قائد الطوفان قائد الطوفان

مكتوب: في زيكيم.. الزحام لأجل التضحية!!

صورة من احداث زيكيم الاسبوع الماضي
صورة من احداث زيكيم الاسبوع الماضي

غزة-محمد شاهين

كلما اقتربت من "السلك القاتل" ارتفعت كثافة الشباب الثائر الذي قرر تحطيم جدار الحصار "الإسرائيلي" عن قطاع غزة بكافة وسائل المقاومة السلمية المتاحة، فالتزاحم والتدافع بين الثائرين على حدود "زيكيم"، لا يشبه غيره من الذي يتوسط المدينة بين طلبة المدارس أو مقار الأونروا أو بين ممرات الجمعيات الخيرية.

كل من في (زيكيم) يسعى لتخطي الزحام الكثيف لقطع بطاقة التضحية فقط!!، فلم يعد آلاف المنتفضين يسعون في تلك البقعة المدرجة بالدماء إلى مكسب حياتي مؤقت، بل يريدون أن يمروا بأجسادهم فوق جندي مدجج بالسلاح يسرق أرضهم عنوةً ويفرض عليهم حصاراً بربرياً خانقاً منذ 12 عاماً.

في (زيكيم)، أم تقود أبناءها الاربعة نحو (السلك القاتل)، لتقتل بهم هيبة احتلال لا تفرق رصاصاته بين طفلٍ أو شيخ أو مسعف أو صحفي، فكل الفلسطينيين هناك عرضةً لوحشيتهم وعشقهم لإراقة الدماء، وكل ثائر هناك لم يعد يخشى التضحية بنفسه أو بفلذات كبده في سبيل نيل الكرامة.

لا تفرق الخمسينية الثائرة ام أحمد في حديثها مع "الرسالة"، بين فرسانها الأربعة وبين بقية الشباب الثائر، فكل من أتى للتضحية بمنزلتهم، ترى بهم فخراً يخلد في جدار التاريخ الفلسطيني الذي بات يدنسه كل مفرطٍ بسلاح أو مطبعٍ مع "الإسرائيلي" القاتل أو متساوقٍ بالتفريط في زاويةٍ مقدسة في المدينة المقدسة.

التضحية بالغالي!!

بالقرب من أم احمد التي استندت على تلة رمليةٍ بعد أن أقعدها وجع رصاصة قناص اخترقت عظام قدمها بمجزرة النكبة 14 مايو الماضي، لأخذ قسط من الراحة، يعتلي صياد فلسطيني ضاقت به مسافة الـ 6 أميال ذرعاً ظهر مركبته المرقعة من ثقوب رصاصات زوارق الجيش القاتل، ويقودها ليخترق بها حدود الحصار البحري أيضاً، فلم يعد الاختراق في (زيكيم) حكراً على البر فقط!!.

تتشابك مركبات كسر الحصار كما تتشابك أجساد المنتفضين، فالحدود الشمالية الغربية للقطاع المحاصر تشهد في كل يوم إثنين من الأسبوع مسيراً بحرياً معززاً بألاف المواطنين من الشاطئ، ليحموا رسالة للعالم مفادها أن أرض فلسطين وحدها التي لا تزال تقبع تحت احتلال جائر، بينما يحاصر مليونا إنسان بظروفٍ قاسية فقط لأنهم اختاروا الدفاع عنها.

الظلام ليس وحشاً

وعلى الرغم من مغيب قرص الشمس وازدياد عدد الرصاصات القاتلة بين المنتفضين إلا انهم يرفضون فكرة الابتعاد عن أرضهم سريعاً، فكلما حل الظلام زادوا اشعال الإطارات المطاطية لتعينهم إضاءة لهيبها على مشاهدة أرضهم المحتلة لوقتٍ إضافي قصير، بينما يقهر دخانها رؤية القناص "الإسرائيلي" الذي ينتقي أهدافه دون أي رحمة.

يحكي أبو الصامد (24 عاماً)، بعد عودته من اجتياز السلك الفاصل تحت جنح الظلام، أنه لم يعد يخشى الموت بقدر اشتياقه للالتحاق بصديقه الذي استشهد قبل أسبوعين في نفس المنطقة التي رجع للتو منها، إلا أنه يحلم بتحقيق حلم صديقه الشهيد بكسر الحصار والعودة إلى بلدة الجورة المحتلة التي هجر اجداده منها بالقوة عام 1948 قبل نهايته.

ويواصل الذي شحبت قنابل الغاز وجهه، حديثه "للرسالة"، "قررنا كسر قوة السلاح "الإسرائيلي" برفقة الشباب الثائر بقوة عزيمتنا التي تملأ صدورنا، فالسلك الحديدي الشائك الذي تثبته الآلات بقوة باتت تهرسه قوة الشباب بسهولة، بينما لم تثن الرصاصات المتفجرة عشرات المصابين من العودة للمشاركة مجدداً في كسر الحصار".

ويشدد أبو الصامد الذي ينسحب حاله على عشرات الشباب الثائر الذين التقاهم مراسل "الرسالة" الاثنين الماضي في "زيكيم"، على مواصلة طريق المسيرات والوقوف في وجه الاحتلال "الإسرائيلي"، حتى تتحطم جدران الحصار الخانق عن قطاع غزة بشكلٍ كامل.

البث المباشر