تتسارع حركة الوفود والوسطاء في غزة مؤخراً لمحاولة استئناف تفاهمات التهدئة التي توقفت نتيجة تراجع الاحتلال الإسرائيلي عن الالتزامات التي تعهد بها مسبقا، فقد طبقت المرحلة الأولى وكان من المفترض أن تدخل التفاهمات مرحلتها الثانية قبل أن يتراجع الاحتلال ويحاول فرض شروط جديدة.
ومع اقتراب موعد الانتخابات الإسرائيلية في الـ 9 من أبريل، تبدو فرصة تصاعد التوتر على الجبهة الفلسطينية؛ كبيرة في ظل استمرار مسيرات العودة وإعادة تفعيل الأدوات الخشنة للمسيرة مثل البالونات الحارقة والارباك الليلي.
وتقول صحيفة جيروزاليم بوست إن المسؤولين في الجيش الإسرائيلي يختبرون عدة طرق لتحسين الوضع الإنساني المتفاقم في غزة في محاولة لتجنب تصعيد عنيف قد يؤدي إلى حرب دامية أخرى، خاصة أنه عند استلام رئيس الأركان الجديد "كوخافي" أعطى الجبهة الجنوبية الأولوية على اعتبارها إحدى الجبهات التي يمكن أن تنفجر في أي لحظة، كما حذرت الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية في وقت سابق من ارتفاع خطر التصعيد العسكري.
في الوقت الذي لا يرغب فيه أي من الطرفين خوض مواجهة شاملة، فإن جميع عناصر الانفجار العنيفة بين (إسرائيل) والفلسطينيين موجودة.
وفي هذا الإطار يبدو أن الوفود عادت لتتحرك في إطار الحفاظ على الهدوء خاصة قبل الانتخابات (الإسرائيلية) حيث يخشى نتانياهو من أن أي جولة تصعيد مع المقاومة قد تسقطه في الانتخابات، وهو الذي طالته انتقادات لاذعة نتيجة سلوكه اتجاه غزة حيث يقول معارضوه إنه رضخ لشروط حماس وأصبح عاجزا تماماً أمامها.
وقد زار القطاع وفد رفيع من المخابرات المصرية، وقالت جريدة الأخبار اللبنانية إن الزوار نقلوا موافقة (إسرائيلية) على بعض التحسينات الجديدة ضمن التفاهمات التي رعتها القاهرة قبل ستة أشهر، بما في ذلك السماح بدخول الأموال القطرية إلى العائلات الفقيرة، بالإضافة إلى تحسين الكهرباء قبل الشهر المقبل، وهو موعد انتهاء المنحة القطرية لتشغيل محطة توليد الكهرباء في غزة.
في المقابل، جددت «حماس» المطالب التي نقلها هنية في زيارته وهي: إنهاء مشكلة الكهرباء، وتوسيع مساحة الصيد إلى 20 ميلاً بحرياً، والتباحث في قضية الممر المائي، والبدء بالمشاريع الكبيرة للأمم المتحدة، بالإضافة إلى إكمال تجهيزات خط كهرباء 161 القادم من فلسطين المحتلة بواقع 130 ميغاوات جديدة لتلافي أزمة الصيف، بمعنى تطبيق المرحلة الأولى والانتقال للمرحلة الثانية في آن واحد.
في المقابل فإن الاحتلال الذي يهتم باستمرار الهدوء نقل رسائل بأن زيادة الضغط على الحدود، وبخاصة في قضية البالونات الحارقة والمفخخة والإرباك الليلي، ستدفع الجيش الإسرائيلي إلى الدخول في مواجهة عسكرية موسعة، نظراً لحساسية الوضع السياسي وتأثير هذا الضغط على قادة الحكومة الحالية.
ومن ناحية أخرى يخشى الاحتلال أن يكون الثلاثين من مارس والذي يصادف الذكرى السنوية الأولى لمسيرات العودة مؤثرا على مجرى الانتخابات في حال انتهى بتصعيد كبير، خاصة أن الفصائل في غزة تحشد بقوة لهذا اليوم.
الخبير الإسرائيلي في الشؤون العربية آفي يسسخاروف قال إن الأحداث الآخذة بالسخونة على حدود غزة تحصل عشية اقتراب الانتخابات الإسرائيلية، مضيفا: "صحيح أن الحكومة الإسرائيلية لن تبادر إلى خطوات غير محسوبة، لكن حماس قد لا تجد نفسها أمام خيارات كثيرة".
وأكد أنه في حال سأل أحد من (الإسرائيليين) عن السبب المباشر في ارتفاع وتيرة الأحداث الليلية على حدود غزة المسماة "الإرباك الليلي"، فإن العامل الاقتصادي يقف خلف كل ذلك، لأنه لم يترك لفلسطينيي القطاع كثيرا من البدائل المتاحة".
وذكر أن حماس ليس لديها رغبة جادة بالتصعيد العسكري أمام (إسرائيل)، بل تكتفي بالمسيرات في كل يوم جمعة وفعاليات الإرباك الليلي، كأساليب كفيلة بالضغط على (إسرائيل)، مستدركا: "لكن حماس ذاتها تواجه انتقادات داخل غزة، سواء بسبب توقف صرف الرواتب من المنحة القطرية، أو عدم الرد على مقتل ثلاثة أطفال فلسطينيين مؤخرا خلال المسيرات بنيران الجيش الإسرائيلي".