم بحرية، خصوصاً وأنهم لا يمثلون خطراً على السلطات المحتلة.
كما طالبها بتعويض الصيادين الفلسطينيين عن الخسائر التي لحقت بهم جراء سياسة الحصار وتقليص مسافة الصيد البحري.
ودعا المركز إلى الوقف الفوري لسياسة ملاحقة الصيادين، والسماح لهم بركوب البحر وممارسة عملهم بحرية تامة، مطالبًا بإطلاق سراح الصيادين المعتقلين والإفراج عن أدوات الصيد المحتجزة لدى سلطات الاحتلال.
كما دعا المركز الفلسطيني المجتمع الدولي للضغط على السلطات الإسرائيلية المحتلة لإنهاء الحصار البحري الذي أدى إلى تدهور الأوضاع المعيشية للصيادين وعائلاتهم، ووقف الانتهاكات التي ترتكبها بحق الصيادين الفلسطينيين في قطاع غزة.