تزامنا مع انطلاق الحملات الانتخابية في الكيان الإسرائيلي، سرعان ما انهالت الصواريخ الإسرائيلية على المناطق السورية، بذريعة ضرب أهداف إيرانية ردا على إطلاق الأخيرة صاروخا على (إسرائيل) من الأراضي السورية.
ونقل موقع روسيا اليوم عن وزارة الدفاع الروسية قولها إن الهجمات الإسرائيلية أسفرت عن مقتل أربعة جنود سوريين وإصابة ستة أشخاص آخرين بجروح. وأوضحت الوزارة أن القوات السورية قد اعترضت 30 صاروخًا إسرائيليا خلال الساعات الثماني والأربعين الماضية.
وقد نشر جيش الاحتلال الإسرائيلي شريط فيديو قصيرا يزعم إظهار هجماته على البطاريات السورية المضادة للطائرات. وتقول (إسرائيل) إن هجماتها تستهدف القوات الإيرانية المتمركزة في سوريا.
وكان رئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو قال مؤخرا إن قواته هاجمت مئات الأهداف التابعة لإيران وحزب الله في سوريا، في وقت تحدث رئيس أركانه السابق غادي إيزنكوت عن هجمات مماثلة بالآلاف لم تعلن عنها (إسرائيل).
ويبدو أن نتنياهو يحاول الإيحاء أن كيانه ما زال يمسك بزمام المبادرة وقادر على الهجوم والضرب بقوة في عمق الأراضي السورية، بعد الانسحاب الأمريكي من هناك.
ويدلل إعلان نتنياهو الذي يخضع للتحقيق بين حين وآخر بسبب تهم الفساد، إلى أنه يحاول التظاهر بأنه الرجل القوي الذي يحارب التوسع الإيراني في المنطقة، ويحافظ على الأمن للمستوطنين؛ لرفع أسهمه في الوقت الذي انطلقت فيه الحملات الانتخابية بين الأحزاب الإسرائيلية.
ويؤكد الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي د. مأمون أبو عامر أن رفع وتيرة القصف الإسرائيلي في الساحة السورية في هذا التوقيت هدفه الأول سياسي إسرائيلي داخلي لخدمة الأجندة الانتخابية لنتنياهو.
ويوضح أبو عامر أن التصعيد الإسرائيلي والإعلان عنه يأتي تأكيدا على الهيمنة الإسرائيلية بمظلة أمريكية على الأجواء السورية في ظل التواجد الروسي، متسائلا: هل تنتهي الجولة بهذه الشاكلة؟
في المقابل فإن الكاتب والمختص في الشأن الدولي إبراهيم حميدي يرى أن التصعيد يحمل معاني جديدة بين (تل أبيب) ودمشق وطهران وموسكو، وإشارات إلى سعي الأطراف المتصارعة لفرض قواعد لعب جديدة تختلف عما كان يجري في السنوات الخمس الماضية.
ويعتقد حميدي في مقال له بصحيفة الشرق الأوسط أن إعلان نتنياهو المتكرر عن الضربات، مرتبط بالانتخابات، لتعزيز فرصه للفوز بفترة خامسة في الانتخابات المقررة في التاسع من أبريل (نيسان) المقبل.
ويلفت إلى أن الغارات تزامنت أيضا مع إعلان نتنياهو، أن (إسرائيل) "تصنع التاريخ"، وذلك بعد إعلان استئناف العلاقات الدبلوماسية بين بلاده وجمهورية تشاد. كما تزامنت مع انعقاد القمة الاقتصادية العربية في بيروت، وسط غياب معظم القادة العرب عنها، وسط استمرار الانقسام السياسي اللبناني وجمود تشكيل الحكومة.
ويُشير إلى أن الغارات عكست رغبة (إسرائيل) في إرسال إشارة برغبتها الاستمرار في فرض "الخطوط الحمر" المتعلقة بـمنع تموضع إيران وإيصال السلاح النوعي إلى (حزب الله) ومنع إقامة قواعد إيرانية، وذلك بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب الانسحاب من سوريا.