تزامنا مع ما نشرته "كتائب القسام" الذراع العسكرية لحركة "حماس" حول تفاصيل عملية "حد السيف" تعيد صحيفة الرسالة بنشر تقريرها عن الضابط الجندي "الإسرائيلي" القتيل محمود خير الدين، وما كشف عن إهانة الاحتلال له قبل وفاته برفضه إعطائه رخصة بناء للسكن، في خطوة اعتبرها دروز بالاهانة والاستخفاف الإسرائيلي به وبالجنود الإسرائيليين من العرب.
وكشفت شخصيات فلسطينية من الوسط العربي الفلسطيني الدرزي عن تفاصيل ما أسمته بـ"الابتزاز" (الإسرائيلي) للمجندين في جيش الاحتلال، وليس أدل على ذلك ما حدث مع المقدم القتيل في عملية خانيونس، الذي رفض الاحتلال منحه رخصة بناء قبل مقتله؛ رغم عمله في إحدى وحدات النخبة الصهيونية وأكثرها خطورة.
وكشف رئيس المبادرة العربية الدرزية غالب سيف، عن تفاصيل جديدة متعلقة بالمقدم الإسرائيلي محمود خير الدين الذي قتل في عملية خانيونس، مشيرا إلى أن والد القتيل أخبره شخصيا أن الاحتلال كان قد رفض منح ابنه رخصة بناء.
وقال سيف في حديث خاص بـ"الرسالة نت" إن وزير البناء الإسرائيلي زار والد القتيل، والأخير قال له "نجلي قدم لكم حياته وأنتم بخلتم عليه برخصة بناء".
وذكر سيف أن الطائفة العربية الفلسطينية الدرزية تقف اكراما للمقاومة الفلسطينية، واصفا من يشارك بعملية التجنيد بـ"المشبوه".
وأشار سيف إلى أنّ عملية التجنيد التي فرضت عام 1956 على الطائفة الدرزية، واجهها الدروز بحملة رفض واسعة وشكلوا إثرها المبادرة العربية الدرزية التي ضمت العديد من الرموز الوطنية أمثال سميح قاسم وبرهوم فرهود ومحمد نفاع ونايف شديد وغيرهم.
وأضاف أن (إسرائيل) أجرت استفتاءً آنذاك لحوالي 2500 فلسطيني درزي بشأن التجنيد الإجباري، لكنهم رفضوا جميعا باستثناء 16 شخصًا معروفين بولائهم للاحتلال، وتشير تقديراتنا إلى أن أكثر من 70% من الطائفة الدرزية ترفض التجنيد.
وذكر أن هناك 11 هيئة وتجمعًا وطنيًا فلسطينيًا بالداخل شكلت لرفض التجنيد الذي بات يطال عددًا من الفلسطينيين بمعزل عن طائفتهم، مبينًا أن الاحتلال صادر أكثر من 80% من الأراضي التي يقطن عليها الدروز، فيما أن هناك 500 ألف مسكن بالداخل غير مرخص مهدد بالهدم منهم 200 ألف مسكن للدروز.
وأكدّ سيف أنّ الاحتلال يستخدم التجويع والتهجير ومصادرة الأراضي كسلاح لإجبار الدروز على الالتحاق بالخدمة العسكرية، مبينًا أن 90% من الدروز كانوا مزارعين واليوم صودرت أراضيهم ويتم دفع أبنائهم للخدمة العسكرية مقابل الغذاء والمال.
واستدرك بالقول: "ما حدث في خانيونس جريمة لا يمكن القبول بها"، مشيرا إلى وجود تقصير فصائلي في التعامل مع هذه القضية ضمن رؤية استراتيجية قادرة على معالجتها تماما.
وذكر أنّ (إسرائيل) تعمدت ذكر اسم طائفة القتيل؛ "كي تغطي على جرائمها المتعلقة بمصادرة أراضي الدروز وتدمير منازلهم وقانون اليهودية القومية الذي يستهدف تهجيرهم في الأساس، وتقدر نسبة الطائفة بـ8.5% من الشعب الفلسطيني، يعيش غالبيتهم في المنطقة الشمالية لفلسطين المحتلة".
وردًا على سؤال حول نشر صور الخلية الإسرائيلية وتأثيره على المجتمع الفلسطيني بالداخل، أجاب: " كل من شارك في هذه العملية مجرم أيا كان دينه وطائفته، وهؤلاء ذهبوا للبحث عن الموت من أجل الموت فقط.
ووجه رسالته للفلسطينيين بالداخل: "التجنيد جريمة، وعلى كل إنسان حر شريف إدانة العمل الإجرامي في خانيونس بكل اللغات".
وختم قوله بتوجيه رسالة لسكان القطاع: "نحن وأنتم في خندق واحد، ومن يتجند لا يمثلنا فلا دين له ولا وطن ولا طائفة، وعليكم أن تعرفوا: (إسرائيل) لم تقدم شيئا لهم مقابل خدمتهم لها".
وقتل خير الدين أحد عناصر القوة الصهيونية الخاصة خلال عملية نفذتها كتائب القسام لمواجهة القوة بخانيونس.
من جهته، أكدّ المحامي والناشط السياسي يامن زيدان العضو في حراك "ارفض.. شعبك يحميك"، أن هناك تعمدًا إسرائيليًا في تشويه الحالة الدرزية وتصويرها كأنها باتت مكونًا من مكونات الجيش، مشيرا إلى وجود تلاعب بلغة الأرقام في الإعلام خلافا لما تقره وتعترف به مؤتمرات الجيش.
وذكر زيدان في تصريح خاص بـ"الرسالة نت" أن الإسرائيليين اعترفوا في مؤتمر "هرتسليا" بتراجع تجنيد العرب في الجيش، وتحديدا الطائفة الدرزية إلى النصف، فيما يدعي الإعلام العبري عكس ذلك ويحاول تضخيم عدد المجندين.
وأوضح أن "الاحتلال استطاع تجنيد رجال الدين الدروز، الذين يعدون القتيل شهيدًا في محاولة مفضوحة ومكشوفة لاستغلال الدين وتسييسه لمصلحتهم، وهذا لا ينطلي على الطائفة"، وفق قوله.
وذكر أن الاحتلال يوظف كل الظروف لصالحه من أجل دفع الفلسطينيين بالداخل للخدمة، لكنّ هناك وعيًا كبيرًا وادراكًا وطنيًا تجاه هذا السلوك.
وأكدّ أن "الثابت الوحيد الذي تتفرع منه بقية الثوابت هو كنس الاحتلال تماما وإجلاؤه ليس فقط عن الضفة وغزة، بل عن فلسطين".
ونبه إلى أن الاحتلال يحاول رسم صورة نمطية غير حقيقية عن تجنيد الدروز في محاولة لسلخهم عن واقعهم الفلسطيني.
جدير بالذكر أن المرجعيات الدينية الدرزية في لبنان وسوريا ترفض رفضاَ قاطعاً أي تعامل مع الجيش الإسرائيلي في حين أن الموقف مغاير لدى مشايخ الطائفة الدرزية في الجليل. ويطالب عدد من القيادات الدرزية بضرورة إصدار موقف واضح عن المرجعيات الدينية الدرزية وعلى رأسهم رئيس الهيئة الروحية للطائفة في فلسطين بإلغاء قانون التجنيد الإلزامي المفروض على الشباب الدروز.