مجددا لم يتردد رئيس السلطة محمود عباس في التخلص من قيادات فتح "القوية" بقطاع غزة، بعد موافقته رسميا على طلب أبو ماهر حلس إعفاءه من مهامه مفوضا للحركة في المحافظات الجنوبية.
اختيار حلس وفق مراقبين في الحركة جاء في سياق قوته التي يتمتع بها، والتي يمكن بواسطته أن يواجه عباس خصمه العنيد محمد دحلان، الذي أطاح به وبرجاله قبيل انعقاد المؤتمر السابع للحركة.
ومنذ اختيار حلس الذي ابتعد قبل هذه الدورة الانتخابية عن مواقع التنظيم القيادية نتيجة خلاف مع دحلان وقربه من عباس، كما أفصح بذلك حلس لمقربيه اثناء اختياره، الا أنّه وجد نفسه في ذات الخانة بعد سلسلة من الإجراءات التي قيدت الرجل وأحرجته أمام قواعد الحركة في القطاع.
وكان قرار حلس الأخير بإلغاء مهرجان انطلاقة الحركة في غزة دون أخذ الإذن من رئيس الحركة محمود عباس، بمنزلة القشة التي قصمت ظهر البعير، فسرعان ما تعرض لحملة شرسة من قيادات بالمركزية أبرزهم حسين الشيخ وتوفيق الطيراوي.
واكتفى حلس بإبلاغ أمين سر اللجنة المركزية جبريل الرجوب بقراره إلغاء المهرجان، تزامنا مع ظهور حسين الشيخ على قناة العربية مؤكدا الاستمرار في تنظيمه، ما كشف عن حجم كبير من الخلافات الداخلية بينهم، برزت فصولها في الاجتماع الأخير للمركزية.
وعلى طاولة المركزية وضع حلس طلب اعفائه من مهامه لعباس، الذي أبقى القرار قيد التجميد حتى يوم الاثنين الماضي، الذي عاد فيه حلس لغزة، وأخبر فيه بموافقة عباس على الطلب، على أن يبقى مسيرا لأعماله حتى تكليف لجنة من عباس بإعادة تقييم أوضاع التنظيم.
وكشف مصدر قيادي رفيع المستوى بقيادة فتح في غزة، عن موافقة رئيس السلطة محمود عباس على طلب أبو ماهر حلس بإعفائه من مهامه مفوضا للتنظيم في المحافظات الجنوبية.
وذكر المصدر لـ"الرسالة" أن حلس تقدم بالطلب في اجتماع المركزية الأخير، ووافق عليه عباس قبل يومين، وتم اخطار حلس بالقرار، وصدر أمر بتشكيل لجنة من المركزية لإدارة شؤون فتح بالمحافظات الجنوبية.
وأشار المصدر إلى أن حلس اجتمع بأعضاء قيادة الأقاليم، وطلب منهم التعامل مع اللجنة التي ستشكل "دون إثارة قلاقل أو مشاكل، والتعامل معها بأريحية".
وأوضح المصدر ان اللجنة ستضم عددا من الأشخاص اضيف إليهم كل من روحي فتوح وإسماعيل جبر وماجد الفتياني أمين سر المجلس الثوري للحركة.
وبيّن المصدر أن عباس بصدد تعيين اثنين في اللجنة المركزية للحركة خلال الفترة المقبلة، وهو استحقاق قديم لم يقم به، ومن المتوقع أن يتم تعيين عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير احمد أبو هولي عضوا في مركزية فتح.
ورجح أن تذهب المركزية لتعيين ثلاثة اشخاص على الأقل من أعضاء المركزية الذين تعود اصولهم لغزة، لإدارة شؤون التنظيم وإلغاء منصب مفوض الحركة في المحافظات الجنوبية.
وأشار المصدر إلى أنّ حلس سيعود عضوا في المركزية دون استلام أي حقائب أو مهام.
وبيّن أن حلس أصر على تقديم استقالته، بعد اخفاقه في التوصل الى انتزاع قرار بتعيين تفريغات 2005، او إعادة رواتب بعض الموظفين المحسوبين على الحركة ممن تم قطع رواتبهم على خلفية تقارير كيدية.
وكانت الرسالة قد كشف سابقا عن لجنة خماسية شكلها عباس لتقييم أداء التنظيم في المحافظات الجنوبية.
ووصف القيادي بفتح ومسؤول هيئتها القيادية السابق في غزة يحيى رباح، قيادة التنظيم في غزة بـ"المريضة"، منتقدا أعضاء ممثليها في مركزية الحركة.
وشنّ رباح في تصريح خاص بـ"الرسالة"، انتقادًا لاذعا على قيادة الحركة في غزة وممثليها في اللجنة المركزية، متسائلا: "لماذا لا يعملون؟"
وقال رباح: "التنظيم في غزة عيّان -أي مريض- رغم وجود عشرات الآلاف بداخله، لكن متل المبخوخ عليهم حيّة"، وفق توصيفه!
وردًا على سؤال حول تشكيل لجنة خماسية من مركزية الحركة لتقييم أداء التنظيم في القطاع، أجاب: "في غزة تنظيم يضم عشرات الآلاف وله تاريخ ويجب على قيادته أن تنهض به وتدفعه للأمام".
وطرحت الخلافات الفتحاوية سؤالا مهما حول من يمكنه أن يخلف حلس في مهامه، خاصة بعد قرار عباس بتجميد المنصب وتكليف لجنة لقيادتها عوضا عنه.