بسبب الفساد تدفع النساء ثمن تدني مستويات الخدمة المقدمة كما ونوعا، وتؤكد نتائج تقرير أعده صندوق الأمم لمتحدة الإنمائي UNIFEM أن النساء أكثر تأثرا بالفساد، لاسيما في مجالات تقديم الخدمات العامة، كون النساء يشكلن النسبة الكبرى من الفقراء، ويتحملن مسؤولية رعاية الأسرة، وطلب الخدمات من صحة وتعليم ومساعدات اجتماعية وبنية تحتية إذ تعاني المرأة الفلسطينية من الفساد أكثر من الرجل حيث يقلص الفساد من حضور ومشاركة المرأة في مراكز صنع القرار، ممارسة حقوقها الاجتماعية والسياسية'.
وفي ورقة عمل أعدتها هداية شمعون رئيس وحدة الرصد في ائتلاف أمان فان تزايد الفساد في مؤسسات السلطة الفلسطينية شكل عبئا إضافيا بتبديد الخطط التنموية والأجندات الوطنية الأمر الذي أدى إلى تبديل الأولويات وتهميش أولويات واحتياجات النساء والفئات الفقيرة والمهمشة، كما أن استمرار الفساد في ملفات التعيينات للوظائف العليا وغياب معايير النزاهة والشفافية في التوظيف يؤدي إلى مزيد من التأثر بدرجة أكبر للنساء.
لقد بلغت معدلات البطالة بين الخريجات والخريجين 46.6%، بينما تجاوزت نسبتها في أوساط الشباب 60%، وفي صفوف النساء تجاوزت 85% بالإضافة إلى زيادة في نسب الفقر وهذا يضر بتكاملية الخدمات العامة المقدمة للنساء ويقلل من جودة الحياة ويزيد من افقار النساء واستغلالهن وحرمانهن من مبدأ تكافؤ الفرص للتعليم والعمل ومزيد من التراجع لمطالبات حقوق المرأة والمساواة والعدالة الاجتماعية.
وبحسب ورقة العمل يؤدي إقصاء النساء عن المناصب السياسية أو استغلالهن لممارسة الفساد، إلى تقليص دور هن في فرص تعديل وتنفيذ السياسات اللازمة لمكافحة الفساد، كما ويستمر خضوع المرأة للضغوط من قبل الرجال للسيطرة عن حالات الفساد وعدم التبليغ، إضافة لقلة الوعي والدعم الاجتماعي لضحايا الفساد والخوف الدائم من الانتقام.
تكشف المؤشرات المتعلقة بمشاركة المرأة في الحياة السياسية تدني مستوى مشاركتها وخصوصاً في مستويات صنع القرار، فما زالت نسب تمثيل النساء في المؤسسة العامة بالكاد تُذكر مقارنة مع نسب تمثيل الرجال.
وبلغت نسبة النساء العاملات في القطاع العام حوالي 31% مقارنة بحوالي 69% من الرجال. ولازالت ذات النسب تراوح مكانها في ظل عدم تغيير سياسات أو تدخلات مشاركة المرأة في الحياة العامة والسياسية.
وتقدر نسبة مشاركة الإناث في القوى العاملة 19% من مجمل الإناث في سن العمل في العام 2017، وبلغت نسبة مشاركة الذكور 71.2% مع وجود فجوة في معدلات الأجرة اليومية بين الإناث والذكور.
ويتدنى نسبة اشغال النساء للمناصب الإدارية العليا في الوظيفة العامة، كما يلاحظ تدني نسبة مشاركتها في التبليغ عن حالات الفساد، وذلك بسبب الضغوط الاجتماعية، والخوف من اتخاذ إجراءات عقابية ضدها، وما قد تتعرض له من إيذاء وتهديد، في ظل عدم توفر حماية المبلغين عن الفساد.
ويحرم الفساد في القطاع الصحي النساء ضمن الفئات المهمشة من الوصول لتلقي الخدمات الصحية المناسبة، إذ تعاني النساء من الواسطة والمحسوبية التي تطغى على الحق في العلاج، وملف التحويلات الطبية في قطاع غزة تحديدا، وإهدار المال العام بسبب التحويلات الطبية التي تتم بالواسطة والمحسوبية او بمنعها كما هو الحال مع مريضات السرطان.
وفيما يتعلق بدور النساء في الإبلاغ عن الفساد الذي يتعرضن له، ففي العام 2018 بلغ عدد المتوجهين للإبلاغ عن شبهات فساد أو متضررين 704 مواطن فلسطيني (562) ذكور (123) إناث وهذا يشير إلى ضعف دور النساء في الإبلاغ مقارنة بالذكور الأمر الذي يرجع إلى الثقافة المجتمعية فالنساء بحاجة لاستشارة العائلة، أو الخشية من فقدان الوظيفة ومصدر الرزق، كما أن بيئة تقديم الشكاوى غير مهيأة لحساسية النوع الاجتماعي من الأساس.
استمرار الوضع السياسي بهيمنة الاحتلال بممارساته وتأثيرات الانقسام على المرأة الفلسطينية على الجانب الاقتصادي والسياسي والثقافي والاجتماعي، يعني مزيدا من فقدان الأمن والأمان واستقرار بخصوص المرأة الفلسطينية، ما يجعلها تخوض العديد من المعارك ما يستنزف إمكاناتها المحدودة.
ويعتبر الخشية من فقدان المورد أو الخدمة المقدمة من التحديات الذاتية القاهرة للنساء فالخوف والخشية من فقدان مصدر رزقهن في بيئة تعم فيها البطالة بنسب مرتفعة، أو الخوف من حرمانهن من الحصول على احتياجاتهن من الخدمات العامة قد يحجم النساء عن أي دور من شأنه المساس بهذه الخدمات.
وقدمت الورقة مقترحات إجرائية لتعزيز دور المرأة الفلسطينية في مواجهة الفساد أبرزها إشراك النساء في برامج التثقيف والتوعية لمكافحة كافة أشكال الفساد، واستهدافهن كفئة متضررة من الفساد بشكل مباشر ومكثف، وتحديد آليات عمل فاعلة ونشر ثقافة مكافحة الفساد الذي يؤثر على نوعية الخدمة التي تقدم للنساء.
وشملت المقترحات إعداد دليل مصور لآليات التبليغ لإشراك النساء من كافة الفئات لتتناسب مع المستوى العمري والتعليمي والاجتماعي، وإعداد خارطة للإبلاغ وتقديم الشكاوى تتضمن عناوين الأماكن التي يمكن تقديم شكاوى فيها وفق القطاع المتضررة منه.
ورأت أهمية توفير خطوط آمنة وساخنة للإبلاغ عن الفاسدين وضرورة تسهيل تصنيف أشكال الفساد للنساء من كافة الفئات العمرية والمستويات التعليمية، ووضع أدلة ومواد تتناسب مع الفئات على خصوصيتها.
وبحسب المقترحات فانه لا بد من تنفيذ برامج التوعية وتطوير الأدلة الخاصة بآليات المساءلة، لضمان الوصول إلى عدالة متساوية وفعالة للجميع، وإدماج الشباب والشابات في برامج مكافحة الفساد حماية للأجيال القادمة.
وطالبت الورقة العمل على تحفيز النساء كمواطنات مسؤولات ومدركات لحقوقهن على رفض الفساد حتى يتمكن من الوصول لحقوقهن في الوصول للخدمات الأساسية.
واعتبرت أن تخصيص موازنات مستجيبة للنوع الاجتماعي في قطاعات الصحة والتعليم والشؤون الاجتماعية سيساهم في الحد من فقر النساء وتقليل البطالة، وتعزيز وصولهن إلى الخدمات العامة.