قائمة الموقع

مكتوب: والد أحمد: أكره ثلاجات الموتى.. لم أتوقع أن مجهول الهوية هو ابني!

2018-09-29T06:17:56+03:00
من وداع الشهيد أحمد
الرسالة نت - أمل حبيب

لم يكن أمامها سوى أن تتماسك وتجهز الورود لاستقباله، غطته بها، ثم عادت ورشت على جثمانه المزيد منها حين حملوه على الأكتاف، كان الوداع الأخير قاسيًا على أم أحمد!

قالت "أنا والدة الشهيد أحمد عمر" ثم توقفت، علها أدركت كنيتها الجديدة بــــ"أم الشهيد"،

لم تنكر أنها استقبلت جثمانه بالتكبير والزغاريد، لكن ملامح وجهها أقامت خيمة عزاء قبل أن ينصبوا واحدة أمام منزله في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة.

انسي يمه!

"خذ جوالك يا أحمد"، نادت عليه من شرفة المنزل، ثم كررت طلبها قبل أن يتوجه للمشاركة في مسيرة المطالبة بحقوق اللاجئين عبر معبر "ايرز"، التفت لها وأشار بيده "انسي يمه"!

ترك لها "الجوال" حتى لا يتلقى من أمه مكالمات تباعًا كعادتها حين يتوجه للمشاركة في مسيرة العودة شرق القطاع، ثم على المسيرة البحرية أمام موقع "زيكيم " العسكري" ثم أخيرًا "ايرز"!

في كل مرة تشعر الأم أنها ستفقد أحمد، تؤكد لنا "قلب الأم دليلها وروح ابني أحمد على كفه"، هذا الشاب "المرضي" كان رافضًا لطلب أمه بعدم المشاركة في المسيرة، رغم انصياعه لكل طلباتها الا هذا الطلب الأخير كان مستحيلًا بالنسبة له.

أحمد الذي رحل يوم ميلاده الأربع والعشرين، أخبرتنا والدته أنه ورغم تعرضه للاختناق من الغاز السام الذي يطلقه جيش الاحتلال (الإسرائيلي) على المتظاهرين خلال مسيرة العودة، إلا أنه لم يتخلف يوما عن المشاركة.

يسترجع والده شريط ذكريات لم ينقطع برحيل أحمد، يبتسم وكأن شمعة ذكرى ميلاده الأخيرة كانت مختلفة، حيث قال:" كل عيد ميلاد لأحمد نحتفل به على البحر، نحاول التغيير بعيدًا عن جو البيت، عيده هذا كان مختلفًا، احتفلت به غزة وشيعته للجنة".

رصاصة متفجرة لصدر أحمد الذي انشغل لمساعدة فتاة صغيرة وسحبها نحو سيارات الإسعاف، لم تكن جريحة واحدة من نقلت للإسعاف، حيث نُقلت اصابتان، واحدة سجلت لأحمد!

مصاب .. مجهول الهوية! 

الهاتف النقال بيد أم أحمد، تراقب الساعة، تحدث نفسها "تأخر أحمد"، كانت الظهيرة لحظة خروجه ولم يعد أحمدًا وانما جثمانًا!

السابعة مساءً كان الاتصال الأول على والد أحمد الذي راح في نومته الليلية مبكرًا بفعل العلاج الذي يتجرعه لوعكة صحية ألمت به منذ سنوات، ورفض تصريحه من الجهات الإسرائيلية للعلاج في مستشفيات الداخل المحتل، "أحمد تصاوب" أخبرته شقيقته بذلك، استهزأ بخبرها ثم وضع رأسه مجددًا على وسادته.

اتصال جديد هذه المرة "شهيد مجهول الهوية من المحتمل أنه أحمد" كان الصوت المنبعث عبر أسلاك الهاتف متجهًا لقلب أمه التي صرخت وبناتها ليستيقظ الأب ولم يصدق حتى عندما اخترقت صرخاتهن أذنيه!

إلى المستشفى الإندونيسي شمال قطاع غزة، سيلقي والد أحمد نظرة على الجثمان، غثيان أصاب الوالد قبل فتح باب ثلاجة الموتى، يوضح:" أكره منظر الثلاجات، لم أتخيل أن يضعوا ابني في ثلاجة، لا أريد تصديق رواية أصدقائه أنه أحمد، كنت أصرخ عليهم " أحمد ما استشهد".

جسد أحمد هنا، عيناه، وجهه مكتملًا، ثيابه، شهقة والده ودعواته لابنه الشهيد " الله يسهل عليك يابا.. الله يرضى عليك".

لم ينفك والد أحمد عن حمد الله طيلة لقائنا به، كان يؤكد أن أحمد قد أهداه لقبًا في الدنيا، وشفاعة في الآخرة، كان مؤمنًا بأن الله عندما أعطاه أحمد لم يستأذنه وعندما سيأخذه منه لن يفعل ذلك كذلك!

"طالما أننا ندفع الثمن دم سنأخذ حقوقنا ولو بعد فترة" كانت هذه رسالة ختامية من والد الشهيد الذي يرى في فقده لابنه خلال مشاركته في مسيرة العودة، تضحية سيقابلها نصر بإكمال الثوار لمسيرة العودة.

اخبار ذات صلة