تواصلت ردود الأفعال العربية والدولية والحقوقية المنددة بقرار الولايات المتحدة الامريكية الانسحاب من تمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
فقد قالت اللجنة العربية الدائمة لحقوق الانسان التابعة لمجلس الجامعة العربية "إن الغاء وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" سيعزز من حالة التطرف والإرهاب العنيف ويعد استفزازا لمشاعر المسلمين والعرب، وسيؤدي لتهديد الأمن والسلام الدوليين".
وأوضح رئيس اللجنة أمجد شموط في تصريح صحفي أنه يجب على الدول العربية التحرك السريع والضغط على المجتمع الدولي، من أجل تثبيت حق الفلسطينيين، مطالبًا بمزيد من الضغط على الولايات المتحدة الأميركية لاستمرار دورها في دعم الوكالة الأممية وعدم الانسحاب.
ودعا المجتمع الدولي إلى الاضطلاع بمسئولياته والشرعية الدولية، من خلال دعم وكالة "الأونروا" سياسيا وماديا حتى تواصل تقديم خدماتها للشعب الفلسطيني المنكوب.
وشدد شموط على أهمية استمرار الوكالة في غداء عملها لتذكير المجتمع الدولي أن هناك شعب مغتصب حقوقه ومحتل اراضيه من قبل إسرائيل السلطة القائمة بالاحتلال والعالم يتقاعس في تقديم حقوقه.
وكشفت صحف ومصادر رسمية أمريكية قبل يومين أن إدارة ترمب قررت وقف التمويل عن "أونروا" بشكل كامل.
المنظمة العربية
من جهتها قالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا أن قرار الإدارة الأمريكية بوقف تمويل وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا) هو اعتداء جسيم على حقوق الشعب الفلسطيني ومشاركة في جرائم وممارسات الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين.
وأشارت المنظمة في بيان صحفي إلى أن هذا القرار جاء بعد أسبوع من إعلان الإدارة الأمريكية نيتها خفض 200 مليون دولار من أموال الدعم الاقتصادي الفلسطيني لبرامج في الضفة الغربية وقطاع غزة، بالإضافة إلى قرار سابق بخفض تبرعات (أونروا) من 365 مليون دولار إلى 65 مليونًا فقط تم دفعهم بداية العام الجاري.
ولفت إلى أن هذا ما عطل العديد من خدمات الوكالة العادية والطارئة ووضعها في أزمة مالية ضخمة أثرت على برامجها وعلى العاملين بها.
وبينت أن (أونروا) تقدم الدعم لما يقارب من 5.9 مليون لاجئ فلسطيني متواجدين في الضفة وغزة ولبنان والأردن وسوريا هم في الأصل أحفاد لما يقارب 700 ألف فلسطيني اضطروا للنزوح من ديارهم عام 1948. وأشارت إلى أن أوضاع هؤلاء اللاجئين الاقتصادية والمعيشية سيئة للغاية وسيؤدي القرار الأمريكي إلى تفاقم أزمتهم في حال لم يعوض الدعم الأمريكي.
وعبرت عن دهشتها من أن هذه القرارات تستهدف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية، بينما ما تقدمه الإدارة الأمريكية من دعم للأجهزة الأمنية الفلسطينية لم يمس مطلقًا.
وأكدت أن القضية الفلسطينية هي قضية عادلة لا يمكن أن تتأثر بقطع دعم مادي، وأن الفلسطينيين ليسوا بحاجة إلى هذا الدعم، فهناك 167 دولة عضو في الأمم المتحدة تدعم الوكالة.
وأضافت أنه على الرغم من اعتبار أمريكا داعمًا رئيسًا لوكالة (أونروا) إلا أنه لا يتساوق مع المليارات السنوية التي تقدمها كدعم لـ "إسرائيل" أو حتى ما تجمعه المنظمات الصهيونية من تبرعات لدعم الاستيطان مستفيدة من الاعفاء الضريبي.
ونوهت إلى أن تبرعات أمريكا (لأونروا) في الفترة من عام 1950-1989 بلغت حوالي 1473 مليون دولار وفِي الفترة 1990-2017 تراوح الدعم بين 59 الى 359 مليون دولار سنويًا، وهي مبالغ هزيلة مقارنة بما تقدمه الحكومة والمنظمات المختلفة من دعم لـ "إسرائيل" منذ إنشائها.
وأكدت أن الدعم الأمريكي يمكن تعويضه مع وجود الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء كثاني أكبر داعم (لأونروا) تليه الدول العربية التي يجب عليها أن ترفع حصصها لحل الأزمة، كما يتوجب على منظمة التعاون الإسلامي تقديم ما يلزم للقضاء كليًا على تداعيات القرار الأمريكي.
وشددت على أن خطورة القرار لا تكمن في أبعاده المادية إنما السياسية، حيث أنه يهدف للقضاء على الشاهد الرئيس على نكبة الشعب الفلسطيني، وبالتالي تفكيك المخيمات وتصفية حق العودة في إطار ما يسمى "صفقة القرن".
وقالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان إن" هذه الخطوة وما سبقها من خطوات خطيره بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل ما كانت الإدارة الأمريكية لتقدم عليها لولا دعم بعض الدول العربية وتقاربها الذي أصبح مكشوفًا مع إسرائيل".
حزب العدالة التركي
من جهتها قال حزب "العدالة والتنمية" التركي إن قرار واشنطن وقف مساعداتها عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، خطوة اتخذت من أجل دفع الأمور نحو الأسوأ.
جاء ذلك في سلسة تغريدات نشرها المتحدث باسم الحزب عمر جليك، عبر حسابه على "تويتر"، واصفًا الخطوة بأنها "أسوأ قرار".
وأضاف أن "القضية الفلسطينية هي أم كل القضايا، وكل خطوة تمنع التوصل إلى حل عادل لها تؤثر على العالم كله. للأسف الإدارة الأمريكية لا تدعم الحل".
واعتبر "جليك" قرار الإدارة الأمريكية بقطع التمويل عن الوكالة التي تلبي الاحتياجات الأساسية للشعب الفلسطيني، أنه "نهج يثير زيادة الفوضى في المنطقة والعالم"، موضحًا أن الخطوة المتخذة من قبل الإدارة الأمريكية أحبطت الجهود الرامية للبحث عن حل عادل.
وتابع "كما هو الحال في القدس، يجب على العالم كله أن يتضامن ضد هذا القرار الظالم، وأفضل رد على ذلك هو زيادة المساعدات المالية لأونروا".
واختتم بالقول "الآن هو الوقت المناسب لاتخاذ العالم موقفًا داعمًا للعدالة السياسية والشرعية، في مواجهة القرار غير المشروع للإدارة الأمريكية، كل مساعدة للفلسطينيين هي بمثابة اتخاذ خطوة لتحقيق العدالة السياسية".
وتعاني الوكالة الأممية من أكبر أزمة مالية في تاريخها، بعد قرار أمريكي، قبل أشهر، بتقليص المساهمة المقدمة لها خلال 2018، إلى نحو 65 مليون دولار، مقارنة بـ 365 مليونًا في 2017.
منظمة التعاون الإسلامي
من جهتها أعربت منظمة التعاون الاسلامي عن أسفها لقرار الولايات المتحدة الأمريكية وقف مساهماتها المالية لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، مما سيسهم في تفاقم معاناة اللاجئين الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية.
وأكد الامين العام للمنظمة يوسف العثيمين في بيان صحفي، على أهمية استمرار وكالة "أونروا" بالقيام بدورها الحيوي والمهم، وفق الولاية الممنوحة لها من الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأشار إلى أن وكالة "أونروا" تمثل شاهدًا دوليًا على استمرار معاناة اللاجئين الفلسطينيين، وتأكيدًا على التزام المجتمع الدولي تجاه مساعدتهم، ودعم حقوقهم الثابتة، والإبقاء على قضيتهم حيوية وفاعلة ضمن مسؤولية الأمم المتحدة.
ودعا العثيمين جميع دول العالم إلى الاستمرار في تحمل مسؤولياتها وزيادة الدعم والمساعدات المالية المقدمة لوكالة "أونروا" بما يسهم في تمكينها من مواصلة خدمة هذه الشريحة الكبيرة من أبناء الشعب الفلسطيني.
على الصعيد نفسه قال وزير شؤون الشرق الأوسط البريطاني، أليستر بيرت إن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" قوة ضرورية في المنطقة للاستجابة الإنسانية وتحقيق الاستقرار.
جاء ذلك تعقيبًا من الوزير البريطاني على قرار الولايات المتحدة الانسحاب من تمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
وأشار الوزير بيرت إلى أن "أونروا" تقدم يوميًا خدمات حيوية لملايين اللاجئين الفلسطينيين.
وأضاف "تظل المملكة المتحدة البريطانية ملتزمة بدعم الأونروا، واللاجئين الفلسطينيين في أنحاء الشرق الأوسط، وسوف نبذل كل ما باستطاعتنا للحفاظ على استمرارية تقديم الخدمات الضرورية في هذا الوقت".
وكانت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية هيذر ناورت قد قالت في بيان سابق لها، بحسب ما أوردت "رويترز"، إنّ "نموذج عمل أونروا وممارساتها المالية، عملية معيبة بشكل لا يمكن إصلاحه".
وأضافت "راجعت الإدارة المسألة بحرص وخلصت إلى أنّ الولايات المتحدة لن تقدّم مساهمات إضافية لأونروا". وقالت إنّ "توسع مجتمع المستفيدين أضعافاً مضاعفة، وإلى ما لا نهاية، لم يعد أمراً قابلاً للاستمرار...".
يأتي ذلك بعد أسبوع من إعلان إدارة الرئيس دونالد ترمب، أنّها ستخفض 200 مليون دولار من أموال الدعم الاقتصادي الفلسطيني، لبرامج في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ودفعت الإدارة الأميركية 60 مليون دولار لـ "أونروا"، في يناير/كانون الثاني، لكنها حجبت 65 مليونًا أخرى بانتظار مراجعة للتمويل، من أصل تعهد قيمته 365 مليوناً للعام.