بشكل منظم ووفق رؤية استراتيجية تخدم الهجمات التي يقودها قطعان المستوطنين في الضفة الغربية المشروع الصهيوني الذي يهدف إلى القضاء على تواجد الفلسطينيين في الضفة الغربية وافساح المجال أكثر نحو تمدد المشروع الصهيوني الاستيطاني.
ويعكس حجم الهجمات المتصاعدة للمستوطنين السياسة الإسرائيلية اتجاه الفلسطينيين في الضفة الغربية، ومنذ بداية 2018 وحتى منتصف ديسمبر من العام نفسه، نفذ المستوطنون 482 عملية صنفت كجرائم قومية، مقابل 140 عملية كانت خلال نفس الفترة من عام 2017، مما يعني ارتفاع في عدد الجرائم القومية ثلاثة أضعاف، والتي شملت عنف من المستوطنين ومن نشطاء اليمين ضد الفلسطينيين، مثل إلقاء الحجارة، كتابة الشعارات العنصرية، وتخريب المنازل والمركبات، وقطع الأشجار.
آخر الهجمات المنظمة تلك التي شنها المستوطنون ضد قرية المغير شمال شرق رام الله، عقب اقتحام مستوطنين للقرية بمساندة من قوات الاحتلال الإسرائيلي، ما أسفر عنه مواجهات واستشهاد مواطن فلسطيني واصابة عدد آخر بجراح مختلفة.
المراقب لطبيعة هجمات المستوطنين يجد انها تتركز في القرى المحيطة بالمدن الكبرى والتجمعات الفلسطينية، لعدة أسباب أبرزها ان هذه القرى عدد سكانها قليل وبعيدة عن مراكز المدن والتجمعات، حيث يستفرد المستوطنون بالمواطنين الذين يقبعون في تلك القرى دون أي حماية، خاصة أن قوات الامن الفلسطينية التي تقدس التنسيق الأمني تترك المواطنين دون حماية.
ويمكن رصد عدة معطيات تقوم عليها استراتيجية الجيش والمستوطنين في مهاجمة سكان القرى في الضفة.
الأول: الاعتداءات تتم بدعم وحماسة من جيش الاحتلال ما يعني أنها عمل منظم وليس فردي ويتم وفق استراتيجية إسرائيلية يتم تقديم المستوطنين فيها وتأخير الجيش لتظهر حكومة الاحتلال وكأنها بعيدة عن الأمر.
الثاني: يستخدم المستوطنون الذخيرة الحية والحجارة والعصي وكل الأدوات الممكنة للاعتداء على الناس بطريقة وحشية لكن في نفس الوقت ليست فجة بالنسبة للمجتمع الدولي الذي يغض الطرف عن هذه الاعتداءات، لكنه ينتفض حينما تكون الجريمة أكثر بشاعة واستفزاز مثل جريمة حرق عائلة دوابشة او حرق الطفل محمد أبو خضير، وذلك بهدف ضمان استمرار هذه الاعتداءات دون أن تتسبب بإحراج لحكومة الاحتلال.
الثالث: تهدف هذه الاعتداءات المتكررة التي تتركز على القرى إلى تهجير سكانها خوفا على حياتهم وأبنائهم وممتلكاتهم وذلك لتأمين طرق المستوطنات عبر السيطرة على أراضيهم وبناء طرق ومستوطنات تضمن تواصل مستوطنات الضفة، وفي ذات الوقت قطع الطرق والتواصل بين مدن الضفة.
وفي الصورة العامة تحقق هذه الاعتداءات هدف كبير ومهم لحكومة الاحتلال عبر حشر السكان الفلسطينيين في المدن الخمس الكبرى في الضفة لتصبح تجمعات سكانية معزولة عن بعضها البعض يسهل السيطرة عليها فيما بعد خاصة في ظل مخططات الاحتلال ضم الضفة.
المختص في الشأن الإسرائيلي من حيفا رازي نابلسي تحدث في مقال له عن السيناريو الأسود في فلسطين وقال "هو ذاك الذي سيُهاجم فيه في يوم من الأيام مستوطنو "حلاميش" قرية "النبي صالح" بأسلحتهم الأوتوماتيكيّة، فيبطشون بالأهالي، في النظريات العسكرية، يُقال أنه يتوجّب دائماً على المُهاجم ترك طريق هروب للضحيّة".
وتابع " طريق أريحا - الأردن فهي غالباً غير مفتوحة، ولكن ما زالت هناك 25 ألف شقة فارغة في رام الله وحدها، وغيرها في المُدن المركزيّة الفلسطينيّة.. والهرب إليها من قبل أبناء المُدن الصغيرة والقرى مستمر، ليتوسّع الاستعمار أكثر وأكثر حول المعازل الفلسطينيّة الخمسة: أريحا، بيت لحم، الخليل، جنين، ورام الله".