قائمة الموقع

مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في لبنان

2019-01-12T22:56:00+02:00
مخيم عين الحلوة
بقلم: وفاء بهاني

مخيم عين الحلوة أحد أكبر المخيمات الفلسطينية بلبنان و "عاصمة الشتات الفلسطيني"، وأكثرها فقرا وصعوبة، وفيه يتخذ الاتساع العمراني  اتجاهًأ عاموديا فقط في ظل منع  تمدده أفقيا بفعل الظروف السياسية والأمنية بلبنان والتي تحول دون اكتساب اللاجيء لحقوقه السياسية.

ويقع مخيم عين الحلوة عند أطراف مدينة صيدا جنوبي لبنان، وقد أنشئ 1948 حين لجأ إليه نحو 15 ألف نسمة من فلسطين أيام نكبة فلسطين .

وما زالت مساحة المخيم كما هي بحدوده عند نشأته رغم تضاعف أعداد سكانه مرات عديدة، ويظل الاتساع العمراني فيه يتخذ منحى عموديا في البناء فقط لأن لكل مخيم فلسطيني حدودا تعينها عند تأسيسه وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).

كما تمنع السلطات اللبنانية البناء الجديد فيه ولا تسمح إلا بترميم المباني القديمة بحجة منع توطين الفلسطينيين خارج بلادهم الأصلية، وأي مشروع سكني تقوم به الأونروا في المخيم لا بد أن يكون بالتنسيق مع قيادة الجيش اللبناني الذي يتحكم في حجم كمية مواد البناء (الإسمنت وغيره) المطلوب إدخالها.

و يلاصق مخيمَ عين الحلوة "مخيمُ المية مية" الذي يعتبر امتدادا له، إضافة إلى مخيم "أوزو" الذي يضم تجمعاً من المهجرين الفلسطينيين من مخيمات أخرى، وهو أشبه ببيت واحد كبير تنعدم فيه الخصوصية وتشيع المأساة، ويتألف من بيوت متلاصقة جدرانها من الحجر وسقفها من الزينكو.

ويقطن في مخيم عين الحلوة نحو 120 ألف لاجئ (54 ألفا منهم مسجلون رسميا لدى وكالة الأونروا )أكثريتهم جاءت أصلا عند تشكله من منطقة الجليل الأعلى في فلسطين، ويعد أكبر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين بلبنان الاثني عشر، ويصل معدل عدد أفراد العائلة فيه خمسة أفراد، أما معدل عدد الغرف في المنزل الواحد فهو ثلاث غرف (تتضمن المطبخ).

يعيش سكان المخيم ذي الكثافة السكانية المفرطة واقعا إنسانيا مزريا ما بين شوارعه الرئيسية القليلة التي لا تكاد تتسع أحيانا لمرور السيارات وأزقته الضيقة التي يتعثر فيها المارة بعضهم ببعض، وبيوته القديمة المتلاصقة التي يشيع فيها التصدع والاهتزاز مما يهددها بالتداعي والانهيار.

ووفقا لدراسات مؤسساتية ميدانية تناولت فيها المعطيات الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية لمخيم عين الحلوة؛ فإن 32% من القاطنين في مخيم عين الحلوة يعني لهم مكانه مصدر قلق وتوتر وعدم شعور بالأمان النفسي والاقتصادي، نظرا لظروفهم السكنية والصحية والاقتصادية البالغة التعقيد.

وأضافت الدراسات أن هناك شريحة من المجتمع ينظر إلى المخيم على أنه رمز وهوية وانتماء لفلسطين والشريحة الأخرى تعتبره محطة  للجوء اخر .

وعلى المستوى التعليمي للمخيم، كشفت الدراسة أن 6% من أفراد عينتها أميون، و4% منهم يلمّون بالقراءة والكتابة، و60% أنهوا صفوف الابتدائي والمتوسط، و13% المستوى الثانوي، و3% جامعيون.

يشار إلى أن الخدمات التعليمية في المخيم تعتمد على عدد من المدارس يزيد قليلا على العشر فيها ثانوية واحدة، وأغلبها يعمل بنظام دوامين حتى يغطي النقص الحاصل في المرافق التعليمية رغم تأثير هذا النظام سلبا على العملية التربوية.

أما عن الأوضاع الصحية، فتقول الدراسة إن نسبة 61% من الأمراض المنتشرة بين سكان مخيم عين الحلوة هي أمراض ضغط الدم والتنفس، لعدم توفر البيئة الصحية المناسبة وشيوع عوامل الفقر والبطالة والأزقة المعتمة.

ويلجأ فلسطينيو مخيم عين الحلوة عادة في علاجهم الطبي إلى مستشفى الهمشري الواقع خارج المخيم في مدينة صيدا المجاورة، أما في المخيم فهناك عيادات تابعة لبعض الفصائل والقوى الفلسطينية إضافة إلى عيادات الأونروا وعيادة للهلال الأحمر الفلسطيني، لكنها أحيانا تعاني نقصا في أدويةالأمراض المزمنة وتجهيزات المختبرات.

يعيش مخيم عين الحلوة -مثل بقية المخيمات الفلسطينية في لبنان- منذ اتفاق الطائف الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية عام 1989 نوعا من الاستقلال الذاتي المقرون بحصار قوي عسكري وسياسي واجتماعي واقتصادي، لكن الدولة اللبنانية استمرت في سياستها الرامية إلى عدم نزع سلاح هذه المخيمات.

ويخضع المخيم لمراقبة مُحكمة من الجيش والأجهزة اللبنانية الأخرى التي ترصد حركة الداخلين والخارجين منه عبر حواجز ونقاط تفتيش تحيط بالمخيم الذي تعرض خلال الحرب الأهلية اللبنانية لاجتياح من قبل العدو الصهيوني وللقصف من القوى المتقاتلة عدة مرات فدُمرت بعض أحيائه بالكامل وكذلك يشاهد الجدار الاسمنتي الذي يحيط بالمخيم .

ويعتمد سكان مخيم عين الحلوة على المساعدات التي تقدمها لهم وكالة الأونروا، وعلى الدعم الذي توفره السلطة الفلسطينية والفصائل الفلسطينية الأخرى، إضافة إلى الأعمال التجارية البسيطة.

وقد ظهر من خلال دراسة مؤسساتية أن 17% من أفراد عينة الدراسة في مخيم عين الحلوة لا يعملون أبدا، وأن معظم الأعمال التي يمارسونها هي أعمال حرف يدوية أو أعمال موسمية.

ورغم أن اليد العاملة الفلسطينية تعتبر منتجة وفعالة، فإن عمل الفلسطيني يتم في لبنان بشكل غير معلن، كما لا تسمح القوانين اللبنانية للفلسطينيين بالعمل في المهن الحرة، وهو ما يسد الآفاق أمام المتعلمين منهم ويشكل عقبة رئيسية أمام طموح اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.

اخبار ذات صلة