محمد الأسعد ولد في 6 سبتمبر 1944 في قرية "أم الزينات"، جبل الكرمل، في فلسطين. يعتبر واحداً من أبرز الشعراء والأدباء النقّاد العرب، وفي طليعة أدباء فلسطين في المنفى العربي، تنقّل وعاش في أكثر من بلد عربي وأوروبي(1). وجمع بين موهبة الكتابة الشعرية والنقدية والروائية والبحثية والترجمة من اللغة الانكليزية. وكان الأبرز بين من قدموا شعر الهايكو الياباني إلى القاريء العربي (15). ترجمت بعض أعماله الى عدد من اللغات منها الفرنسية والبرتغالية والعبرية.
بدايته الشعرية:
تميز أسلوب الأسعد بالإحكام والحيوية منذ بدايته، ولعل أفضل ما يشير إلى هذا التميز أنه منذ صدور مجموعته الأولى "الغناء في أقبية عميقة"، لوحظ أنه من الأصوات العربية الشابة التي ظلت موالية لتراث الخمسينات الشعري في الوقت الذي وقفت فيه أمام بداية أخرى. وهي حالة نادرة أشار إليها الناقد والشاعر العراقي د.علي جعفر العلاق في مقالة له حملت عنوان " عودة إلى أجواء القصيدة الخمسينية" حلل فيها مجموعة الشاعر الأولى.
حياته:
تحت عنوان "سحر الكتابة"، نشر الشاعر محمد الأسعد لمحات من سيرته الذاتية في العام 2009، وتضمنت أهم المحطات في حياته بأسلوب فني مبتكر(5). وأهم المعلومات المستقاة من هذه السيرة أنه مولود في قرية أم الزينات التي تقع على السفح الجنوبي لجبل الكرمل الفلسطيني المطل على ساحل حيفا في 6 أغسطس 1944. وحين كان في الرابعة من عمره هاجمت قريته قوة مسلحة تسليحاً ثقيلا من عصابة الهاجاناه الصهيونية ليلا، فاحتلت القرية بعد دفاع مستميت من قبل القرويين، وقتلت كل من أصر على البقاء. وتشرد من بقي من سكان القرية على الدروب الوعرة وصولا إلى قرية "دالية الكرمل" القريبة، ولكن العصابات الصهيونية لاحقتهم إلى هناك وأجبرتهم بالقوة على النزوح سيرا على الأقدام وصولا إلى جنين. وهناك افترش الشاعر الصغير مع أفراد أسرته أرض إحدى البساتين، وعاشوا في العراء، قبل أن يعرض الجيش العراقي المنسحب من جنين على اللاجئين من قرى الكرمل أخذهم إلى العراق. في بغداد زج باللاجئين الفلسطينين في مدارس يهودية أطلقوا عليها فيما بعد اسم "التوراة"(6) ثم تم توزيعهم، فظل قسم منهم في بغداد ونقل قسم إلى مدينة الموصل شمالا، وقسم إلى مدينة البصرة جنوبا. وكانت أسرة الشاعر ضمن الأسر التي نقلت إلى البصرة حيث وضعت تحت حراسة مشددة في معسكر للجيش البريطاني مهجور في الصحراء جنوب البصرة يدعى معسكر الشعيبة. وبعد سنتين تم نقل الأسر الفلسطينية إلى مساكن في مدينة البصرة ذاتها شبيهة بالمساكن التي أقاموا بها في بغداد، وكانت من أملاك اليهود الذين هجرتهم الحكومة العراقية إلى فلسطين المحتلة (7). في البصرة أتم الشاعر تعليمه حتى المرحلة الثانوية، ثم التحق بجامعة بغداد في كلية التجارة والإقتصاد (1962) وانتسب إيضا إلى معهد الفنون الجميلة تحت إشراف الرسام العراقي الكبير إسماعيل الشيخلي. وخلال دراسته في جامعة بغداد بدأ الشاعر بنشر قصائده في مجلة "الأقلام" العراقية، كما نشر أول مقالاته النقدية وكانت عن الشاعر بدر شاكر السياب، وبدأ اسمه يظهر في مجلات أدبية شهيرة مثل مجلة"الآداب" البيروتية. بعد حصوله على الشهادة الجامعية (1967) انتقل الشاعر إلى الكويت وبدأ حياته العملية في الوسط الصحفي، في مجلة القوميين العرب، "الطليعة"، ومن موقعه ذاك ساهم في الكتابة في صحف ودوريات عربية عديدة، مثل "الآداب" و"الفكر العربي المعاصر". وظهرت له أول مجموعة شعرية عن وزارة الإعلام العراقية في العام 1974، تحت عنوان "الغناء في أقبية عميقة"، ثم توالت بعد ذلك مجموعاته الشعرية، إلى جانب كتبه النقدية. وفي العام 1990 نشرت دار رياض الريس للنشر في لندن أول رواية له وعنوانها"أطفال الندى" بتوصية من القاص السوري زكريا تامر والشاعر نوري الجراح، وبكلمة على غلاف الرواية للروائي الأردني غالب هلسا قال فيها عن رواية أطفال الندى أنها" رواية ذات فرادة في لغتنا العربية"(8). بعد الغزو العراقي للكويت، تنقل الشاعر في عدة بلدان عربية وغربية، وتعرض للإعتقال والإبعاد في قبرص بسبب موقفه السياسي المعارض لنهج منظمة التحرير الفلسطينية في التفريط بحق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة، ومحاولة تطويع العقل الفلسطيني للقبول بواقع الإحتلال الصهيوني لفلسطين (9) ثم عاد بعد عشر سنوات للإستقرار في الكويت. في العام 2002 ترجمت روايته أطفال الندى إلى الفرنسية (10) وتبعتها ترجمات إلى اليونانية (11) والبرتغالية (12) والعبرية (13)، كما صدرت سيرته الذاتية بتفصيل أكثر في كتاب نشرته دار اكت-سود & سندباد الفرنسية تحت عنوان "Par-dela Les murs” بالمشاركة مع المؤرخ يوسف الغازي، المصري اليهودي المهاجر إلى فلسطين المحتلة في العام 1951، وحررت الكتاب وأعدته للنشر الصحفية الفرنسية فرانسواز جرمين(14). ترجم بعض من شعره إلى الفرنسية والانكليزية وظهر في: 1-مختارات من الشعر الفلسطيني، تحرير وترجمة عبد اللطيف اللعبي، باريس، 1988 2- مختارات من الشعر العربي المعاصر، تحرير د. سلمى الجيوسي، مطبعة جامعة كولومبيا، نيويورك، 1989 3- مختارات من الأدب الفلسطيني المعاصر، تحرير د. سلمى الجيوسي، مطبعة جامعة كولومبيا، نيويورك، 1992
المنهج الفني:
يمكن إعتبار الشاعر محمد الأسعد شخصية فريدة من نوعها في الوسط الشعري الفلسطيني بخاصة والعربي بعامة، فقد جمع بين موهبة الكتابة الشعرية والنقدية والروائية والبحثية والترجمة من اللغة الانكليزية.
بعض مؤلفاته:
الغناء في أقبية عميقة ( الطبعة الأولى )، سلسلة ديوان الشعر العربي الحديث، وزارة الإعلام العراقية، بغداد، 1974
حاولتُ رسمكِ في جسد البحر ( الطبعة الأولى )، دار الطليعة، الكويت، 1976
لساحلك َ الآن تأتي الطيور ( الطبعة الأولى )، دار بن رشد، بيروت، 1980
مملكة الأمثال ( الطبعة الأولى )، دار العودة، بيروت، 1986
الأعمال الشعرية الجزء الأول (8 مجموعات)، كتاب مرايا الشعري، المحلة الكبرى، مصر، 2009
مقالة في اللغة الشعرية، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 1980
الفن التشكيلي الفلسطيني، دار الحوار، دمشق، 1985
بحثا عن الحداثة، مؤسسة الأبحاث العربية، بيروت، 1986
أطفال الندى، دار رياض الريس، لندن، 1990
نص اللاجيء، مجلة العصور الجديدة، القاهرة، ديسمبر 1999
حدائق العاشق، دار العصور الجديدة، القاهرة، 2001
شجرة المسرات: سيرة بن فضلان السرية، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 2004
أصوات الصمت، مسعى والدار العربية للعلوم – الكويت وبيروت، 2009