جاء قرار تشكيل خمسة فصائل يسارية للتجمع الديموقراطي الفلسطيني في وضع حساس تمر به القضية الفلسطينية، خاصة مع مخاطر الانفصال التي تهدد غزة والضفة بسبب العقوبات التي يفرضها رئيس السلطة على القطاع وإجراءات الاحتلال ضد الفلسطينيين.
ويسعى التجمع بحسب القائمين عليه إلى مواجهة الانقسام وصفقة القرن والتطبيع مع الاحتلال، إلا أن مراقبين يتساءلون عن جدوى اجتماع الفصائل في حين أن أيا منها لم تحقق أي إنجازات منفردة على مدار12 عاما.
عضو اللجنة التحضيرية للتجمع عمر عسّاف أكد أن فكرة التجمع متأخرة وليست جديدة وكان يعول على انها تأخذ دورها في السابق إلا أن ذلك لم يحدث، موضحا أن هناك ضرورة موضوعية في الحالة الفلسطينية تفرض توحيد الجهود لإنهاء الانقسام وتصدر المهام الوطنية.
وبين أن تفعيل التجمع أصبح ملحا في ظل ظرف فلسطيني معقد وأوضاع اجتماعية واقتصادية مغلقة، ذاكرا أن بات من الواجب على الفلسطينيين المعنيين بإنهاء الانقسام ونصرة المهمشين ورفض الانفصال رفع صوتهم.
وحول إمكانية تغيير الواقع الفلسطيني خاصة أن فصائل التجمع هي موجودة بالأساس قال عساف "للرسالة": "الفصائل موجودة لكنها تعاني من الشرذمة والخضوع كونها منفردة وتتعرض للضغط المحلي والخارجي، والبعد عن قواعدها الأساسية لذا لم تعد تمسك بقضايا المجتمع اليومية المهمة".
وتابع: الآن مهمة التجمع هي تجاوز الحالة السابقة ومعالجة الفجوة بين الناس والنظام السياسي واستقطاب من له مصلحة في الوحدة والتغيير والتصدي لصفقة القرن والتطبيع، لافتا إلى أن ما يجري ليس جمعا كماي للقوى بل نوعي.
وعن إذا ما كان التجمع يلزم الفصائل المنضوية تحته بمواقف ورؤية موحدة من الملفات الفلسطينية وما يجري على الساحة أوضح عساف أن هناك ورقة أساس لعمل التجمع وهي ملزمة للجميع، مبينا أن النقاش لازال جاريا بشأن آليات العمل لكنه يسعى لأخذ موقف موحد بعد نقاش داخل التجمع.
وأبرز العناوين التي يعمل عليها التجمع حاليا بحسب عساف هي إنهاء الانقسام الفلسطيني، ومواجهة صفقة القرن، بالإضافة لمواجهة التطبيع الحاصل.
في المقابل يرى أستاذ العلوم السياسية الدكتور تيسير محيسن أن التشكيل الجديد الذي يضم تيارات ذات توجه يساري لن يحدث حالة او نقلة في ميزان الخارطة الحزبية في الساحة الفلسطينية وتحديدا في غزة او في التعامل مع الملفات الداخلية والخارجية.
ويذكر أن الفصائل ذاتها بينها تباينات رغم ايجادها لقاسم مشترك الآن لتلتف حوله في ظل واقع لدى جزء منها أصبح لا هو مع تيار المقاومة بشكل كامل، ولا مع المنظمة في ظل التبيان بين فتح وقيادتها وبين الفصائل بعد الاختلافات حول منظمة التحرير.
ويعتقد محيسن أن لجوء الفصائل لحالة من التوحد هو محاولة هروب من مشكلة تعانيها نفس الفصائل في بنيتها التنظيمية وفي علاقتها في إطار منظمة التحرير حيث أن كبرى الفصائل هي جزء من المنظمة لكنها باتت خارج التفاعل بعد اقصائها من محمود عباس وفريقه والتفرد الذي يمارسه.
ويبين أن هدف الفصائل من تشكيل التجمع هو تثقيل وزنها السياسي في الساحة الفلسطينية بين مشروعين، أملا في أن تكون بيضة القبان لكي يسعى كل مشروع لجذب هذا التكتل لطرفه وبالتالي تكون في موقع الدلال، معتقدا أنها لن تكون ذات تأثير في الساحة إلا بالحجم الذي كانت تمثله منفردة.
وكانت القوى الديمقراطية الفلسطينية وعددٌ من الشخصيات المستقلة والحراك الشعبي وممثلو منظماتٍ أهلية قد أعلنوا في مدينتي غزة ورام الله بالتزامن، عن انطلاقة التجمع الديمقراطي الفلسطيني، بعد اجتماعاتٍ في الضفة والقطاع، بمشاركة أكثر من 700 شخص.
ويضم التجمع الجبهة الشعبية، والجبهة الديمقراطية، والمبادرة الوطنية، وحزب الشعب، وفدا، الى جانب مجموعة من الشخصيات الوطنية المستقلة.
وقال التجمع في بيان انطلاقته إنه يأتي "كصيغة ائتلافية تعمل داخل إطار منظمة التحرير الفلسطينية وعلى المستوى الشعبي من أجل بناء كتلة شعبية متنامية تساهم في تفعيل المقاومة الشعبية ضد الاحتلال، وتستنهض المعارضة الجماهيرية للسياسات التي تغذي عوامل الضعف في حركتنا الوطنية عبر إدامة وتكريس الانقسام والتنكر للديمقراطية والشراكة الوطنية".