رغم ضيق الحال الذي ألم به، لم يستسلم الصياد المخضرم علي عبد الرحيم عروق لبحرية الاحتلال التي دمرت مركب صيده قبل حوالي أربعة أعوام؛ مواصلا ركوب الأمواج والبحث عن قوت يومه في بحر غزة، لكن هذه المرة مستخدما شراعه!
تشققات يد الخمسيني عروق تحكي قصة المعاناة اليومية والمتفاقمة التي يعيشها الصياد الفلسطيني، نتيجة المضايقات الإسرائيلية والتي تنتهي عادة بالملاحقة واستهداف مراكب الصيادين وتدميرها؛ بذريعة أنها تشكل خطرا أمنيا على الاحتلال.
وسط أمواج البحر المتلاطمة يكافح عروق باحثا عن قوت أطفاله، بعد أن وضع الشراع على قاربه الصغير "الحسكة" لمساعدته في صيد الأسماك وليخفف في ذات الوقت من معاناة استخدام المجداف.
" يا عالم صرنا شحادين، الصياد صار يدور على بطالة "بهذه الكلمات الممتلئة بالضيق خرجت من قلب الصياد عروق، معبرا عن الحال الذي وصل إليه وغيره من الصيادين نتيجة ملاحقة الاحتلال لهم وتقصير الجهات الرسمية في تعويضهم عن الخسائر التي تلحق بهم بشكل متواصل.
ويروي الرجل صاحب البشرة القمحية لـ"الرسالة" عن عمل شراعه قائلا:" الفكرة تقوم على الرياح"، فيذهب صباحاً بقاربه الذي تقوده الرياح الشرقية الى السير داخل البحر وعند انتهاءه من صيد الأسماك تخرجه الرياح الشمالية نحو الشاطئ.
ومع بداية كل يوم يطلق الصياد "عروق" شراعه معتمدا على الريح الشرقية في دخوله البحر ويبقى ناصبا شبكة صيده حتى يعود أدراجه مع الريح الشمالية، ويصل به الشراع في البحر لمسافة خمسة أميال أو أقل ليخرج في النهاية بكمية اسماك قليلة.
ومع عودة عروق الذي يُعيل خمسة أُسر، إلى زمن الشراع القديم، يحاول التغلب على الظروف الصعبة التي يعيشها مرددا: " لو لقيت حدا يساعدني بماتور بدل الي انقصف ما عملت هيك".
ومع كل الذي يعانيه تظل شكواه تعانق السماء، متأملاً في عطايا الله التي لا تنفد، داعياً الجهات المعنية لمساعدته في شراء ماتور يعيدُ الحياة لعائلته، وليبقى صدى أغنية " يا ريس" التي يتغنى فيها عند ممارسة صيده تعمُ بحر غزة المثقل بهموم الصياد الغزيّ.
معاناة الصياد عروق ليست الوحيدة التي تضاف إلى كاهل الصيادين في بحر غزة، من قبل الاحتلال فتارةً تستهدفهم الزوارق البحرية الاسرائيلية بالرصاص الحي ومراكبهم، وأخرى يتعرضون للاعتقال ومصادرة مراكبهم، وتقليل مساحة الصيد من حين لآخر.