مع مرور الأيام تزداد سخونة الأحداث في ظل التهديدات المتبادلة ما بين الاحتلال والمقاومة، وبعد سقوط ستة شهداء خلال الجمعة الماضية.
وما بين التهدئة والتصعيد يتسابق الزمن خشية خروج الأوضاع عن السيطرة في ظل جولات حثيثة من الأمم المتحدة والقاهرة لمحاولة نزع فتيل الانفجار وهو ما أفلحت فيه حتى اللحظة بعد وعود بتخفيف الأزمة الإنسانية والتي من المفترض ان تتضح ملامحها قريبا.
وتبحث الفصائل الفلسطينية، منذ نحو شهرين مع السلطات المصرية، إمكانية التوصل إلى مصالحة فلسطينية و"تهدئة" مع إسرائيل.
وبحسب مصادر مطلعة فإن الرؤية المصرية الحالية تقوم على أساس التخفيف من الحصار الإسرائيلي مقابل مشاريع إنسانية ستنفذها الأمم المتحدة ومنظمات دولية قريبا.
ويجري الوفد المصري، زيارات في قطاع غزة والضفة الغربية وإسرائيل منذ عدة أيام، يلتقي خلالها مسؤولين في حركتي "حماس" و"فتح"، والحكومة الإسرائيلية، في إطار استكمال المباحثات التي تقودها بلاده حول ملف المصالحة الفلسطينية و"التهدئة" بغزة.
محلل الشأن الأمني الدكتور إبراهيم حبيب قال إن الاحتلال يمارس حرب الحصار بأقسى أشكالها قذارة تجاه القطاع، موضحا أنه يريد استمرار الحالة لتركيع القطاع والمقاومة.
ولفت إلى أن الاحتلال يحاول تأجيل الحرب قدر الإمكان حتى ينضج الجبهة الداخلية لتكون طيعة في حال أي عدوان، مشيرا إلى أن المقاومة لا تُرِيد حرباً ولكنها تُرِيد رفع الحصار، بالمقابل الاحتلال لا يُرِيد حرباً ولكنه لا يُرِيد رفع الحصار، لذا لا يستطيعون إجبار المقاومة على عدم الرد
ويعلق حبيب قائلا: الأمور وصلت للحائط ولم يعد هناك ما يخسره المواطن في غزة، قرار المقاومة الذي اتخذته بالرد على الاحتلال سيكون له تداعيات خلال الأيام القادمة.
ويرى أن التدخل المصري الاممي له اتجاه واحد وهو لمصلحة الاحتلال، مبينا أنها إذا لم تغير مسارها فستبقى تراوح مكانها.
بدوره قال وزير الطاقة الإسرائيلي، يوفال شتاينيتس، إن "الترتيب القادم مع غزة يتراوح بين تسوية طويلة الأمد وعملية عسكرية، لأن إسرائيل لم تبد ضعفا أمام حماس، لكنها تأخذ بعين الاعتبار التحديات الماثلة في الجبهة الشمالية".
وأضاف عضو المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية في حديث لصحيفة يديعوت أحرونوت، ترجمته "عربي21" أن "لدى إسرائيل بديلين اثنين تجاه الوضع السائد في قطاع غزة: إما أن نتوصل مع حماس خلال الأسابيع القادمة إلى تسوية سياسية إنسانية، أو نضطر آسفين الى الخروج لعملية عسكرية واسعة، مهمتنا الأساسية ألا يتم استدراجنا بصورة أوتوماتيكية إلى مواجهة يخطط لها أبو مازن في غزة".
وختم بالقول إن "لدينا تحديات في الجبهة الشمالية، ونحن نأخذها بعين الاعتبار، مع العلم أن الكابينت المصغر يشهد خلافات، وهذا أمر طبيعي، ومن الجائز الدخول في نقاش مع المستوى العسكري، لقد حصلت مشادات بين بعض الوزراء ووزير الحرب لكني لن أدخل في تفاصيلها".
ذات التوقعات ينقلها الكاتب والمحلل السياسي عدنان أبو عامر قائلا: في حين تواصل فيه الماكنة الدعائية (الإسرائيلية) دق طبول الحرب باتجاه قطاع غزة، لكن العين الإسرائيلية الحقيقية متجهة نحو لبنان، حيث تتراكم القوة العسكرية التسليحية لحزب الله، ما يجعلها تهديدا حقيقيا جديا يفوق بأضعاف مضاعفة الوضع الأمني في غزة.
ويضيف في مقال له: صحيح أن التوتر الأمني على حدود غزة مع المستوطنات الجنوبية يجعل الحديث عن القطاع يتصدر للنقاشات الإسرائيلية، ويحتل العناوين الإخبارية، لكن المتابعة الميدانية الحثيثة التي لا تجد طريقها للإعلام تتجه نحو الجبهة الشمالية مع لبنان وسوريا.
وفي ذات السياق كشف موقع عبري صباح أمس الأحد، أن موقف رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، ورئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي غادي آيزنكوت، ساهم في إفشال مساعي وزير الأمن أفيغدور ليبرمان إلى سحب "الكابينت" لاستمرار التصعيد في غزة.
وقال أمير بوخبوط، الخبير العسكري في موقع (واللا)، إن "التوتر الأمني في الساعات الأخيرة على حدود قطاع غزة يشير إلى أن ليبرمان أراد تصعيد الرد على الفصائل الفلسطينية، لكنه لم ينجح في سحب الكابينيت إلى مربعه الذي يريد، في ظل أن نتنياهو وآيزنكوت يبديان مواقف أقل عدائية تجاه غزة".
وأشار إلى أنه "في حال لم تنجح حماس في كبح جماح الفصائل الفلسطينية في غزة، فقد يكون الوقت متأخرا حين يجد الجيش نفسه في قلب معركة لا خيار له فيها.
وتابع إنه "في حال لم تنجح بذلك، فمن المتوقع أن تزيد الضربات الإسرائيلية بكثافة أكبر، مثل اغتيال القيادات البارزة لإعادة الردع، رغم أن ذلك يحمل مخاطرة من مغبة أخذ الأوضاع لحالة من التدهور الإقليمي واندلاع حرب بأثمان باهظة في الجانبين، ما يجعل القادة الإسرائيليين أكثر تمهلا في اتخاذ قرارات صعبة".
ويعتبر مراقبون أن الأوضاع الميدانية من الممكن أن تشق طريقها نحو التدهور التدريجي خلال الأيام القليلة القادمة، وأن القلق الكبير الذي يعتري صناع القرار في إسرائيل من تصاعد المسيرات ودخول وسائل جديدة عليها سيدفعهم إلى استباق الأحداث وإبطال القنبلة الموقوتة.