احتفى محرك البحث غوغل أمس الأحد بالكاتب الفرنسي والمؤلف المسرحي الشهير موليير الذي يعد أحد رواد الكوميديا في تاريخ الفن المسرحي في أوروبا، وقد ترجمت أعماله إلى معظم اللغات الحية.
ومثل جُون بَاتِيسْت بُوكْلَان الملقب بموليير في ما يقرب من مئة مسرحية، من بينها 31 مسرحية من تأليفه، والتي تعد من أشهر الأعمال المسرحية في التاريخ، وعُرف من خلال مدرسة "الكوميديا الراقية" التي تميزت بتصوير الشخصيات وتكوين المواقف المضحكة.
وخلال حياته التي امتدت لقرابة الخمسين عاما، انعكست خبرته الحياتية على أعماله المسرحية التي قدم من خلالها عرضا لفئات مختلفة من البشر، وهي الأعمال التي أمتعت الجمهور لعقود وظلت واسعة الانتشار حتى بعد رحيله في 17 فبراير/شباط 1673.
ومن أبرز مسرحيات موليير التي اشتهرت عالميا (مدرسة الأزواج-1661، مدرسة الزوجات-1662، وطرطوف-1664، طبيب رغم أنفه-1666، البخيل-1668، عدو البشر-1670، النساء المتعالمات-1672، المريض بالوهم-1673).
لم تتوفر معلومات دقيقة حول نشأة موليير الذي ولد بالعاصمة الفرنسية باريس، لكن الباحثين أظهروا أن أمه كانت متدينة برجوازية بينما عمل والده بالقصر الملكي خادما. وعاش موليير مع والده وزوجته الجديدة، وتعلم في مدرسة يسوعية على يد عدد من نوابغ فرنسا مثل فولتير.
وبسبب قرب محل والده من مسرح فرنسي بسيط لممثلي الشوارع، تعرف موليير في صغره على عالم المسرحيات، وبعدما درس الحقوق والفلسفة عمل محاميا لفترة وجيزة لكنه تحول للمسرح لاحقا.
بداية العشرينيات من عمره ترك المحاماة وتفرغ للمسرح على خلاف إرادة أبيه وتقاليد العائلة، وفي يونيو/حزيران 1643 اشترك مع ثلاثة من أسرة بيجارمادلينا وجوزيف وأخته جنيفيف وسبعة آخرين وأستاذه القديم جورج بينيل -الذي سمى نفسه لاكوتور- في تكوين فرقة "المسرح الباهر".
ويقال إنه قام بتغيير اسمه إلى لقبه الذي اشتهر به "موليير" حتى لا يتسبب لوالده وعائلته بالحرج.
تفرغ للفن تماما رغم المتاعب المادية والاقتصادية التي واجهته، وتسببت مسرحية "طرطوف" التي تتناول النفاق الديني في غضب الكنيسة، وطالب أحد القساوسة بحرقه حيا لكن الملك لويس الـ 14 قدم له الحماية والمساندة.
دخل بداية حياته المسرحية في منافسة صعبة مع كبار المسرحيين في باريس، ورغم أن فرقته التمثيلية لم تكن مشهورة لكنه أثبت جدارته سريعا عندما قدمت الفرقة عروضا مميزة في الأرياف واستطاعت الحصول على تصاريح رسمية، واكتشف موليير أن التراجيديا ليست خياره وأن الكوميديا تميزه وتصقل موهبته في عرض النماذج الإنسانية في مسرحياته.
وبعد عودته إلى باريس سنة 1658 قدم موليير أول مسرحيتين مشهورتين له وهما "المغفل، شجار حب" وطورت فرقته من أدائها واكتسبت ثقة وجدارة مستحقة.
ولاحقا تمت دعوة موليير من قبل شقيق الملك لويس الـ 14، وكانت هذه بداية الشهرة الحقيقية خاصة بعدما قدم تراجيديا في قاعة الحرس أمام الملك، ثم أدى مسرحية "الطبيب العاشق" من تأليفه أمام الملك وحاشيته ونال إعجاب الحاضرين.
وحاول المؤرخون الفرنسيون التعرف على حياة موليير الشخصية من خلال تحليل مسرحياته، لكنهم مع ذلك لم يجدوا الكثير عن سيرته الذاتية وحياته الخاصة.
وبقيت أعماله المسرحية شاهدا على مكانته الفنية وروحه الإنسانية، وصار نجاحه في تكوين فرقة فنية منضبطة مضرب الأمثال، ويعود لموليير فضل كبير في تأسيس الكوميديا الشعبية والإنسانية على المستوى العالمي.
المصدر: الجزيرة