بعد ثلاثة أسابيع على المظاهرات السلمية والحراك الشعبي غير المسبوق في الجزائر، ظهرت دعوات جزائرية جديدة الأحد، تطالب بتوسيع الحراك ليشمل الإضراب العام والعصيان المدني، لكن هذه الدعوات أثارت انقساما في الشارع الجزائري ما بين مؤيد ومعارض.
ودعت قوى سياسية معارضة الجزائريين لبدء إضراب عام لخمسة أيام، رفضا لترشح بوتفليقة لولاية خامسة، في حين حذر حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم من دعوات الإضراب والعصيان المدني، داعيا المتظاهرين إلى اليقظة والحذر من التهور في القرارات.
وقال الحزب إن "ما وصل إليه الحراك الشعبي إلى الآن يعتبر مكسبا ومفخرة للشعب الجزائري"، مشيرا إلى أن "جهات مجهولة تريد الزج بالجزائر وشعبها نحو المجهول، وإننا نتحرك مع كل الأطراف السياسية للخروج من هذه الأزمة، بأقل الأضرار للحفاظ على سلمية الحراك ولضمان الأمن والاستقرار".
وأمام هذا التباين، رأت الناشطة الجزائرية خولة شنوف أنه "فعليا بدأ اليوم الأول في العصيان المدني"، مشيرة إلى أن "هناك ولايات جزائرية استجابت بشكل كامل للعصيان، وهناك من استجاب ولكن بصورة أقل".
وأضافت شنوف، أن "هناك من يرفض خطوة العصيان المدني ويعتبرها خطوة سابقة لأوانها ولا ضرورة لها"، معبرة عن تفاؤلها بنجاح فكرة العصيان، "لأن هذه الأصوات كانت تشكك بالبداية بسلمية الحراك ونجاحه، وها هي الآن تتغنى به"، بحسب وصفها.
وتوقعت شنوف أن "العصيان المدني لن يستمر إلا لأيام قليلة، وسيستثني المستشفيات والصيدليات"، منوهة إلى أن الأدوات الأخرى التي يمتلكها الحراك الشعبي والشارع الجزائري تتمثل في "الضغط والمسيرات بالدرجة الأولى".
واعتبرت الناشطة الجزائرية أن "التمسك بسلمية المظاهرات يعطيها القوة التي امتلكتها على مدار أسابيع من انطلاقها".
وحول احتمالية الاستجابة السريعة من النظام والرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لمطالب الجماهير، قالت شنوف إن "النظام نفسه طويل، ولن أتوقع منه الاستجابة السريعة، ولكن قد يحدث تطور بخصوص صحة الرئيس، وقد يتغير الكثير"، بحسب تقديرها.
في المقابل، أكد الصحفي الجزائري حسام تكالي أن "هناك انقسام في موضوع العصيان المدني"، مشددا على أنهم "قلة من يدعون لهذه الخطوة، بينما ترى الأغلبية أن المضي في السلمية أسلم وأكثر نضجا".
وقال تكالي، إن "زخم المظاهرات والاحتجاجات لم يهدأ، وهذا في حد ذاته أداة فعالة"، لافتا إلى أن "هناك فعاليات مدنية عدة انضمت للحراك من طلاب ومحامين وصحفيين ونقابات عمال".
وذكر تكالي أن "هناك تطور ملحوظ في لهجة قائد الأركان الذي وصفت ضمنيا المحتجين في البداية بالمغرر بهم، وصولا إلى وصفهم بأن الجيش والشعب لهما رؤية واحدة"، متوقعا أنه "في حال استمرت المظاهرات بهذا الزخم، فسيتم تأجيل الانتخابات".
يشار أن رئيس أركان الجيش ووزير الدفاع الجزائري الفريق قايد صالح أكد الأحد، أن "الجيش الجزائري والشعب لديهما رؤية موحدة للمستقبل وعلاقاتهما قوية"، مضيفا أن "الشارع الجزائري أصيل وواعٍ، وبرهن في كافة الأوقات والظروف على أنه شعب قد عرف ويعرف كيف يحافظ على وطنه".
من جانبها، أوضحت المدونة الجزائرية خيرة مطاي أنه "في أول أيام العصيان المدني أو الإضراب العام الجزئي في البلاد، من الصعب التكهن بمستقبله"، مستدركة بقولها: "حسب الأصداء فإن هذه الخطوة ليست إلا مرحلة من مراحل الحراك الشعبي الرافض للعهدة الخامسة".
وتابعت مطاي، أنه "قد تليها مراحل أخرى مستقبلا، لذا فإن مدة العصيان المدني متعلقة مباشرة بالقرارات التي قد تصدر من الحكومة، خاصة مع ترقب وصول طائرة الرئيس القادمة من جنيف"، مشددة على أهمية "الاستمرار في المظاهرات والعمل النقابي حاليا".
واستكملت رأيها بالقول إنه "إذا وافق المجلس الدستوري على ملف عبد العزيز بوتفليقة، فقد يلجأ الشارع لمقاطعة الحملات الانتخابية مع الاستمرار في التظاهر والمسيرات المنظمة"، معتقدة أن "الشارع الآن ينتظر ما الذي سيسفر عنه وصول الرئيس للجزائر".
ولفتت مطاي إلى أن "الشارع منقسم بين متفائل بتحرك النظام واستجابته لمطالب الشعب وتجنيب البلاد الدخول في الفوضى، وبين متشائم يرى أن النظام يسير في خطته غير آبه بالحراك"، موضحة أنه "في النهاية نحن أمام نظام يعرف جيدا ما يفعل، لكن حراك الشعب فاجأه أيضا، والدليل القرارات الفجائية التي يصدرها بين الحين والآخر، وباختصار الانتظار سيد الموقف"؟
عربي21