غزة - الرسالة نت
انقلب حاله رأسا على عقب بلمح البصر، تحول من تاجر إلى شخص لا يقدر على دفع إيجار منزله.
في ركن أرض خاوية تلف ألواح الصفيح "الزينقو" جدران غرفة علها تستره وتحميه من القوارض المنتشرة في المكان، رغم لهيب الشمس الحارقة.
مع مطلع القرن الحالي واندلاع انتفاضة الأقصى توقفت تجارة "أسامة" وكما يقول فانه "انكسر للتجار" بما يزيد عن أربعين ألف دينار.
كان بيع المنزل وتسديد جزء من الديون الخيار الوحيد المتاح أمام "أسامة" الذي بدأ يتنقل للسكن في بيوت مستأجرة.
اشتدت قسوة الأيام على "أسامة" وزادت مطالب الدائنين بالسداد، وتراكمت الأموال المطلوبة منه لدفع إيجار الشقة، حتى وجد نفسه ضائعا يصارع الأيام لتوفير بعض تلك الأموال.
الخيار الأخير حط به في أرض خالية يملكها أحد المواطنين، الذي سمح له ببناء غرفة والعيش فيها مع أسرته ، مقابل إيجار شهري يقدر بمائتين وخمسين شيقلا.
في تلك الغرفة يعيش أسامة مع زوجته وأطفاله الأربعة، التي يزيد سقفها الصفيح من لهيب الشمس ولا يحول بينها وبين باحة المنزل حاجز.
وتغيب عن المنزل متطلباته الأساسية حيث خصصت العائلة جزءا من الغرفة كمطبخ تخلو من ثلاجته أي أنواع من الطعام، حيث تقسم الأم أنها لا تمتلك إفطار يومها، وتقول " من يومين ونحن نفطر طبيخ فاصوليا".
وخضعت الأم مؤخرا لإلحاح أطفالها بعمل بيتزا، لكن القوارض غزتها قبل أن تصل أفواههم وغابت الابتسامة عن شفاه الصغار.
ولعل الغريب بالأمر أن المطبخ ذاته تحول مكانا للاغتسال من شدة الضيق، فيما يفتقد بيت الخلاء للباب.
بكلمات متقطعة يغلب عليها الأسى تشكو الأم من ضيق الحال، وعدم تمكنها من تسجيل طفلها في الروضة، أو توفير ملابس لهم.
ويقسم الوالد أنه لا يملك "شيقل" في جيبه، ويحتار في تلبية احتياجاتهم من المأكل والمشرب.
ويمسك "أسامة" بأوامر بالسجن بعد شكاوى رفعها الدائنين ضده مطالبين بالسداد.
ويتابع " والله تبهدلنا، وصرت ألف على الجمعيات، لكن عالفاضي".
اقسم بالله ما في افطار لليوم، والله تبهدلنا، كوبونة الوكالة الدورية، ما بأخذ شئون، ما بحب أروح الجمعيات، وما حدا ساعدني ، علي أوامر حبس من الناس رفعوا قضايا عشان مش قادر اسدد.
ويحتاج أحد الأطفال لعملية جراحية في الأنف، إلا أن قلة الأموال تحول دون ذلك، حتى أن الوالد يقول " والله أيجار الطريق إني أروح على الدكتور مش متوفر معي".
ويحدو "أسامة" الأمل بأن يتطلع إليه أهل الخير من مؤسسات وأشخاص علهم يعينوه على تخطي محنته التي ألمت به منذ عشر سنوات.