توصل خبراء أميركيون إلى أن الأسنان قد تساعد ربما في التنبؤ ببعض المخاطر الصحية التي يمكن أن تصيب صاحبها، وتعطيه بالتالي الفرصة لتجنب تلك المخاطر. ولكن كيف؟
هذا السؤال يمكن لطبيب الأسنان أن يجيب عنه بمجرد إلقاء نظرة على فم مريضه. بيد أن طبيب الأسنان بمقدوره أيضا معرفة الحالة الاجتماعية لمريضه، إذ كلما كان وضع الأسنان في حالة سيئة، كلما كان الوضع الاجتماعي للمريض في المتوسط منخفضا.
لكن المثير هو توصل خبراء في الولايات المتحدة إلى أنه انطلاقا من حالة أسنان الطفل يمكن معرفة ما إذا كان سيرتفع مستقبلا خطر إصابته بمرض عقلي. في حين تكشف حالة الأسنان لدى الكبار مدى خطر إصابتهم بمرض ألزهايمر مستقبلا.
وترى إيرين دان، المتخصصة في الأمراض النفسية في مستشفى ماساتشوستس العام في بوسطن، أن الأسنان وخاصة اللبنية، من الضروري أن تحصل على المزيد من الاهتمام.
وفي الأسبوع الماضي، قدّم باحثون من الجمعية الأميركية لتقدم العلوم في اجتماع لهم بواشنطن إجابة عن الأمراض المستقبلية التي يمكن للأسنان أن تكشف عنها. "في حال معاناة الطفل من الإجهاد في سنواته الأولى، فإنه يمكن رؤية ذلك على أسنانه"، كما يؤكد الباحثون.
ويقول توماس بويس، اختصاصي علم النفس الصحي بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، إن الطبقات التي تشكل السن على غرار المينا تكون رقيقة وأقل كثافة، وأضاف "هذا يجعل السن أكثر عرضة للتسوس"، ويمكن قياس هذه التغيرات من خلال فحص الأسنان اللبنية بتقنية التصوير المقطعي المحوسب.
ويوضح توماس بويس أن الإجهاد لا يعني فقط العمل الزائد في المدرسة، بل أيضا بعض المشاكل الأخرى، مثل طلاق الوالدين والضوضاء المستمرة أو الاستغلال الجسدي والنفسي.
وتابع اختصاصي علم النفس الصحي أن الشخص الذي يعاني من كثرة الإجهاد يفرز جسمه الكثير من هرمون الإجهاد الكورتيزول، الذي يمكن قياس تركيزه في الدم واللعاب.
ولاحظ الخبراء في دراستهم، التي شملت 350 عائلة في منطقة خليج سان فرانسيسكو، أن الأطفال الذين يعانون من نقص الانتباه والسلوك الاجتماعي المضطرب، يكون المينا لديهم رقيقا ولب السن صغيرا بالمقارنة مع بقية الأطفال.
وبحسب المتخصصة في الأمراض النفسية إيرين دان، فإن أمراضا عقلية عدة هي في معظم الأحيان غير وراثية، بل يصاب بها الشخص عن طريق التجارب التي عاشها وخاصة في سنواته الأولى. ويدخل الإجهاد أيضا ضمن هذه التجارب.
وأظهرت بعض الدراسات أن هؤلاء الأطفال يرتفع خطر إصابتهم لاحقا باضطراب ما بعد الصدمة والاكتئاب أو اضطراب الأكل.
وتتشكل الأسنان تدريجيا، إذ تبدأ مرحلة تكونها أثناء فترة نمو الجنين في بطن أمه، بيد أنها تنمو فقط بعد مرحلة الولادة وبطرق متفاوتة، وذلك بالاعتماد على مركز ووظيفة الأسنان.
وتقول إيرين دان إن الأسنان تسجل بشكل دائم الإجهاد الذي يحدث أثناء عملية نمو الأسنان، وتضيف في هذا الصدد "لا تكشف لنا الأسنان فقط حدوث إجهاد ما، بل أيضا متى وقع هذا الإجهاد".
وكانت دراسة طبية سابقة صادرة عن جامعة كاليفورنيا وأجريت على الجرذان قد خلصت إلى أن وجود معادن ثقيلة مثل الرصاص أثناء عملية تشكل الأسنان، يؤدي إلى تخزين هذه المعادن في مينا السن. وأضافت أن نتيجة هذه الدراسة يمكن أن تنطبق أيضا على البشر.
وفي السياق نفسه، توصل باحثون من الولايات المتحدة الأميركية سنة 2017 إلى أن الأشخاص الذين يتعرضون قبل أو بعد فترة قصيرة من ولادتهم إلى نسبة عالية من الرصاص، يرتفع لاحقا خطر إصابتهم بالفصام.
ويشير مارك فايسكوب، عالم البيولوجيا العصبية في جامعة هارفارد، إلى أن تركيز الرصاص العالي في الأسنان يمكن أن يرتبط بزيادة خطر الإصابة بمرض ألزهايمر.
المصدر: دويتشه فيلله