مكتوب: عين (إسرائيل) على غزة ولبنان

رامي ابو زبيدة
رامي ابو زبيدة

رامي ابو زبيدة

عندما تزداد المعلومات وتحركات العدو الواضحة والمكشوفة للخصم بشكل صريح مثالا الان (الجبهة الشمالية)، وهذا لا ينسجم مع امكانية اندلاع حرب لان اهم عناصر الحرب المباغتة والمفاجأة، وفي المقابل يكون عدد المعلومات والانباء التي يمكن تفسيرها فقط على ضوء التكهن بأن العدو يوشك على شن عمل عسكري ما، قليلة جداً، هنا علينا أن نأخذ في الحسبان امكانية الخداع وأن العدو عندما يعتزم الفعل على احدى الجبهات، فيسرب انباء، توهمنا بأن المقصود من استعداداته هو اجراء عمل غير الحرب، او التحرك على جبهة الشمال (حزب الله) وعينه على الجبهة الجنوبية (قطاع غزة)، لأنه ليس من المعقول الافتراض بأنه عندما يعتزم العدو القيام بمواجهة، يسرب ويظهر الينا انباء وتحركات تشير الى اعتزامه شن ذلك.

في الجبهتين نحن اليوم أمام "الانذار المجمع" وهو مستخدم لدى الاستخبارات العسكرية، أي نحن امام اجراء في مراحل التطور، وتتجمع عناصر لها تأثير على اجراء اتخاذ القرارات التي تدفع الامور باتجاه معين، وان كل استنتاج يتعلق بنوايا العدو بشأن الخروج الى الحرب، يعتمد على عدد كبير من الافتراضات وعلى كمية كبيرة من المعلومات، ومن الافتراضات المتوقع حدوثها في المنظور القريب التالي:

 على صعيد جبهة الساحة اللبنانية والجولان السوري الافتراض هو أن يحدث حدث متدحرج من فرض السيطرة (عملية الكشف عن الانفاق) مثالاً، ويتبعه رد مضاد. يتدحرج الطرفان نحو جولة مواجهة وحتى حرب. ولكن في هذه المرة فان لائحة المفاجآت لحزب الله ستتضمن ليس فقط إطلاق مكثف للصواريخ نحو المدن الإسرائيلية ونحو مواقع حيوية، مثل الموانئ، المطارات ومنشآت البنية التحتية، بل أيضا محاولة الدخول إلى الأراضي الإسرائيلية والسيطرة على موقع للجيش الإسرائيلي أو حتى على قرية إسرائيلية على خط الحدود مع لبنان.

وفيما يخص جبهة قطاع غزة فإن تحرك الاحتلال الاسرائيلي المريب بعد فشل الجولة الاخيرة وما نتج عنها من اهتزاز داخلي ادت لاستقالة وزير حرب العدو ليبرمان وما تلي ذلك من حرب استخبارية، يجعل الامر مرشحاً لمزيد من التوتر نتيجة لأي فعل قد يقدم عليه العدو لترميم صورته التي تأكلت في قطاع غزة.

خوض الحرب على الجبهتين الشمالية والجنوبية في ان واحد، في ظل اعتقاد العدو بتطور العلاقات بين قوى المقاومة على الجبهتين وعودة العلاقات مع إيران، وامكانية تحسنها مع سوريا.

الخيار الاول والثاني يحملان تقريبا نفس النسب في هذه المرحلة، الترجيح بينهما هو ما تحمله الايام او الاسابيع المقبلة من احداث وردود فعل قد تكون مفاجئة تزيد من تسخين احدى هذه الجبهات وبروزها للواجهة بشكل أكبر.

كلما اقترب موعد المواجهة فإنه على قوى المقاومة ان تكون مهيأة لاتخاذ واحدة او أكثر من بين الاستراتيجيات التالية:

 الرد بعمل عسكري جزئي فقط، اعتماداً على انذار جزئي، تسهم هذه الاستراتيجية في تقليل خطر المفاجأة وتقليص ثمن المواجهة في حالة حدوثها فعلاً،

الرد بشكل حاسم (مسبق او وقائي) اعتماداً على انذار قصير جداً من حيث الزمن، فهذه الاستراتيجية تمكن من ابداء المرونة في الرد على التهديدات عن طريق تأجيل تنفيذ العمليات الاستفزازية للعدو وشل خططه المرسومة مسبقاً.

 امتصاص درجة ما من الاضرار والصمود وتحمل ثمن بداية الاجراء المعادي المفاجئ، ومن ثم الرد بشكل حاسم، جوهر هذه الاستراتيجية هو القدرة على امتصاص الضربة الاولى، والقدرة على ادارة الحرب.

(إسرائيل) على قناعة بان هناك مواجهة قادمة في المستقبل وقد تقع في اي لحظة، سواء في الشمال او في الجنوب، لأنها تعلم ان النار المندلعة من حولها لابد بأن تصاب بلهيبها. ولأنها تعلم ان قوى المقاومة لديها خط هو الاخر احمر لا يسمح لـ(إسرائيل) ان تتجاوزه، كما تفعل هي.

البث المباشر