كشف د.أسامة سعد أحد أعضاء اللجنة الوطنية العليا لمتابعة ملف الانضمام للجنائية الدولية، عن توقف عمل اللجنة، بعدما أصرّ أعضائها على أنّ تقوم فلسطين بعمل إحالة ملفات الجرائم التي يرتكبها الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني.
وكانت اللجنة قد شكلت بقرار من عباس، وضمت حقوقيين ممثلين عن عديد القوى السياسية، بعد انضمام فلسطين لميثاق روما المنشأ لمحكمة الجنايات الدولية في أبريل من عام 2015.
وأعدّت اللجنة ثلاثة ملفات لرفعها الى المحكمة وهي "الاستيطان، والحرب على غزة 2014، والأسرى".
وبيّن سعد في تصريح خاص بـ"الرسالة نت" أن وزارة الخارجية أرسلت خبيرًا دوليا كان يحاول اقناع اللجنة بعدم جدوى الإحالة، وأنه لا فرق بينها وبين تقديم الشكاوي لمكتب المدعي العام، ثم أصرّ الحضور على احضار خبير دولي آخر، وكان رأيه مختلفًا إذ شددّ على أهمية الإحالة بالنسبة لفلسطين كونها دولة طرف.
وأضاف أن الخبير ذكر ضرورة الإحالة دونها تعطي ميزة أخرى تماما عن تقديم الشكاوى لمكتب المدعي العام.
وأشار إلى أن أعضاء اللجنة وبعد استماعهم لرأي الخبير الآخر أصرّت على ضرورة اجراء إحالة للملفات من طرف اللجنة.
وكشف أن صائب عريقات رئيس اللجنة عند استماعه لهذه الآراء وعد برفع الامر للرئيس عباس، وفي حال عدم استجابة الأخير فإنه سيقدم استقالته احتجاجًا على عدم تلبية مطلب اللجنة، و"بعد هذا الحوار لم تنعقد اللجنة اطلاقًا منذ ثلاث سنوات".
وفسّر عضو اللجنة الوطنية لمتابعة الجنايات عدم موافقة الرئيس على إحالة الملفات، بأنه نوع من التلكؤ في الاقدام على هذه الخطوة، مشيرا الى أن اللجنة كانت قد طالبت بفصل المسار السياسي عن القانوني، لا سيما وأنّ "المجتمع الدولي قد أعطى للشعوب حق اللجوء للمحكمة، وهو مسار قانوني معترف به ولا يجوز ربطه بمسار سياسي".
وأشار إلى أن السلطة تتعرض لحالة ابتزاز من الاحتلال لعدم استخدام هذه الورقة الى جانب أوراق كثيرة تخلت عنها من بينها مثلا المصالحة المتعطلة تمامًا.
من جهته، أكدّ رئيس اللجنة القانونية في الهيئة العليا لمسيرات العودة د. صلاح عبد العاطي، أنّ السلطة تأخرت لمدة عامين كاملين حتى انضمت الى الجنائية بعد حصولها على اعتراف دولة فلسطين عضو مراقب عام 2012، لتنضم الى المحكمة في 2014 ويتم قبولها رسميا في الأول من ابريل عام 2015.
وقال عبد العاطي لـ"الرسالة نت" إنّ السلطة قدمت التماسا للمدعية العامة لإجراء فحص أولي حول إن كانت هناك جرائم ترتقي لمستوى جرائم حرب وتدخل ضمن ولاية المحكمة، منبها الى أن الفحص الاولي لا يعني عمليا فتح تحقيق او انه قد يتم فتحه، فهناك تجارب سابقة لفحص استمر لعشر سنوات ثم أعلنت المحكمة انها لا تدخل في اختصاصها.
وذكر أن السلطة اكتفت بتشكيل لجنة وطنية برئاسة صائب عريقات لدعم الفحص الاولي، دون أن تقرر إحالة الملفات لاعتبارات سياسية "فقد استخدمت المحكمة من اجل الضغط للعودة للمفاوضات ثم تذرعت برفضها الإحالة لعدم قطع تمويلها من الادارة الامريكية".
واستدرك بالقول: "عمليا لا يوجد مفاوضات وواشنطن قطعت تمويلها، فماذا تبقى للسلطة سوى أن تذهب لمساءلة الاحتلال"؟
وبيّن أن السلطة لم تحل لهذه اللحظة سوى ملف الاستيطان بموجب المادة 12 و15 من قانون المحكمة وهو دعم الفحص الاولي وإعطاء مكتب الادعاء العام فرصة للفحص الاولي.
وذكر أن السلطة عمليا تفتقر لاستراتيجية تدويل الصراع، فهي عمليا انضمت لكل اتفاقات القانون الدولي، "والقضاء الوطني يحق له أن يبدأ بمساءلة الاحتلال خاصة وان المحاكم الإسرائيلية بدأت بمحاكمة السلطة على خلفية قتل عملاء ومستوطنين، والاصل ان يكون القضاء الفلسطيني مهيأ لمبدأ الولاية القضائية".
وأشار عبد العاطي إلى انضمام السلطة للانتربول الدولي، "وأول ما فعلت السلطة استخدمته للنيل من بعض الخصوم السياسيين، دون ان تطالب بملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين والمطالبة بتسليمهم".
ولفت أن السلطة لم تفعل مسار الحماية وهناك غياب في تبني حركة المقاطعة، مشيرا الى وجود حالة من الانتظار والتيه والغياب الفعلي في استخدام الأدوات القانونية والحقوقية التي أتاحتها الأمم المتحدة وبقية الاتفاقات.
ونوه إلى مبدأ الولاية القضائية الدولية التي تستوجب انشاء مكاتب محاماة في أماكن مختلفة لملاحقة مجرمي الاحتلال، غير ان السلطة لم توفر كوادر بشرية او مالية لفعل ذلك.