قائد الطوفان قائد الطوفان

مكتوب: الشهيد عفانة لأمه: هذه الجمعة الأخيرة لي

شهيد
شهيد

الرسالة نت - محمود فودة

لو أخذت والدة الشهيد هاني عفانة كلامه على محمل الجد لما تركته يخرج من البيت بعد أن ودعها بابتسامة لم تعهدها على هاني الذي أخبرها أن هذه الجمعة ستكون الأخيرة له، فيما اتجه للمشاركة في مسيرات العودة وكسر الحصار شرق مدينة رفح.

ومثل كل جمعة، تناول هاني البالغ من العمر "22 عاما" طعام الغداء برفقة أمه في منزلهم بمخيم الشابورة وسط مدينة رفح الذي تربى هاني في أزقته، فيما كانت نافذته الزرقاء تطل على حوائط المخيم المهترئة الممتلئة بالشعارات الوطنية، فيما ضجت مسامعه بحكايات الألم التي أخرجها الحصار، فكان ملزما بالمشاركة في مسيرات الحدود.

وفي الجلسة العائلية المعتادة بعد الفراغ من تناول غداء الجمعة، اقترب هاني من أمه قائلا لها: "هذي الجمعة الأخيرة يمه"، التي استفسرت مسرعة لتطمئن قلبها: "قصدك عن مسيرات العودة يا هاني، إنها خلصت يعني؟"، ليرد عليها ويزيد من قلقها: "لا يمه آخر جمعة إلى أنا"، إلا أنها أبعدت شبح تبعات الإجابة عن قلبها وعينيها بقولها إنه يشارك في كل جمعة ويعود سالما، ولن تختلف هذه المرة عن سابقاتها.

تعلم أم هاني جيدا أن ولدها كان متعلقا بابن عمه جمال الذي ارتقى في بدايات مسيرات العودة، وزاد تعلقه بعد استشهاده، وكان كثيرا يذكره، ويقدم اعمالا خيرية ويهديها لروحه الطاهرة، وهذا ما زاد قلقها من أن يسعى هاني للحاق بابن عمه.

وتقول في حديثها لـ"الرسالة": "ابني هاني شايل هم القضية، دايما يحكي عن الشهداء والأسرى والجرحى، بحب سيرة الشهداء، وحاطط صورهم في غرفته، وتأثر كثيرا باستشهاد ابن عمه جمال، وهو اليوم لحق به شهيدا".

وتخبرنا والدة الشهيد أن ابنها كان يحب الحياة أيضا، فكان يعتني بمظهره كثيرا، ويهتم بالتحضير للمناسبات الجميلة في العائلة، كما أنه المخطط الأول لكافة الرحلات العائلية، سعيا منه لإظهار الفرح على وجوه الجميع.

لم تستطع ان تتحدث والدة الشهيد عن ابنها كثيرا، فقد كانت بانتظار قدومه للمرة الأخيرة لمنزل العائلة، بعد ان حقق أمنيته باللحاق بابن عمه الذي كان يلبس حين استشهاده بلوزة طبع عليها صورته، وصدق كلامه بالدم حينما أخبر امه بأنها الجمعة الأخيرة له، فأجابت: "روحوا أسألوا أي حد بقابلكم بشوارع الشابورة عن هاني، راح تلاقوا المحبين الكثار إله".

عاد هاني بعد انتهاء جمعة "المقاومة خيارنا" إلى أزقة المخيم، والنظرات الشاحبة لأطفاله، وعيون النساء اللامعة بالدموع، مر بحكايات المخيم مجددا، وبالجروح التي تفتحت في منازل المخيم بقدومه محمولا على اكتاف رفقائه الثوار في وحدة الكوشوك التي كان الشهيد أحد نشطاءها الفاعلين، لكنها كانت المرة الأخيرة.

واستشهد نحو 176 مواطنا كان آخرهم الشهيد هاني عفانة من رفح، ومحمد شقورة من مخيم البريج، وشادي عبد العال وصهيب أبو كاشف، فيما أصيب 19139 بجراح مختلقة منذ انطلاق مسيرات العودة وكسر الحصار السلمية شرق قطاع غزة في 30/مارس الماضي.

البث المباشر