يستقبل الفلسطينيون عام 2019، في ظروف اقتصادية سيئة جدا، وسط معدلات بطالة وفقر هي الأعلى على الاطلاق.
فمع استمرار المشهد السياسي والاقتصادي على ما هو عليه، لا يتوقع أن يكون النشاط الاقتصادي أفضل حالا مما كان عليه في العام 2018، ونسبة النمو الحقيقي ستكون في حدود 0.9%، مما يعني أن التحسن في الدخل الفردي سيكون محدودا جدا.
ويأتي تباطؤ النمو متأثرا بدرجة أساسية بتغيرات الطلب المحلي الكلي، إذ من المتوقع أن تنمو القيمة المضافة للقطاع الخاص بنسبة 1.2%، مقابل تراجع في القيمة المضافة للقطاع العام بنحو 0.1%.
** التباطؤ مستمر!
وفي تقرير أصدرته سلطة النقد، عن التنبؤات الاقتصادية لعام 2019، أكدت استمرار وتيرة التباطؤ في أداء الاقتصاد الفلسطيني خلال الأعوام الأخيرة، جراء العديد من التغيرات السياسية والاقتصادية التي شهدتها المنطقة، وأثرت بشكل سلبي على محركات الاقتصاد الرئيسية وأضعفت النشاط الاقتصادي.
وقال محافظ سلطة النقد عزام الشوا إن الضغوط على مؤشرات الاقتصاد الكلي قد تزايدت خلال العام 2018، مسببة ضعفا عاما في الطلب المحلي، ما أدى إلى مزيد من التباطؤ في الأداء على مستوى الأرباع الثلاثة الأولى من العام.
وترتبط هذه الضغوط بالعديد من المعيقات والتحديات، بعضها مستمر منذ فترة طويلة، وبعضها الآخر جديد ومستحدث.
وفي ضوء هذه الضغوط، يُتوقع تباطؤ النمو الاقتصادي بشكل ملحوظ في عام 2018 إلى 0.6% مقارنة مع 3.1% في عام 2017.
وتوقعت سلطة النقد، أن تستمر معدلات البطالة في الارتفاع لتصل إلى حوالي 31.3% من إجمالي القوى العاملة. مقابل تأثير محدود على المستوى العام للأسعار (معدل التضخم سيبلغ 0.7%)، جراء الارتفاع الطفيف المتوقع في كل من تكلفة الواردات وأسعار الغذاء العالمية اللذان يعتبران المحددان الأساسيان للتضخم في فلسطين.
** عدة سيناريوهات
ومن أبرز التحديات التي أعاقت مسيرة النمو في العام 2018، وستؤثر على الاقتصاد في العام المقبل، تزايد حالة عدم اليقين والتشاؤم جراء غياب أي أفق اقتصادي وسياسي، وخاصة في ظل التوتر الذي صاحب قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.
بالإضافة إلى تراجع ملحوظ في حجم المنح والمساعدات الخارجية المقدمة للحكومة الفلسطينية وما ترتب عليها من تراجع في الانفاق الحكومي، وذلك على خلفية وقف المساعدات الأمريكية، إضافة إلى الموقف الأمريكي من تمويل "الأونروا".
كما أن مصادرة المزيد من الأراضي والتوسع الاستيطاني في الضفة الغربية ومنع استغلال الموارد المتاحة في المناطق(ج)، واستمرار حالة الحصار والاغلاقات الجزئية للمعابر التجارية والتوترات السياسية في قطاع غزة، واستمرار الانقسام الداخلي والتعطيل المتكرر لجهود المصالحة الفلسطينية، يزيد من المعيقات لمسيرة النمو.
وأشارت النقد إلى أن هذه التوقعات تبقى عرضة لبعض الصدمات المحتملة الحدوث بدرجات متفاوتة، بافتراض تعرض الاقتصاد إلى صدمة إيجابية (سيناريو متفائل) تتمثل في: تحسن في المسار السياسي والوضع الأمني؛ والشروع في تنفيذ بعض المشاريع التطويرية الكفيلة بتحفيز الاقتصاد، بالتزامن مع رفع حالة الحصار والإغلاقات الجزئية عن قطاع غزة؛ وزيادة عدد العمال الفلسطينيين في (إسرائيل)؛ وزيادة وتيرة تدفق أموال المانحين لدعم الموازنة ودعم الإنفاق التطويري؛ وزيادة تحويلات القطاع الخاص من الخارج بوتيرة أعلى من معدلاتها السنوية.
وفي ظل السيناريو الفائت، توقعت سلطة النقد أن ينمو الاقتصاد الفلسطيني بنسبة 5.1%، وأن يرتفع معدل الدخل الفردي بنسبة 2.9%، إلى جانب نمو القيمة المضافة للقطاع الخاص بنسبة 6.8%، وللقطاع العام بنسبة 5.1%، وأن يطرأ انخفاض طفيف على معدل البطالة إلى 29.5% من إجمالي القوى العاملة.
وعلى الجانب الآخر، يبقى الاقتصاد أيضا عرضة لصدمة سلبية (سيناريو متشائم) تتمثل في: مزيد من التدهور في الأوضاع السياسية والأمنية؛ وانخفاض حاد في حجم المنح والمساعدات لدعم خزينة الحكومة؛ وعدم الانتظام/ تجميد، كلي أو جزئي لأموال المقاصة المتحصلة من الجانب (الإسرائيلي)؛ وتراجع عدد العمال الفلسطينيين في إسرائيل.
ومع تعرض الاقتصاد الفلسطيني للصدمة السابقة، توقعت سلطة النقد أن ينكمش الاقتصاد بنحو 2.5%، الأمر الذي سيؤدي إلى تراجع الدخل الفردي بحوالي 0.9%، إلى جانب تراجع القيمة المضافة للقطاع الخاص بنسبة 2.9%، وللقطاع العام بنسبة 1.6%، وأن ترتفع نسبة البطالة إلى حوالي 32.3% من إجمالي القوى العاملة.
ويتفق تقرير صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، مع تقرير سلطة النقد في التوقعات بعام صعب ينتظر الفلسطينيين في 2019، في حال استمرار الوضع السياسي على حاله دون تغيير.
ووضع الإحصاء الفلسطيني ثلاثة سيناريوهات خلال العام المقبل، وهي السيناريو الأساسي، والسيناريو المتفائل، والسيناريو المتشائم.
ويستند السيناريو الأساسي إلى فرضية استمرار الوضع الاقتصادي والسياسي في فلسطين كما كان عليه خلال العام 2018، واستمرار الوضع الراهن بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، بينما السيناريو المتفائل، يتوقع أن ترتفع قيمة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5% خلال 2019، وزيادة قيمة نصيب الفرد منه بنسبة 2%، وارتفاع قيمة إجمالي الاستهلاك (الخاص والعام) بنسبة 1%، وارتفاع قيمة إجمالي الاستثمار بنسبة 15%.
ومن المحتمل أن يكون السيناريو المتشائم، انخفاض في قيمة الناتج المحلي الاجمالي بنسبة 3% خلال 2019، وانخفاض قيمة نصيب الفرد منه بنسبة 5%.