بلا أي أدنى حياء وطني تتعدى سلطة حركة فتح على المستحقات المالية لأهالي الشهداء والأسرى، دون اعتبار لتضحياتهم من أجل الثورة الفلسطينية التي قامت السلطة على دماء أبنائها، مع تجاهل واضح لمطالبات عدم المساس بهذه الملفات الوطنية الحساسة.
وليست المرة الأولى التي تعتدي السلطة برئاسة المنتهي ولايته محمود عباس على المستحقات المالية التي تصرف باسم منظمة التحرير للأسرى وأهالي الشهداء والجرحى، بل جرى ذلك في مرات عديدة، تمثلت بقطع رواتب أسرى وأهالي شهداء، وخصم نصف رواتب كل أسرى قطاع غزة، وتجميد رواتب آخرين لعدة أشهر، دون أي مسوغ سوى الابتزاز السياسي.
ووفقا لمصادر مطلعة فإن عدد المقطوعة رواتبهم عن شهر يناير 2019 بلغ 5043 موظفا، بينهم 1700 أسير وجريح وعائلة شهيد، والبقية من موظفي السلطة في القطاعين المدني والعسكري.
ولم تعقب السلطة على القرار الجائر الذي طال الأسرى وأهالي الشهداء والجرحى، وأبقت جميع الفئات المقطوعة رواتبهم في حيرة من أمرهم، في الوقت الذي لا زال نادي الأسير في انتظار رد عباس على طلب لقائه منذ أشهر طويلة، وبالتالي فهو لا يمتلك أي إجابات عن تساؤلات الأسرى ومطالبهم، برغم أنه الجهة الرسمية المسؤولة عن الدفاع عن حقوقهم.
ولاقى قرار السلطة سخطا عارما في أوساط المواطنين في قطاع غزة وكذلك فصائل المقاومة التي دعت إلى ضرورة التراجع عن القرارات الأخيرة في أقرب وقت ممكن، مؤكدة أن هذه الإجراءات التي طالت الموظفين وأهالي الشهداء والأسرى غير قانونية وتمعن في إذلال ومعاقبة أبناء غزة بشكل غير أخلاقي.
ويأتي هذا القرار برغم الحديث الإعلامي المتكرر لعباس وبقية قيادات السلطة بأنه لا مساس برواتب الأسرى والشهداء مهما اشتدت الأزمة المالية، أو الضغوطات الخارجية على السلطة.
وفي التعقيب على ذلك، قال مدير مكتب إعلام الأسرى ناهد الفاخوري إن ما تقوم به السلطة من قطع رواتب الأسرى وما تتخذه من إجراءات وقرارات تمس القضايا الجوهرية للشعب الفلسطيني الذي يقاوم الاحتلال لا يخدم بحال من الأحوال الوطن ولا القضية.
وأضاف الفاخوري في اتصال هاتفي مع "الرسالة": "نتساءل لمصلحة من تقطع رواتب الأسرى، ولماذا يعتدى على قوت عائلاتهم، وكيف تقابل السلطة تضحيات الأسرى والمحررين بزهرات أعمارهم بقطع رواتبهم أم هو سعي لإرضاء الاحتلال على حساب الشعب وقضاياه الوطنية".
وأكد أن رواتب الأسرى حق وواجب ممنوع المساس به، داعيا السلطة للتراجع قرارته باعتبارها تعسفيًة وغير أخلاقية وتمس بقضايا إنسانية حساسة، كما أنها رسالة سلبية للأسرى في سجون الاحتلال الذين يتعرضون يوميًا لأبشع صور الجرائم وهو بمثابة صفعة لهم وطعنة في ظهرهم وإنكاراً لتضحياتهم والتي لولاها لما كانت السلطة أصلاً.
وطالب الفصائل بالوقوف بجانب الأسرى والقيام بمسؤولياتهم تجاه قضيتهم العادلة حتى يتم انصافهم، فيما حثّ المؤسسات الوطنية والشخصيات الفلسطينية الحرة ذات التأثير للتدخل الفوري لدى أصحاب القرار بالسلطة للتراجع عن هكذا قرارات.
وشدد على أن مثل هذه القرارات لن تزيد الأسرى إلاّ ثباتاً على نهجهم ضد الاحتلال وأنهم ما خرجوا لراتب أو مكاسب شخصية بل لقضية ووطن وحرية.
ومن المتوقع أن تشهد الأيام المقبلة فعاليات غاضبة من أهالي الأسرى والشهداء رفضا لقرارات قطع الرواتب، في الوقت الذي تتجاهل فيه السلطة كل الاتصالات التي تجريها الشخصيات والمؤسسات الوطنية لحل الأزمة القائمة.
من جهتها، استنكرت الهيئة القيادية لأسرى حركة الجهاد الإسلامي قرار قطع رواتب المئات من الأسرى والمحررين في قطاع غزة، قائلةً إن أي خطوة في هذا الاتجاه تأتي متساوقة مع الاحتلال الذي يسعى دائماً لتركيع عوائل الشهداء والأسرى من خلال قطع رواتبهم.
ودعت الجهة التي اتخذت هذا القرار الجائر الرجوع عنه فوراً لأنه يتنافى مع أبسط مبادئ وأخلاقيات شعبنا، داعية المؤثرين وذوي الصلة وخاصةً في حركة فتح العمل على إلغاء هذا القرار الجائر، وإخراج ملف الأسرى والشهداء من أي تجاذبات أو خلافات، مطالبة أن يكون ملف الأسرى خارج أي تصفية حسابات مع أي جهة.