قائمة الموقع

تعرف إلى نقاط ضعف الجيش الإسرائيلي "2"

2019-01-27T11:01:00+02:00
جيش الاحتلال
الرسالة نت - وكالات

يتقاعد لواء الاحتياط يتزاك بريك هذا الأسبوع بعد أن شغل منصب محقق الشكاوى لجيش الاحتلال (الإسرائيلي) عقدا من الزمن، وأصدر فيه تقارير مثيرة للخلاف عن جاهزية الجيش الإسرائيلي للحرب. وفي تقريرٍ للمحلل عاموس هارئيل في صحيفةٍ "هآرتس"، تحدث بريك عن انخفاض المعنويات داخل الجيش، ومسألة جاهزية قوات المشاة، وما وصفه بـ"أسوأ كارثة في الموارد البشرية منذ 1965".

وكانت "الرسالة" قد نشرت الجزء الأول من المقابلة التي تحدث فيها عن عدة ملفات تخص جيش الاحتلال، واليوم تنشر الجزء الثاني من المقابلة.

وحين سُئل بريك عن عملية التوريد الأساسية لملء المخازن بعد استخدام الجيش الأسلحة والذخيرة استخدامًا مكثفًا في الحرب على غزة عام 2014، قال: "في عروض الجيش الإسرائيلي التقديمية للوزراء وأعضاء الكنيست، يظهر أنَّ هناك عددًا كافيًا من قطع الغيار والأسلحة والذخيرة والتدريبات. لكن لا علاقة بين العروض التقديمية الجميلة وبين ما يحدث حقًّا على الأرض".

وعمليًّا، لا تُصان أنظمة التسليح المتعددة صيانةً مناسبة. ويتابع بريك: "يظنون أنَّهم قد حلُّوا المشكلة لأنهم أنفقوا المزيد من المال".

ويضيف بريك بحسب المقابلة: "يعتمد الجيش الإسرائيلي على معايير واهية. فجزءٌ ضخم من الوحدات ليس لديها روتين يومي إجباري. وفي أماكن عديدة، كل قائد يفعل ما يفهمه، بلا مراقبة. ووفقًا لانطباعاتي، المبنية على آلاف الزيارات إلى كل وحدات الجيش الإسرائيلي على مدار العِقد السابق، فقد قضى قادة الفِرق أقل من نصف وقتهم في إرشاد مرؤوسيهم والإشراف عليهم".

ويسترسل بريك قائلًا: "يضيع قدرٌ ضخم من الوقت على الاجتماعات والمراسم. ومنذ عام، ذهبتُ في جولة إلى المخافر في القيادة الشمالية والجولان والحدود اللبنانية. خلال تلك الزيارات، كنتُ نادرًا ما أجد قادة الفِرق هناك. كل قائد فرقة يريد أن يأتي المزيد من الضباط الشباب إلى كل الاجتماعات معه، وهذا ما يحدث. ويقول لي قادة فرق الجيوش العاملة إنَّ قائد الكتيبة لا يؤثر في الكتيبة إطلاقًا. لذا، ما الذي قد يجعلني أريد أن أبقى عاملًا بالجيش وأصير قائد كتيبة؟".

ويتفق بريك مع ضابط احتياط بارز تحدَّث مع صحيفة "هآرتس" الشهر الماضي، إذ يلاحظ انخفاضًا مستمرًّا في المعرفة الاحترافية لدى بعض وحدات الاحتياط في قوات المشاة، وهذا ناتج عن العدد المحدود لأيام التدريب في العام. إذ أنَّ الجيش قد منح الأولوية لكتائب معينة، ويدربها أكثر، لكنَّ وحدات أخرى تعاني من التجاهل. وفي الوقت ذاته، تتغير المعايير.

وحذَّر بريك في المقابلة من أنَّ الجيش الإسرائيلي يخاطر مخاطراتٍ مفرطة، قائلًا: "بنى رؤساء الأركان مؤخرًا جيشًا بارعًا وصغيرًا للسنوات العشرين أو الثلاثين القادمة. لكنَّ المشكلة أنهم لم يضعوا في اعتبارهم أنَّ التهديد المتوقع قد يتغير ثانيةً بسبب التغيرات المستمرة في الشرق الأوسط". وبحسب هارئيل، يبدو بريك بتحذيره هذا أثرًا من زمنٍ مختلف.

ويضيف بريك: "لقد بنى الجيش نفسه لأجل حربٍ على جبهتين: غزة ولبنان. لكن ماذا سيحدث لو تجدد الجيش السوري بعدما فاجأ نظام الأسد الجميع وانتصر في الحرب الأهلية؟ من الممكن بعد عامين أن نجد الدبابات السورية تواجهنا مجددًا على حدود الجولان".

ويكمل قائلًا: "الاستجابة للصواريخ الآتية من حزب الله ولبنان لا يمكن أن تعتمد فقط على القوات الجوية والمدفعية. ففي النهاية، سنحتاج أيضًا إلى مناورات من قوات المشاة".

يؤمن بريك بحسب المقابلة بأنَّ الجيش عليه أن يضع في اعتباره الاستعدادات اللازمة لسيناريو أكثر تطرفًا تشتعل فيه كل الجبهات، بما في ذلك قيام انتفاضة كالانتفاضة الثانية في الضفة الغربية. لكنَّه يحتفظ بأقسى كلماته لانتقاد وضع الموارد البشرية في الجيش الإسرائيلي. وهو بذلك يتناول مشكلةً أوسع، غطتها صحيفة "هآرتس" في السنين الأخيرة، ألا وهي انخفاض الدافع للخدمة في الوحدات الحربية، والانخفاض في رغبة الضباط الشُبَّان للالتحاق بوظائف الجيش، ونقص عدد الضباط في وظائف الدعم الحربية (كالخدمات اللوجستية والذخائر)، والانخفاض في الالتزام من جانب الكثير من جنود الاحتياط.

ويقول بريك: "هذه أسوأ كارثة رأيتها منذ التحقتُ بالخدمة العسكرية الإجبارية عام 1965. تعرض مديرية الموارد البشرية عروضًا تقديمية، وتقول إنَّه في المتوسط بين الوحدات، الوضع جيد. إنَّهم يذكِّرونني بنكتة عن رجل غرق في حوض سباحة متوسط عمقه 40 سم. إنَّ الجيش الإسرائيلي يملك قادة كتائب وقادة فيالق جيدين، لكن من بين قادة الفرق والضباط في وظائف الدعم الحربية، يهرب الكثيرون لأنَّهم لا يريدون البقاء في الجيش الذي يرونه متواضع المستوى".

ويضيف اللواء: "يوجد مزيجٌ من العوامل هنا، وهو مرتبط بالنموذج الجديد لنظام العمل بالجيش، الذي من خلاله يعرف ضباطٌ قليلون فقط أنَّه من المؤكد أنَّهم سينالون ترقياتٍ ويستمرون في الخدمة حتى يتقاعدون. إضافةً إلى ذلك، لو كان من الضروري أن تتنازل عن تنفيذ المهمات لعدم وجود موارد أو أناس كافيين، ولا تريد أن تعترف بذلك لأنَّك لا تريد الإضرار بصورة الجيش، فهناك ضباط يقولون: أُفضِّل الرحيل بدلًا من أن يُخرسوني حين أقول ما يحدث حقًّا".

ويتابع قائلًا لهارئيل: "أسمع هذه الأشياء طوال الوقت في اجتماعاتٍ مع الضباط الشُبَّان. يواجه الجيش مشكلة خطيرة في رُتبتي النقيب والرائد، إذ يرغب الضباط الأكفاء في الرحيل. وبعد عامٍ أو اثنين، قد نصل إلى نقطة اللا عودة".

ومن بين كل المشكلات، من الواضح أنَّ هذا هو أشد ما يُقلقه؛ إذ يقول: "هذا البلد يعيش على سفينة التايتانيك". قالها رافعًا صوته، وهو ما جعله للحظةٍ يبدو كنذير الشؤم، كما يصفه معارضوه خلف ظهره. ويكمل بريك قائلًا: "الجميع سعداء في المطاعم والمقاهي. إنَّهم لا يريدون سماع أخبار سيئة عن وضع الجيش. إنَّ الجيش يحكي قصصًا وقد ناموا وهُم يستمعون إليها".

ويوضح هارئيل أنَّه حين سُئل بريك عن سبب الرفض الذي تلقَّته تحذيراته بشأن جاهزية الجيش للحرب من لجنتين عسكريتين ولجنة فرعية بالكنيست معنية بجاهزية الجيش، قال: "لجنة الدفاع والشؤون الخارجية ليست لديها سلطة. إنَّها تعتمد أكثر مما ينبغي على تقارير الجيش. وتوجد أيضًا مشكلة سياسية؛ إذ أنَّ الناس يستعدون للانتخابات، ولا يريد قادة الأحزاب أن يعبثوا بالثوابت".

وفي الشهور الأخيرة، التقى عددٌ من الوزراء ببريك على حدةٍ وبناءً على طلبهم. لكن وفقًا لهارئيل لم يقل أحدٌ أي شيءٍ صريح عن وجود خلافاتٍ بين الجيش ومحقق الشكاوى.

ويقول هارئيل إنَّه حتى وزير الدفاع السابق أفيغدور ليبرمان، الذي استمع بصبرٍ إلى بريك، كان قلقًا من الوقوف بجانبه. حتى أنَّه منذ شهور قليلة، في قمة الخلاف بين بريك وأيزنكوت، أعلن ليبرمان أنَّ جاهزية الجيش الإسرائيلي وصلت إلى أفضل مستوى لها منذ عام 1967. لكن في حواراتٍ مع ضباط بارزين متقاعدين، بدا ليبرمان أكثر تشككًا إلى درجةٍ كبيرة.

وفي حفل الوداع الذي أُقيم حين تقاعد بريك هذا الأسبوع، بدا أكثر دعمًا لأيزنكوت بعدما انقطعت العلاقات بينهما العام الماضي. وأثنى إيال زمير نائب رئيس الأركان الجديد وممثل الجيش الإسرائيلي في الحفل على بريك.

لقد كان هذا الحفل حفل وداع وليس حفلًا لتغيير القيادة. وبحسب هارئيل، لا أحدٌ في مؤسسة الدفاع متعجل لإيجاد بديل لبريك. ربما يريدون فقط أن يستمتعوا بالهدوء وقتًا أطول، قبل أن يستطيعوا إيجاد مرشحٍ لن يزعجهم إلى هذا الحد.

صوتٌ مشابه

بينما تَجَادَل بريك على الملأ مع أبرز الضباط، عقد في الوقت ذاته سلسلةً طويلة من الاجتماعات قال فيها ضباط بارزون أشياءً مختلفةً نوعًا ما. ويشير هارئيل إلى اقتباسٍ من اجتماع عقده بريك في سبتمبر (أيلول) مع ضابط بارز جدًّا تقاعد مؤخرًا، قال فيه الضابط: "توجد مشكلة وعي. الرُتب البارزة لا تعتمد على قوات المشاة. والرسالة الموجهة إلى القادة الشباب، والتي لا تُقال بصوتٍ عالٍ، هي أنَّه من الممكن إنهاء حرب بجهاز مخابرات جيد وقوات جوية جيدة. يؤثِّر هذا على روح القادة. هذا هو سبب الخوف من إرسال قوات مشاة إلى مناطق العدو. حين يحدث هذا، في حرب واسعة النطاق، سوف يكون أمرًا مفزعًا بالنسبة للشعب. ستكون حرب أكتوبر مجرد نزهة مقارنةً بما سيحدث".

وأضاف: "بعد حرب لبنان الثانية وعملية "الجرف الصامد" (الحرب على غزة عام 2014)، لم يُجرِ الجيش الإسرائيلي تحقيقاتٍ متعمقة، ولم يتوصل إلى نتائج. وكانت هذه هي الرسالة الضمنية: إنَّ الجيش الإسرائيلي هو القوات الجوية. هذا مبدأ كارثي. ونتيجة لذلك، تنهار عزيمة القيادة الشابة".

واختتم الضابط البارز كلامه بقوله: "هذا هو أدنى معايير قوات المشاة، بلا طموح في التميز أو الانضباط. القوات الجوية وحدها لا تستطيع إيقاف إطلاق الصواريخ علينا. في عملية "الجرف الصامد"، أطلقت القوات الجوية مئات الذخائر الدقيقة دون أن تحقق الكثير. ولهذا استُخدِمَ كل شيء لتخفيف الشعور بالإحباط".

اخبار ذات صلة
اربع نقاط ضعف للبارسا
2011-04-15T21:00:00+03:00