مكتوب: السلطة تسعى لإفشال جهود رفع الحصار وتخشى "فخ" غزة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

غزة- شيماء مرزوق

تكثف مصر جهودها للتوصل الى وقف دائم لإطلاق النار بين المقاومة في غزة و(إسرائيل)، حيث يحاول الاحتلال من خلال الضغط والتهديد وقف مسيرات العودة التي باتت تشكل له حالة ارباك واستنزاف، ورغم التهديدات الكبيرة فقد احتشد آلاف الفلسطينيين يوم الجمعة على طول السياج الفاصل، والتي تخللها اقتراب العشرات من السياج الحدودي.

ويصر الفلسطينيون على الاستمرار في مسيرات العودة حتى كسر الحصار وانهاء الحالة المأسوية التي يعيشها سكان قطاع غزة.

وأمام هذه الحالة تلعب السلطة دورا خطيرا في القطاع بحيث تتجاهل الكارثة الموجودة بل وتساهم في زيادة الضغط على القطاع وتضييق الخناق عليه.

كما ترفض السلطة منذ سنوات أي حلول لتخفيف الازمة الإنسانية في القطاع، لكنها بعد فرضها العقوبات على القطاع في أبريل الماضي باتت تجاهر برغبتها في الضغط بكل قوتها على غزة على أمل أن تركع الفصائل وتستلم.

ويعتقد رئيس السلطة محمود عباس أنه حقق نجاح كبير حينما أفشل مفاوضات التهدئة التي كانت تجري في القاهرة بين الفصائل والاحتلال بوساطة مصرية تتضمن وقف إطلاق نار طويل الأمد مقابل رفع الحصار عن غزة وهو ما رأت فيه السلطة تهديدا وجوديا لها ولتمثيلها وشنت حملة كبيرة لإفشالها.

وفي الأسابيع الأخيرة التي تصاعدت فيها أحداث مسيرات العودة شكلت حالة ضغط على الاحتلال، ما دفع بعدة أطراف للتدخل لمحاولة منع تدهور الأوضاع في القطاع نحو التصعيد.

وليس من قبيل الصدفة أن تهاجم السلطة عدة مرات مبعوث الأمم المتحدة للشرق الأوسط نيكولاي ميلادينوف وتطالب الأمين العام بتغييره، فهي ترى أنه يعمل بشكل واضح ضد خطتها في القطاع والتي تهدف أن يصل القطاع لمرحلة الانهيار الكامل بينما حاول ميلادينوف منع التدهور قدر المستطاع.

كما أن الفتور في العلاقة بين السلطة ومصر لا تخطاه العين حيث تحمل الاخيرة السلطة مسؤولية تدهور الوضع في غزة، وتحدثت تسريبات أن مصر هددت السلطة أنها لن تسمح بفرض عقوبات جديدة على غزة.

وقد اتضحت الصورة بقوة مع دخول الوقود القطري للقطاع حيث عمل ميلادينوف بقوة لإدخال الوقود في الوقت الذي مارست السلطة ضغوط هائلة لمنعه، ما بررته السلطة بأنه أحد أركان صفقة القرن.

وتعلق السلطة رفضها أي جهود أو مبادرات لتخفيف أزمات غزة على شماعة صفقة القرن وتتهم أي طرف يعمل في هذا الإطار بأنه يسعى للفصل بين غزة والضفة.

ويرى معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى أن عباس يشعر بالنجاح لكونه لا يدفع أي ثمن سياسي من جراء عدم اكتراثه لحالة البؤس التي يعيشها قطاع غزة. وفي الواقع أن استراتيجيته واضحة، وهي زيادة وضع غزة سوءاً من أجل الضغط على «حماس» للدخول في مواجهة عسكرية مع (إسرائيل)، الأمر الذي من شأنه أن يكسر الجمود الحاصل. وهذا من شأنه أن يحقق فوائد مزدوجة: حيث سيضعف «حماس»، وسيسمح لعباس توجيه اللوم علناً على (إسرائيل) باعتبارها المُضحّى بها.

ويرى المعهد أن غزة من وجهة نظر عباس هي فخّ، ما لم تسلّم «حماس» أسلحتها، فهو الذي يملك السلطة، و«حماس» هي من يتحمل مسؤولية تحسين الظروف المعيشية البائسة في غزة.

كما يعتقد ان العامل المشترك في الخلافات المتعلقة بـ "الأونروا" ودَوْر الدول العربية ووضع غزة هو "قياس" عباس للنجاحات من خلال ما لم يحدث - أي استناداً إلى قدرته على الحفاظ على الوضع القائم في تلك المجالات المختلفة في محاولة لإحباط ما تقوم به الولايات المتحدة.

ويؤكد المعهد أن عباس في غمرة حياته، ليس لديه أي أوهام بأنه على شفير النصر الاستراتيجي، وبالتالي يواسي نفسه بتلك التصرفات المتمثلة بعدم التعاون. ولكن حتى واقع كونه رئيس حركة يرتبط تعريفها الذاتي على مدى عقود كثيرة بفكرة تحدّي القوى الخارجية، فإن هذا المبدأ التنظيمي قد أثبت حتى الآن أنه حافزاً غير كافياً للاقتراب بصورة أكبر من هدف إقامة الدولة.

ومن الواضح ان المجتمع الدولي بات يدرك دور السلطة الخطير في غزة وعليه فإنه من جهة يسعى لمحاولة تقريب وجهات النظر وتنسيق العمل مع السلطة لمنع انهيار القطاع، ومن ناحية أخرى يحاول منع أي إجراءات جديدة للسلطة ضد غزة، وذلك رغبة في منع أي تصعيد أمني أو عدوان على القطاع.

البث المباشر