وصل الطفل عبد الرؤوف "سعد" صالحة (14 عاما) متأخرا إلى الأماكن المخصصة لوقوف الحافلات التي تنقل المشاركين في مسيرات العودة، ليصر على اللحاق بالمشاركين مشيا على الأقدام برفقة صديقه محمد.
محمد الذي عاد وحيدا في ذاك اليوم، بعد أن أصيب رفيق دربه وزميله في الدراسة عبد الرؤوف بطلق ناري في الرأس، أجلسه على سرير المستشفى في غرفة العناية المكثفة عدة أيام قبل أن يرتقي شهيدا مساء الأحد الماضي.
ويروي محمد تفاصيل يوم إصابة صديقه عبد الرؤوف، قائلا: "منذ اليوم الأول لمسيرات العودة، لم يفوّت عبد الرؤوف يوم جمعة إلا وشارك في مسيرات العودة".
وأكد أن صديقه الشهيد كان في الصفوف الأولى دوما، يمتهن قطع السياج والوقوف على العتبات الأولى لبلادنا المحتلة.
ولفت محمد إلى أن جميع من يعرف عبد الرؤوف، يدرك أنه قوي القلب رغم صغر سنه، "فكان لا يهاب طلقات الاحتلال، ويشجع الشباب الأكبر منه سنا على الوصول للسياج الفاصل".
أنهى محمد حديثه وعيناه تدمعان، "كنت أرافقه دوما إلى المدرسة وإلى مسيرات العودة، لا أستطيع الخروج وحدي بعد اليوم، علمني الكثير من الشجاعة التي كنت أفقدها".
وكثيرا ما كان يذهب الشهيد عبد الرؤوف وصديقه إلى مسيرات العودة برفقة والدة الشهيد أم عمر، والتي تصر دوما على المشاركة في المسيرات.
وتروي والدة الشهيد لـ"الرسالة" تفاصيل اليوم الأخير لابنها في البيت، والتي تعذر عليها المشاركة في المسيرات، قائلةً: "كنا جالسين في البيت، وهمّ عبد الرؤوف للخروج في المسيرات، فقال لخالته التي زارتهم في بيتها، لا تذهبي إلى بيتك اليوم، لأنني سأعود مصابا أو شهيدا".
وأشارت أم عمر -والدة الشهيد- إلى أنها استغربت استعجال نجلها في تناول طعام العداء يومها، قائلة: "كان متحمسا للمشاركة والذهاب للمسيرات مبكرا، على غير العادة، قلت له الوقت ما زال مبكرا ولكنه أصر على التبكير أكثر".
وأكدت أن فلذة كبدها كان مولعا بالمشاركة في مسيرات العودة، ولا يفوّت أي مسيرة يومي الاثنين والجمعة، لافتةً إلى أنه كان ملتزما بأداء صلاة الجماعة في المسجد.
وتساءلت والدة الشهيد عن الأسباب التي دفعت جنود الاحتلال لإصابة نجلها في رأسه، داعية لضرورة محاسبة الجيش الإجرامي على قتله للمواطنين العزل.
وأضافت: "رغم صغر سنه، إلا أن عبد الرؤوف كان رجلا بالبيت أعتمد عليه في كثير من الأمور الحياتية، عزاؤنا الوحيد أنه عند ربه في منزلة أفضل بإذن الله".
وبارتقاء الشهيد صالحة، يرتفع عدد شهداء مسيرات العودة منذ 30 آذار الماضي إلى 257 شهيدا، منهم 45 طفلا.