بينما ينتظر قانون ضريبة الدخل إجازة الملك الأردني عبدالله الثاني، عقب إقراره من قبل مجلسي النواب والأعيان؛ وزع ناشطون دعوات على مواقع التواصل للاحتجاج على القانون قرب محيط الدوار الرابع بعمان، في ظل غياب للأحزاب والنقابات عن المشهد.
لم تحقق احتجاجات الدوار الرابع -التي شهدتها البلاد في يونيو/حزيران الماضي وقادتها النقابات المهنية بالإضافة إلى الحراك الشعبي في المحافظات، واستطاعت الإطاحة بحكومة هاني الملقي، وسحب مشروع قانون ضريبة الدخل السابق- هدفها؛ فالقانون يعود في شكل جديد، بيد أنه بالمضمون نفسه، مما شكل صدمة للشارع الأردني، وفق مراقبين.
إشكالية إقرار قانون ضريبة الدخل تستدعي البحث عن معادلة سريعة لحفظ الأمن الاجتماعي، في ظل تآكل الدخول وارتفاع كلف المعيشة، وعدم قدرة المواطنين على مواجهة أعباء الحياة المتزايدة، بحسب خبراء اجتماع واقتصاد، كما تتحفظ الحكومة على أرقام متعلقة بخط الفقر.
ورغم تحذيرات الاقتصاديين من ضرورة عدم فرض مزيد من الضرائب على كاهل المواطن، فإن خلافات نشبت بين مجلسي الأعيان والنواب حول أربع مواد في القانون من شأنها فرض ضرائب على بعض القطاعات، في حين تراجع الأعيان عنها لاحقا، ووافق عليها كما جاءت من النواب.
وأثار تصريح رئيس اللجنة المالية والاقتصادية في مجلس الأعيان أمية طوقان جدلا؛ إذ قال "لو الحكومة فرضت عليّ ضريبة بنسبة 20% سأعطيها 25%"، بسبب عيشنا في حالة الأمن والاستقرار وثبات العملة، التي ينعم بها الأردن".
غياب النقابات
تبلورت الصدمة السياسية من قبل حكومة عمر الرزاز، بعد الاحتجاجات الشعبية التي طلبت وقتها مهلة مئة يوم للحكم عليها، في ظل حديث عن انخفاض شعبيتها بشكل كبير، وسط غياب الأحزاب والنقابات المهنية عن المشهد السياسي.
إذ نفذ نقابيون اعتصاما أمام مجمع النقابات المهنية بالعاصمة عمان لمطالبة مجلس النقباء بالقيام بدوره في مواجهة قانون ضريبة الدخل، متسائلين عن سرّ صمت المجلس رغم كونه أسوأ من القانون الذي أقرّته الحكومة الراحلة، حسب تعبيرهم.
الناشط النقابي المهندس ميسرة ملص يرى -في حديثه للجزيرة نت- "صمتًا واضحًا" غير مفهوم لمجلس النقباء، قائلًا "يبدو أنهم تخلوا عن الشارع، لأسبابٍ غير مفهومةٍ"، في حين يرد نقيب الصيادلة زيد الكيلاني بأن المجلس لم يتخل عن دوره في مواجهة القرارات الحكومية الاقتصادية، إذ إن النقابات رفضت القانون وأكدت مرارا ذلك، إلا أن مجلس النقباء يدرس جميع خياراته المتاحة لمواجهته.
واكتفى المجلس في بيان مقتضب برفض قانون ضريبة الدخل، حيث عقد الأربعاء اجتماعا لدراسة الخطوات التصعيدية الممكنة، وسط توقعات نقابية بعدم تحركه نحو الشارع مجددا.
احتجاجات عشائرية
بعد غياب النقابات المهنية وأحزاب معارضة عن الساحة السياسية، برزت احتجاجات عشائرية بسقف مرتفع، إلا أنها محدودة، في محافظتي مأدبا والزرقاء، مطالبين بتغيير النهج السياسي، وعدم إقرار القانون.
ووزع ناشطون قبل أيام دعوات إلكترونية للعودة للاحتجاج قرب محيط الدوار الرابع بعمان الجمعة المقبل، تحت شعار "جمعة معناش"، إلا أنها دعوات فردية شبابية، من خلال حسابات وهمية، خوفا من القبضة الأمنية.
في حين يتوقع القيادي الإسلامي البارز زكي بني ارشيد، خلال حديثه للجزيرة نت، أن "تتشكل موجة جديدة من الاحتجاجات الشعبية، وهي ربما تتأخر لكن منسوب الرفض الشعبي هذه المرة سيكون أعمق وأقوى مما سبقها من حركات تنتهي بالقمع، ولم ينل سوى جزء يسير من مطالبه المشروعة".
تأكيد بني ارشيد يتفق معه الناشط الشبابي محمد صبيح الزواهرة، إذ يعتقد أن تجربة الدوار الرابع سوف تتكرر، لكن ليس في الوقت الحالي، ويقول للجزيرة نت إن فكرة عودة الناس للشارع ما زالت مطروحة وموجودة بقوة، ومن يعتقد أن الناس ذهبت للرابع لأجل قانون الضريبة فهو مخطئ؛ الناس تخرج بسبب شعورها بتردي الحالة الاقتصادية، وفقًا لوصفه.
الناشط مجدي السعدي يرى عدم وجود بوادر لعودة حراك الدوار الرابع؛ كون الاحتجاج كان شعبيا عفويا، إلا أنه قد يتكرر بشكل مختلف عن السابق من حيث المطالب، خاصة في ظل توفر ثقافة شعبية تؤكد عدم جدوى أي احتجاج أو حراك قادر على تغيير النهج المتبع لدى صانع القرار.