تزيد السياسات الدولية وإجراءات السلطة من خنق القطاع وتشديد الحصار عليه حتى طال الأمر القطاع التجاري الذي شهد تراجعا كبيرا في الحركة ما أدى لإغلاق الكثير من المحال فيما بات عدد كبير من التجار مهددا بالحجز على ذمم مالية بسبب تراكم الشيكات والديون.
ويعاني قطاع غزة منذ عام ونصف من تزايد العقوبات المفروضة من الاحتلال والسلطة الفلسطينية، التي تمثلت بتقليص الرواتب وقطعها عن غالبية موظفي السلطة الفلسطينية، وهو ما انعكس على كل القطاعات وتسبب بكساد وشلل في كل المناحي الاقتصادية.
التاجر محمود مطر خريج إدارة أعمال أغلق محله في بداية تصاعد الأزمة على غزة، حيث بدأت معاناته بسبب قلة المبيعات وبدأ المالك بالضغط عليه لدفع ايجار المحل، ليقول "للرسالة" يوجد لدي بضائع لكن لا يوجد مشترون.
التاجر البالغ من العمر 29 عاما يتابع: في الأشهر الثلاثة الأخيرة اضطررت لتغطية تكاليف الإيجار من جيبي الخاص لذا اختصرت الطريق وأغلقته، موضحا أن الأيام كانت تمر دون بيع مقابل التزامات ومصاريف شحن وضرائب.
وكغيره من الباعة لا يوجد دخل للتاجر مطر سوى محله التجاري وبالتالي انتقل الآن لصفوف العاطلين عن العمل، علاوة على تراكم الديون عليه.
يشار إلى أنّ هناك العديد من أوامر الحبس لعدد كبير من المواطنين نتيجة تعثر حالتهم التجارية والمادية، إضافة إلى زيادة الشيكات المرجعة (أصبحت 10% من إجمالي الشيكات مقابل 6% سابقًا) وهذه جميعها خفضت من القدرة الشرائية التي أثرت على الحركة التجارية ونشاط الأسواق.
حال التاجر م. س ليس بأحسن من سابقه الذي تعرض للملاحقة القضائية بسبب قضايا الذمم المالية بعد اغلاق محله.
بدوره قال التاجر على السويركي صاحب محل تالا للأطفال إن هناك ضعفا في الحركة التجارية في الأسواق، فيما تراكمت الديون على التجار بسبب الاغلاق الاخير للمعابر لمدة 35 يوماً والتي تزامنت مع موسمي العيد والمدارس.
وأكّد لـ"الرسالة" أنّ الكثير من المواطنين باتوا يلجئون لشراء المواد الأساسية فقط من الأغذية والمستلزمات، موضحًا أنّ حالة الأسواق في القطاع لم يسبق لها مثيل.
رئيس جمعية رجال الاعمال الفلسطينيين بغزة على الحايك ذكر أنه من الصعب الحديث عن احصائيات لعدد التجار الذين عانوا من آثار الحصار كونهم يسعون لحل قضاياهم بشكل فردي خوفا من التشهير بهم، منوها إلى أن الخسائر تعود لإغلاق المعابر ومنع دخول المواد الخام، بالإضافة لارتفاع التكلفة بسبب انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة، علاوة على منع التصدير.
وبحسب الحايك فإن القطاع الخاص يعاني الانهيار بسبب اغلاق آلاف المنشئات، بالإضافة للآلاف من القضايا المرفوعة على التجار ورجال الأعمال بسبب حجز بضائعهم في الموانئ (الإسرائيلية).
من جانبه أكد ماهر الطباع رئيس العلاقات العامة في غرفة تجارة وصناعة غزة، أن الأوضاع الاقتصادية التي يمر بها القطاع أدت لتراجع كبير في الحركة التجارية لدى التجار الفلسطينيين في الأسواق، موضحاً أن ذلك بسبب تراجع القدرة الشرائية لدى المواطن في غزة.
وأشار أن هذا الانعدام انعكس سلباً بانخفاض في الحركة التجارية، مما أدى لإغلاق الكثير من المحلات التجارية وتراجع البيع، بسبب تراكم الديون على التاجر من الايجار والكهرباء بالإضافة الى النفقات التشغيلية.
وفي ذات السياق قال الطباع لا توجد هناك حلول لهذه الأزمة الا الحل السياسي ورفع الحصار عن القطاع الذي وصل إلى أسوأ أوضاع اقتصادية ومعيشية وإنسانية لم يسبق له مثيل منذ عقود.
وبحسب الاحصاءات فقد تجاوزت معدلات البطالة 49%، وبلغ عدد العاطلين عن العمل ربع مليون شخص، وارتفع معدل البطالة عام 2017 بين الأفراد 20-29 سنة والحاصلين على مؤهل دبلوم متوسط أو بكالوريوس في قطاع غزة إلى 73%، وتجاوزت معدلات الفقر 53%.
وشهد قطاع غزة الشهرين الماضيين تراجعا أكبر في القدرة الشرائية لدى المواطنين بفعل الإجراءات العقابية التي اتخذتها السلطة الفلسطينية ضد قطاع غزة منذ ابريل العام الماضي، وازدادت في نفس الشهر من العام الجاري