تحاول (إسرائيل) جاهدةً وقف قانون أمريكي أقره الكونغرس مؤخرا، يسمح لعائلات القتلى الأمريكيين في عمليات فدائية نفذها فلسطينيون في الأراضي المحتلة بأن يرفعوا قضايا ضد السلطة التي تحصل على تمويل لأجهزتها الأمنية من أمريكا.
وفي التفاصيل، ذكرت مصادر عبرية أن السلطة الفلسطينية يمكن أن تتنازل عن التمويل الأمريكي الذي يذهب للأجهزة الامنية لتفادي المطالبات المالية التي يمكن أن تحققها عائلات القتلى نتيجة هذا القانون، مما يؤثر على كفاءة الأجهزة الأمنية التي تنسق بشكل دائم مع أمن الاحتلال لمنع أي نشاط مقاوم في الضفة.
وبحسب موقع "يديعوت احرونوت" العبري فإن الأجهزة الأمنية (الإسرائيلية) منزعجة جدا من هذا القانون الجديد الذي يمكن أن يؤثر بشكل مباشر على التنسيق الأمني بين السلطة و(إسرائيل)، خاصةً وأن السلطة قد تتجه إلى وقف التنسيق الأمني حال توقف الدعم المالي عن أجهزتها الأمنية.
وقال مسؤول (إسرائيلي) مطلع إن (إسرائيل) تعمل أيضا وراء الكواليس لإحداث تغيير في القانون بطريقة لا تضر بالمساعدة الأمنية للسلطة الفلسطينية خاصة أنه من المتوقع تطبيق القانون مطلع العام 2019.
وذكرت الصحيفة أنه برغم انقطاع العلاقات بين السلطة وأمريكا لكن الاتصالات مستمرة بين الأجهزة الأمنية الفلسطينية والمخابرات الأمريكية، كذلك الدعم المتوقف عن مؤسسات السلطة ما زال متواصل للأجهزة الامنية ويقدر بـ 61 مليون دولار سنويا.
وفي التعقيب على ذلك، قال الكاتب والمحلل السياسي محمود العجرمي إن الاحتلال (الإسرائيلي) لديه أولوية تتمثل في بقاء التنسيق الأمني مع السلطة ولذلك من المؤكد أن يقف سدا منيعا لمنع أي سبب قد يوقف هذا التنسيق حتى ولو كان قرارا أمريكيا، لما يمثله التنسيق من أهمية عليا لدى الاحتلال في مواجهة المقاومة الفلسطينية بالضفة.
وأضاف العجرمي في اتصال هاتفي مع "الرسالة" أنه من المعيب على السلطة أن يدافع عنها الاحتلال، إذ يمثل ذلك دليلا دامغا على استمرار مسلسل الخيانة للقضية الفلسطينية، للخطر الذي يمثله التنسيق الأمني على القضية والمقاومة طيلة السنوات الماضية.
ويشار إلى أن العلاقات الدبلوماسية بين السلطة والإدارة الأمريكية توقفت بشكل كامل منذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب القدس عاصمة للاحتلال ونقل سفارة بلاده إليها نهاية عام 2017.
ولم يختلف المختص في الشأن (الإسرائيلي) أحمد رفيق عوض مع سابقه، في أن الاحتلال لن يسمح بتضرر مستوى التنسيق الأمني الذي ما زال مستمرا برغم توتر العلاقات بين السلطة وقيادة الاحتلال منذ سنوات، وزاد في العام الأخير عقب القرار الأمريكي بشأن القدس.
وأشار عوض في اتصال هاتفي مع "الرسالة" إلى أن الاحتلال يمكنه الضغط على السلطات الأمريكية من خلال اللوبي الصهيوني في أمريكا في وقف تنفيذ القرار، أو على الأقل إبعاد الخصم المالي عن ملف الدعم الأمني المقدم للأجهزة التابعة للسلطة، بما يضمن رفع كفاءة هذه الأجهزة، والذي يصب في نهاية المطاف لصالح التنسيق الأمني.
وأكد أن المرحلة الحالية لها حساسية أمنية خاصة لدى الاحتلال الإسرائيلي، في ظل تصاعد العمليات المسلحة في الضفة، والنشاط المقاومة في شتى المناطق المحتلة، ما يستدعي اهتماما أمنيا أكبر من قبل الأجهزة الأمنية لدى الاحتلال والسلطة، وهذا يمثل دافعا إضافيا لمنع أي ضغط على السلطة خصوصا في الملف المالي.
ويشار إلى أن الولايات المتحدة الامريكية كانت قد خفضت من مساعداتها إلى السلطة الفلسطينية بسبب انقطاع العلاقات عقب نقل السفارة الأمريكية من "تل أبيب" إلى القدس، وقرار إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إعلان القدس عاصمة للاحتلال (الإسرائيلي).