قائمة الموقع

مكتوب: بأطفال "النطف المهربة" .. الأسرى يتحدون مؤبدات الاحتلال

2018-09-04T09:00:44+03:00
صورة أرشيفية
غزة- ياسمين عنبر

خمسة عشر عامًا قضى الأسير "عمار الزبن" في زنزانته وما زالت ضحكات القاضي بمكر ودهاء تتردد على ذاكرته كلما ارتد صدى صوته في أذنيه حين صرخ: "انسى حلمك انه يكون لك ولد".

كما كان يتخيل كثيرًا لو أن له ولدًا يحمل اسم صديقه ورفيق دربه "مهند الطاهر"، الذي قضى نحبه في إحدى العمليات التي شاركه فيها.

خمسة عشر عامًا وكلمة "بابا" تزور خياله فيسعد قلبه، ويقطع سعادته بخياله الجدران الأربعة التي تحاصره وتشدد قيده وخناقه.

ظلت الأحلام تحوم حول قلب الأسير "عمار الزبن" بعد أن حكم ستة وعشرين مؤبدًا وخمسة وعشرين عامًا، إلى أن قرر وزوجته أن يهرب نطفة له من داخل سجنه، وتقوم هي بعملية التلقيح والزراعة في مركز للإخصاب في نابلس.

ستة أعوام هي المدة التي فصلت بين طلب زوجة "الزبن" لمركز الإخصاب أن يجروا لها عملية زراعة، وبين تسلم الموافقة من المركز وتهيئة الظروف الاجتماعية والاستفسارات الشرعية.

بعد ست أعوام أجرت "الزبن" العملية فأنجبت "مهند" ليكون أول سفير للحرية، كما كان بوابة الأمل للأسرى جميعهم ولكل من يريد أن يتحدى السجان وسلاسل القيد.

واحد وستون طفلًا أنجبوا عن طريق النطف المهربة من داخل السجون، كان آخرهم "دانيال" وهو طفل الأسير محمد طحاينة من بلدة السيلة الحارثية في جنين، المحكوم بالسجن 19 ﻋﺎﻣًﺎ وقد قضى منها 16 عامًا.

اما زوجة الأسير "طحاينة" فلم تستطع أن تصف شعورها لـ"الرسالة"، اكتفت بقولها: "دانيال أنسانا عناء سنين طوال في المعابر والزيارات والحواجز والتفتيش.. رحلة طويلة عوضنا الله بعدها بدانيال ليهون علينا كل المصاعب".

"دانيال" ولد بطريقة طبيعية في المستشفى العربي التخصصي في نابلس، بعد نجاح تهريب نطفة من داخل سجن النقب حيث يقبع "طحاينة".

ترى الزوجة أن صمود زوجها ورحلة صبره قد تكللت بهدية ربانية بعد الشقاء الذي لاقاه، كما أنها ترى ولادة طفل لأب أسير منذ ستة عشر عامًا هو رسالة تحدٍ وعزيمة ورسالة للعالم كله أن الأسرى رغم كل ما يعانوه إلا أنهم كسروا القيد وتحدوا مرارة السجان.

"الأسرى يعلنون حبهم للحياة واستمرارهم في استرداد حقوقهم رغم كل المضايقات"، تحكي "الطحاينة" وتكمل: "باختصار هذا انتصار على إسرائيل وما تدعيه من ارتفاع مستوى التكنولوجيا التي تمتلكها".

وفي دراسة لوزير الأسرى السابق "عيسى قراقع" قال إن هذا الإنجاب يعد إنجازًا كبيرًا، وتحدياً للظروف القاسية التي يعيشها الأسرى الفلسطينيون في زنازين الاحتلال، فهي أقوى رسالة حياة.

"ثورة التحدي الإنساني" هكذا وصفها "قراقع"، كما اعتبرها اختراقاً لكل أشكال العزل والظروف الصعبة والقاسية التي يعيشها الأسرى، ورسالة للعالم فحواها: "إننا نحب الحياة ولا نريد سوى أن نعيش كبشر لنا أطفال وبيت وعائلة، وهذا هو هدفنا الإنساني والوطني والنضالي".

 ويرى قراقع أن الإنجاب بالنطف المهربة يثبت الأسير أنه إنسان له الحق في الحياة والحرية، ردًا على كل أشكال التعسف الإسرائيلية التي تسعى إلى تجريده من إنسانيته وتشويه صورته.

 حيث يعتبر الأسير في طفله القادم نبض حياة متجددة في الوقت الذي تقوم به إسرائيل بقتل واعتقال الأطفال الفلسطينيين، وهي رسالة أخلاقية من الأسرى بامتياز كما يقول "قراقع".

وبحسب مركز رزان لزراعة أطفال الأنابيب، فإن أكثر من 50 زوجة أسير استطعن إنجاب واحدًا وستين مولودًا بواسطة تهريب النطف.

اخبار ذات صلة