الأقصى وصالون نون يكرمان الأديب المبدع الراحل الدكتور زكي العيلة

غزة- الرسالة نت

 

احتفلت اليوم، جامعة الأقصى بغزة وصالون نون بتكريم الأديب المبدع الراحل الدكتور زكي العيلة.

 

جاء ذلك، خلال اليوم الثقافي المقام تكريماً للأديب الراحل في حرم الجامعة الرئيسي في مدينة غزة، والذي نظمته الجامعة وصالون نون ضمن فعاليات القدس عاصمة الثقافة العربية.

 

وشارك في اليوم الثقافي الموسوم بـ " زكي العيلة انساناً ومبدعاً وناقداً" العديد من الأدباء والمثقفين والأكاديميين الذين قدموا بحضور حشد كبير من المهتمين ولفيف من عائلة الدكتور العيلة وأصدقاءه.

 

وأعرب الأستاذ الدكتور حماد أبو شاويش عميد كلية الآداب والعلوم الانسانية في الجامعة عن سعادته لاستضافة هذا المؤتمر.

 

وقال في الكلمة التي ألقاها في المؤتمر نيابة عن رئيس الجامعة: " إنه لشرف عظيم لنا أن نستضيف في رحاب جامعة الأقصى هذا الصرح العلمي الشامخ من صروح البناء والعطاء وبالاشتراك مع صالون نون الأدبي واتحاد الكتاب والأدباء الفلسطينيين (مؤتمر د. زكي العيلة إنساناً وأديباً وناقداً) الذي يمثل وفاءً وتكريماً لعلم بارز من أعلام الفكر والثقافة والإبداع ممن أثروا الحياة الأدبية والعلمية بإضافات متميزة وأسهموا في حركة النهوض الثقافي والمعرفي في هذا الوطن.

 

وأضاف: " إنه أديبنا الراحل وابن هذه الجامعة المرحوم الدكتور زكي العيلة الذي شغلت فلسطين قلبه وروحه وأخذت من فكره وإبداعه كل اهتمام حتى أصبح مع إخوته أدباء فلسطين حارساً من حراس الحلم الفلسطيني والذاكرة والهوية الفلسطينية".

 

ومضى د. حماد بالقول: " إن المبدع الراحل الدكتور زكي العيلة وإن غادرنا جسداً فإنه يعلن حضوره الطاغي فينا حضوراً لا يعترف بمنطق الغياب، حضوراً مسكوناً بإشراق وتوهج وألق لا ينطفئ، لأنه ينتشر في ذرات الوطن وعبير أزاهيره، يمنح الإنسان جلال الأصالة والصمود وبهاء الكبرياء".

 

وأشار الى أن هذا اللقاء هو تكريم احتفالي وعلمي يشارك فيه نخبة من الباحثين الذين تناول عدد منهم بالدراسة والبحث بعض أعماله الأدبية والنقدية كما أوضح عدد أخر من الأدباء ملامح من شخصيته إنساناً نبيلاً ودوداً وفياً لوطنه وشعبه وأمته باقياً خالداً في قلوبنا وضمائرنا، ومصدر إلهام اعتزاز.

 

وبين أن هذا المؤتمر هو نتاج جهود متكاملة وتعاون مثمر متقدماً بالشكر والتقدير،   الى كل الذين أسهموا في إنجاحه خاصة صالون نون الأدبي واتحاد الكتّاب والأدباء الفلسطينيين والشئون الثقافية والعلاقات العامة، وإدارة الجامعة وعائلة الراحل الكريم المكرم.

 

وؤكزت الأستاذة فتحية صرصور في كلمة صالون نون: على دور الدكتور العيلة في فعاليات صالون نون والمشاركة في جلساته حيث شارك في معظم الجلسات حضورا وعطاء وتشجيعا، كما كانت له مداخلات عدّة .

 

وتحدثت صرصور عن موقف الصالون من الدكتور حيث قام بعد وفاته مباشرة بتكريمه ومنحه شهادة صالون نون،كما أُفرد صفحاته عبر المدونة ناشرا كلمات الحب والوفاء للدكتور زكي العيلة الناقد والأديب والإنسان أحد أعمدة الثقافة والفكر في فلسطين.

 

وتحدثت الفنانة ليانا بدر في كلمة أصدقاء الراحل عن علاقتها بالدكتور زكي فقالت: عرفت د. زكي العيلة خلال زيارة وفد الأدباء والكتاب لأقاليم ومدن فرنسا عام 1997 أيام الربيع الفلسطيني الذي تحييه وزارة الثقافة الفرنسية مع الخارجية الفرنسية سنوياً لإحياء الروابط الثقافية المشتركة مع شعوب العالم.

 

وأضافت كان ورفيقه الكاتب غريب عسقلاني يعكسان الصورة الحضارية المتميزة التي شكلتها غزة الفلسطينية التي قاومت الغزاة وردتهم بكل أشكال الصمود والمقاومة. لقد قدم الكتاب والأدباء في ذلك الوفد قراءات ومناقشات متعددة حول القضية والأدب في فلسطين، وكان الراحل ورفيقه مثالاً للعمل الدءوب المتواصل بحيث نالا الشكر والثناء في جميع المواقع التي عملا بها خلال زيارة الوفد، ورسما غزة الأمل والمستقبل في جميع اللقاءات التي حضراها.

 

وقالت: يعز علي غياب هذا المبدع والقاص المتميز مضيفة أكاد أشعر أن غزة تبكي ما فقدته وما تعرضت له من أهوال، وبعضها فقدان المبدعين الكبار الذين ساهموا في صياغة الضمير الفكري والثقافي لشعبهم مثل الأديب الراحل والفنان المبدع كامل المغني والفنانة التشكيلية المتميزة جانيت فرح.

 

واختتمت بقولها: آمل أن يتم العمل على إحياء ذكرى سنوية للراحل تقرأ فيها أعماله في المدارس والمؤسسات الثقافية، كي لا ينسى أطفال وفتية فلسطين فضل السابقين على اللاحقين.

 

وقدم الأديب غريب عسقلاني شهادة بعنوان شهيق الدمع في حضور الغياب قال فيها: " هل غبت يا صديق أم تراك اليوم عدت؟

 

وتحدث عسقلاني عن علاقته برفيق درب الكتابة وكيف حملا همّ تأسيس جبهة ثقافية أدبية مقاومة في زمن الاحتلال؟؟ ثم تحدث عن رحلاتهما الثقافية في شرايين الوطن من القدس ورام الله إلى ناصرة توفيق زياد، إلى كرمل حيفا ليشربا القهوة مع أميل حبيبي في مقر صحيفة الاتحاد.

 

ومضى بالقول: في العام 1977أعلنت جامعة بيت لحم عن أول مسابقة للقصة القصيرة, وكان يترأس لجنة التحكيم الغاوي الذي لا يعجبه العجب أميل حبيبي.. فازت غزة وحصدت معظم الجوائز.. ضحك أميل ولم يعد ينادي الواحد منا يا ولد, صار ينادي الواحد منا يا زميل, قال متشفيا ضاحكا؟- اخترتم طريق الشقاء..ابتستاهلوا!!وأصبحوا يقولون " غزة تصدر البرتقال والقصة القصيرة"

 

وألقى كلمة اتحاد الكتاب الأستاذ عبد الله تايه تحدث فيها عن نشأة الأديب في مخيم اللاجئين جباليا وكيف عاش لأدبه وقلمه، في مدارس اللاجئين، فنقل إلى أدبه وقصصه حواري المخيم وأزقته، وأحلام اللاجئين ومعاناتهم، وقهر الاحتلال ومقاومته في كل قصة وعبارة وعنوان، ولم لا وهو المنحاز دوما لمخيمه الذي هو رمز لللجوء والانتظار والأمل والصمود والانتفاضة والمقاومة.

 

وتطرق الى اللقاءات السرية التي كان يقيمها في بيته ليتخفون وهم يتعاطون الثقافة ويناقشون قصصهم ومشاريعهم الأدبية، ومن أجل كتابته عانى السجن والملاحقة مثل كثيرين من الكتاب، رغم أنه كان يتخفى وراء اسم هاني فخر الدين.

 

وبين أن الدكتور العيلة شارك في كثير من التجمعات والنقابات ذات الأهمية والتأثير الثقافي والمجتمعي والوطني، فهو من المؤسسين للجنة الثقافية في جامعة بيت لحم وجمعية الملتقى الفكري التي كان يرأسها د . إبراهيم الدقاق. وجمعية الفلكلوريين والهلال الأحمر وجماعة كتاب البيادر وغيرها من المؤسسات..، ومن المؤسسين لاتحاد الكتاب الفلسطينيين إذ كان ممثلا لكتاب القطاع  قبل أن يكون للكتاب اتحاد وللقطاع فرع.

 

وشدد على أن زكي العيلة مثال للكاتب الوحدوي فعندما اختلف الكتاب وصاروا تجمعين في نهاية السبعينيات اختار زكي وأصدقاؤه أن يعملوا على توحيد التجمعين في اتحاد واحد يضم الجميع من أجل خدمة الثقافة الوطنية والقضايا الوطنية ،حتى كان له ولهم ما أراد من وحدة للكتاب لا تزال قائمة حتى اليوم في اتحاد واحد يمثلهم.

 

 وتحت عنوان شهادة تمنيت أن لا أكتبها قال الأستاذ محمد نصار:                                                                                              حقبقة لا أدري من أين أبدأ، هل أبدأ بزكي الأديب والمبدع، الذي عرفته من خلال كلماته المعجونة بطعم الأرض ومذاق ملحها .. المغموسة بلون الدم ورائحة عرقها، أبدأ بالعطش.. بالجبل الذي لا يأتي .. بالحيطان التي كساها الدم ، أم أبدأ بزكي الإنسان والمربي الفاضل، الذي التقيته للمرة الأولى عام ثمانية وثمانين من القرن المنصرم.

 

وقال: عرفت زكي أيضا من خلال اجتماعات الهيئة الإدارية التي تضمنا، كان يومها مسئول الطباعة والنشر فيها، ولم أره أبدا يحتد وينفعل قدر حدته و انفعاله على كتاب لا يطبع، أو يؤجل لظرف من الظروف، خصوصا إذا كان هذا الظرف ماديا، أذكر له جملة كان يقذفها في وجوهنا مغتاظا من مثل هذه المواقف، فيقول: (لو أعطونا ثمن الرصاص الذي يطلقه الطخيخة في المهاترات والعنتريات الفارغة،لطبعنا مائة كتاب كل الشهر).

 

 وأضاف أن الراحل كان يسعى بكل السبل لنشر الكلمة المعبرة ودفعها إلى مصاف ظل يحلم بها، ولعل الفترة التي تولى فيها ملف النشر، كانت من أزهى

 

وألقيت خلال المؤتمر قصيدة الرحيل للشاعر رزق البياري: أيها الزكي الراحل في زمن الغياب وكلك قصيدة الدكتور فاروق مواسي بعنوان: أهكذا حقًــا نمــــــوت؟؟!!

 

وقدمت خلال المؤتمر الذي تضمن جلستين اضافة الى الجلسة الافتتاحية العديد من الأبحاث والأوراق العلمية حول الأديب الراحل.

 

واعتبر أ.د. أبو شاويش في ورقة علمية بعنوان: " زكي العيلة ناقداً" أن الراحل الكبير يعد علماً من أعلام العلم والثقافة في فلسطين، وهو أديب متعدد المواهب مختلف الأبعاد والجوانب، كتب القصة والمقالة والبحث الأدبي والنقد، وقد اشتهر بإبداعه الأدبي أكثر من اشتهاره بالجوانب الأخرى، ومن هنا تأتي أهمية تقديم صورة عن جانب الناقد من شخصيته.

 

وقدم أ.د. أبو شاويش مقاربة لعوامل تكوين د. زكي العيلة الفكرية والنقدية والتي تتضمن تأثره بالنشأة والسمات الشخصية والثقافة والتعليم الأكاديمي وانعكاس النكبة وإبداعه وإسهاماته في الحياة الثقافية.

 

أما عن منهجه النقدي، فرأى أن الناقد أقام نقده على أساس من الحس الفني المرهف والثقافة الواسعة ولكنه لم يلتزم بمنهج واحد فاستخدم المنهج الاجتماعي الأيديولوجي كما استخدم المنهج الفني الجمالي وأحياناً يميل إلى المنهج النفسي واقترب من تخوم النقد الثقافي أحياناً واستخدم المنهج التكاملي في عدد من دراساته، لذلك كان منفتحاً على كل المناهج بقدرة وموهبة عالية.

 

أما عن أهم مقاييسه النقدية فقد اشتملت – بحسب عميد كلية الأداب والعلوم الانسانية في الجامعة- على الصدق الفني ومعيار هذا الصدق أن يعبر الأديب عن مشاعره وقضايا مجتمعه، والمقياس اللغوي ومقياس التجديد والتقليد.

 

 عن أثر الإبداع في النقد عند د. زكي العيلة فقد اتضح أن الاتحاد بين الأديب والناقد في شخصيته حقق صورة من التكامل بينهما وساعده على تذوق نواحي الجمال في الأدب.

 

وقال: " لقد تجسدت سمات الناقد وخصائصه في عدد من النقاط منها: وجود جوانب حداثية في نقده، ولم يعول كثيراً على التنظير ومال إلى الجانب التطبيقي واتسم نقده بالموضوعية والبعد عن الانطباعية ووضوح النزعة الإنسانية الحضارية وتنوع اهتماماته بين القصة والرواية والمسرح ودراسة الأدب في فلسطين وغيرها، كما غلب على نقده القصصي الاقتضاب وعلى نقده الروائي التعمق، ويتسم نقده بالتخصص في مجالي القصة والرواية وحضور الخصوصية الفلسطينية مجسدة في أثر النكبة، وانعكست تلك السمات وأسهمت في تقديم تجربة نقدية ناضجة".

 

وتطرق أ.د. أبو شاويش الى مكانة الناقد الراحل مشيراً الى أنها اتضحت من جهوده التي شكلت لبنة تضاف إلى لبنات أخرى تمثل صرحاً من صروح المشروع الثقافي في فلسطين

 

 الدكتور خضر محجز تناول في ورقته التي حملت عنوان: حين تتفكك العوالم، عددا من أعمال الدكتور زكي في مجموعته "بحر رمادي غويط مؤكدا على أدبيته الراقية،.

 

وتناولت الدكتورة مي نايف في بحثها " الآخر في إبداع زكي العيلة" ولم يكن الآخر هو المرأة كما هو الآخر عند سيمون دى بفوار، بل الآخر الصهيوني، أو القوات الدولية التي احتلت مساحة لا بأس بها أمام الذات الفلسطينية المقاومة في قصص الأديب، وقد تخطت قصصه الصورة النمطية الجاهزة لليهودي الذي يتميز عادة بالبخـل والشره، وعبادة المال، والاحتيـال والانطـواء، إلى صورٍ أكثر وضوحـاً وتعقيداً في التعبيـر عن الآخر الصهيونـي، وإن كان النمط العدواني الاستعـلائي الذي يستهـدف الإنسـان الفلسـطيني يشكّل الاتجاه الأبرز فيها، ويتضح ذلك من خلال تلك الصور التي تنضح بالقهر والعنصرية والدموية التي اعتمدت الآلة العسكرية ركيزة أساسية محورية في احتلال الأرض العربية، وتهويدها واستيطانها.

 

وقدم أ. د. نبيل أبو علي ورقة بعنوان زكي العيلة دارساً ومبدعاً قال فيها أن زكي محمود العيلة ، من الجيل الذي اكتوى بنار النكبة ، وعاش ومات وهو يعاني تبعاتها ، حيث هاجرت أسرته من يبنا عام النكبة 1948م ، وولد في مخيم جباليا عام 1950م ، وتخرج في مدارسها ، وبعد أن حاز شهادة دبلوم المعلمين عمل في مدارسها ، ثم أكمل تعليمه الجامعي وتخرج في قسم اللغة العربية بالجامعة الإسلامية عام 1984م ، ثم حصل على دبلوم الدراسات العليا من قسم اللغة العربية بكلية التربية الحكومية عام 1996م ، وهو عضو مؤسس في اتحاد الكتاب الفلسطينيين ، له العديد من المجموعات القصصية المنشورة ، منها : العطش 1978م، الجبل لا يأتي 1980م ، حيطان من دم 1989م ، بحر رمادي غويط 2000م ، وتدور معظم القصص التي تشتمل عليها هذه المجموعات حول الواقع الذي أنتجته النكبة ، ساعية إلى إحداث حالة من التنوير ثم التحريض على رفض هذا الواقع ، وهي تعالج موضوعات اجتماعية وقضايا سياسية وإنسانية تتشابه في ملامحها في كل هذه القصص ، وقد بسط المخيم ، بهمومه ومعاناة أهله ، سلطانه في الكثير منها .

 

وقدم د. خضر محجز. من  جامعة الأقصى زكي العيلة في "بحر رمادي غويط، كما قدمت العديد من الأوراق والشهادات من زملاء وأدباء للأديب الراحل

 

البث المباشر