تتصاعد الخلافات بين قيادتي حركة فتح في الضفة الغربية وقطاع غزة إثر أزمة مهرجان انطلاقة الحركة في قطاع غزة والذي قررت قيادة فتح في غزة إلغاءه خلافاً لرغبة الحركة في الضفة، والتي كان هناك إصرار كبير منها على عقد المهرجان رغم كل التحذيرات بأنه سيؤدي لفتنة واشتباكات دموية.
ويبدو أن الحركة في الضفة كانت تعول على مهرجان الانطلاقة كي يكون المدخل والحجة التي تبرر كل الإجراءات التي تنوي السلطة في رام الله اتخاذها ضد قطاع غزة، وقد جاء قرار سحب موظفي السلطة من معبر رفح البري كخطوة أولى من المتوقع ان تتبعها عدة خطوات تعكس أن أبو مازن يذهب باتجاه كسر عظم مع غزة.
أزمة المهرجان صعدت من الخلافات الدائرة في أروقة حركة فتح بشأن تعامل أبو مازن وأعضاء اللجنة المركزية من التنظيم في غزة، والذي يشعر بغضب كبير نتيجة سياسة الحركة اتجاه أبنائها في غزة، ويبدو أن مرحلة كسر العضم قد تطال حركة فتح أيضاً.
ويمكن رصد عدة معطيات تشير إلى خطورة إجراءات فتح وتأثيرها على وحدة الحركة حيث أن الأزمات المتراكمة تنذر بشرخ جديد في الحركة ما بين فتح غزة وفتح الضفة:
الأول: تصاعد الغضب لدى فتح غزة من جراء الشعور بالتهميش وتجاهل أبو مازن لمطالب التنظيم والإجراءات التي يتم اتخاذها والتي أثرت على شعبية الحركة في غزة وعلى ولاء أبنائها خاصة بعد سياسة قطع الرواتب والخصومات التي طالت 50% من رواتب موظفي السلطة وجلهم من أبناء فتح.
الثاني: يشعر التنظيم بغزة بحالة الاستقواء التي تمارس عليه من القيادة في الضفة خاصة بعد الإصرار على إقامة مهرجان الانطلاقة بغزة ودفع أبناء الحركة في أتون معركة خاسرة ضد حماس سيدفع ثمنها أبناء فتح غزة وحدهم ، إرضاء لأبو مازن وقيادات الحركة في الضفة الذين عجزوا عن هزيمة حركة حماس وإخضاعها للسلطة لذا يحاولون التضحية بأبناء فتح غزة.
الثالث: لأول مرة تتخذ قيادة فتح غزة قرارا جريئا خلافا لرغبة أبو مازن بعدما شهدت الأيام الماضية خلافات شديدة بين قيادة التنظيم في غزة والضفة حيث كانت ترفض الأولى إقامة المهرجان بينما تصر الثانية على عقده رغم كل التحذيرات، من فتح وباقي الفصائل ما دفع قيادة الحركة بغزة لإلغاء المهرجان وهي خطوة غير مسبوقة في ظل حالة التفرد والهيمنة التي يمارسها أبو مازن ما يعكس حجم الغضب وينذر بانشقاقات جديدة بعدما أدركت فتح بغزة أنها ستكون كبش فداء.
ورغم صدور بيان من فتح بغزة يؤكد الغاء المهرجان إلا أن عددا من أعضاء اللجنة المركزية في الضفة صرحوا بأن المهرجان سيعقد في موعده، إلا أن فتح غزة رفضت هذه القرارات، ما دفع عددا من قياديي الحركة المطالبة لمحاسبة قيادة التنظيم في غزة.
وجاءت تصريحات اللواء توفيق الطيراوي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح التي طالب فيها بإقالة الهيئة القيادية لحركة فتح في قطاع غزة، على خلفية إلغاء احتفالات الانطلاقة في القطاع، ليصب المزيد من الزيت على نار الخلافات الفتحاوية.
الرابع: تخشى فتح غزة أن تدفع ثمن معركة كسر العظم التي يقودها عباس ضد حماس والتي تنذر بالمزيد من الإجراءات العقابية والقمعية ضد أهالي غزة، والتي ستطال أبناء فتح بالتأكيد خاصة في ظل ما يتردد عن خطوات تصعيدية ستطال قطع رواتب وإحالة الآلاف للتقاعد المبكر.
الخامس: فتح غزة تهدد باستقالات جماعية في حال اتخاذ أي إجراءات ضد قيادة التنظيم بالقطاع على أثر الأزمة الأخيرة، حيث كشفت مصادر فتحاوية، عن فحوى الاجتماع الذي عقد أول أمس في منزل أحمد حلس، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح.
وأضافت المصادر أن حلس، بدا وكأنه في خطاب استقالة وتنحي عن قيادة مفوضية التعبئة والتنظيم في المحافظات الجنوبية، حيث أن قرار الاستقالة لكافة أعضاء المفوضية، أصبحت الآن بيد أبو ماهر، وهذا الأمر قد يتم في أقرب وقت، لا سيما وأن الجميع يريد إيضاحاً من اللجنة المركزية، حول دعوات الطيراوي.
واعتبرت المصادر أن حلس إذا ما استقال، فإنه سيستقيل فقط من المفوضية، وليس من اللجنة المركزية، إضافة إلى ذلك، فإن أي إجراءات جديدة، ستكون بحق قيادة فتح بغزة، لن يتم القبول بها، بل إن هنالك استقالات بالجملة، قد تُقدم في تلك الحالة.
السادس: إجراءات أبو مازن التي تمهد الأرض لتطبيق صفقة القرن عبر القرارات السياسية والإدارية التي يتخذها لفصل غزة عن الضفة لا يمكن عزلها عن قيادة فتح بغزة والتي ستتأثر بها بشكل كبير لذا فمن المتوقع أن تبحث فتح غزة عن مصالح أبنائها وتبني تحالفات في غزة بعيداً عن فتح عباس في الضفة والتي تقطع الطريق على أي أمل للمصالحة مع حماس أو حتى داخل فتح ذاتها.
ورغم الخلافات العلنية وتصاعد الأزمة الأخيرة إلا أن الأيام القادمة حبلى بالكثير من الأحداث على ضوء القرارات التي سيتخذها عباس، وبقدر قسوة تلك القرارات والتي تزيد حجم الانشقاقات وتفاقم الواقع الإنساني بغزة بقدر ما ستحرر عدة أطراف منها فتح غزة للعمل بعيداً عن فتح الضفة.