على طريقة الأونروا، ساق برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة نفسه في مركبة التقليصات التي تستهدف الخدمات والمساعدات الإنسانية المقدمة للاجئين الفلسطينيين في الضفة المحتلة وقطاع غزة.
وتذرع برنامج الأغذية بذات الذريعة التي سوقتها "الأونروا"، إذ أعلن أن نقض التمويل المالي من الدول المانحة وضعفه خلال عام 2018، يعتبر سبباً رئيسياً في موجة التقليصات التي ستطال قرابة 27 ألف فلسطيني في الضفة الغربية المحتلة منذ بداية العام الجاري.
ويثقل قرار التقليصات على الأسر الفقيرة في الضفة المحتلة، إذ أفادت العديد من العائلات الفلسطينية بأن برنامج الأغذية العالمي لم يجدد منذ بداية العام بطاقة شراء المواد الغذائية على الرغم من ظروفهم الاقتصادية الصعبة وتعطل أربابهم عن العمل بصورةٍ كاملة.
وفي ذات السياق كشفت ياسمين أبو العسل، مدير برنامج الأغذية العالمي، أن الاقتطاع الكامل الذي قرره البرنامج أستهدف 27 ألف فرد فلسطيني يقطن في الضفة المحتلة، بينما تم تحييد الأسر الفقيرة في قطاع غزة نتيجة تردي الظروف الاقتصادية في القطاع بصورة كبيرة.
وقالت أبو العسل في حديث خاص بـ "الرسالة": "رغم أن البرنامج لم يقطع المساعدات عن الأفراد في قطاع غزة، إلا أنه قلص قيمة المساعدات المالية لـ 20% على 165 ألف فلسطيني، بينهم 110 آلاف في قطاع غزة، بعد بلوغ نسبة العجز المالي لقرابة الـ 60% العام الماضي".
وعزت أبو العسل التقليصات إلى النقص التدريجي في التمويل من الدول المانحة، إذ ارتفع هذا العجز بوتيرة كبيرة خلال عام 2018، لاسيما بعد إعلان الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة الرئيس ترمب تقليص المساعدات المالية المقدمة للأمم المتحدة التي كانت تعتبر أكبر المانحين.
وطمأنت في نهاية حديثها الأسر المتضررة بإمكانية إعادة صرف المساعدات لهم حال سُد العجز في التمويل، إذ يعتبر وقف المساعدات مؤقتا وليس قراراً نهائياً، مطالبة الدول المانحة بإعادة تمويلها وتكثيفه خلال عام 2019 لتتمكن من إسعاف الأسر الفقيرة.
بدورها حذرت حركة المقاومة الإسلامية حماس، من استمرار سياسيات التقليصات التي تنتهجها الأمم المتحدة، ومن تداعيات خطورتها على حياة أبناء الشعب الفلسطيني الذي يقبع تحت الاحتلال "الإسرائيلي" منذ عام 1948.
ورفضت حماس في تصريح صحفي وصل "الرسالة"، " المبررات التي يسوقها برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة لتقليص مساعداته وخدماته للاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وقالت في بيانها "إن لهذا التقليص آثارا كارثية على حياة مئات الآلاف من أبناء شعبنا الفلسطيني، إضافة إلى التسبب بانعدام الأمن الغذائي لهم، وتفاقم أزماتهم الإنسانية، كونهم يعتمدون بشكل أساسي على هذه المساعدات والخدمات وتحديدا في ظل الظروف الصعبة والقاسية التي يمر بها شعبنا من ظلم، واستمرار انتهاكات الاحتلال بحقهم، وحصاره قطاع غزة، وحرمانهم من لقمة عيشهم وأبسط حقوقهم."
ودعت حماس الأمم المتحدة إلى تحمل مسؤولياتها والتراجع عن هذه الإجراءات، والعمل على حل أزماتها المادية.
ورغم خطورة قرار تقليص الأمم المتحدة لمساعداتها في برنامج الغذاء العالمي على العائلات الفلسطينية الفقيرة، والذي قد يحمل في طياته أبعادًا سياسة، إلا أن السلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس عباس التي تعتبر ممثلاً للشعب الفلسطيني في الساحة الدولية، التزمت الصمت تجاه هذه التقليصات الخطيرة ولم يصدر منها أي خطوة تطالب بوقفها.
ويعاني أهالي قطاع غزة من ظروف اقتصادية صعبة، بعد استمرار الحصار "الإسرائيلي" عليهم للعام الـ 12 على التوالي، واتخاذ الرئيس عباس سلسلة من الإجراءات الظالمة عليهم، إذ يعتمد 80% من الغزيين على المساعدات الدولية التي تأثرت بعد وقف الإدارة الأمريكية المساعدات للفلسطينيين والتي زادت عن 500 مليون دولار.