الفن والأدب من الأشياء التي يصعب تقييمها، فالكل يتلقى العمل الفني أو الأدبي وفقًا لخبرته في الحياة، ولذلك في هذا التقرير ليس الهدف هو تقديم أفضل الروايات في عام 2018، بل الهدف هو إلقاء الضوء على 11 رواية عربية متنوعة حصدت جائزة أدبية، ورأى العديد من الخبراء في الأدب أنها روايات تستحق الاحتفاء والقراءة.
- في غرفة العنكبوت
بعد بضعة شهور في السجن، يخرج هاني محفوظ مصابًا بخرس طارئ، ليجد صوته الجديد بين دفاتره، حيث يكتب كل يوم، فارضًا على نفسه عزلة اختيارية بغرفة فندق، لا يشاركه إياها غير عنكبوت صغير، يكتب متتبعًا صوره القديمة، على أمل العثور على صورة واحدة حقيقية له، يكتب حكاياته الصغيرة مع أهله وميوله الخاصة والأفراح الخاسرة في شوارع الليل.
رواية «في غرفة العنكبوت» للكاتب المصري محمد عبد النبي حصلت على جائزة ساويرس مع بدايات عام 2018، كما كانت ضمت القائمة القصيرة لجائزة البوكر العالمية وتُرجمت للغة الإنجليزية.
صدر للكاتب المصري من قبل المجموعة القصصية «بعد أن يخرج الأمير للصيد»، ومجموعة «شبح أنطون تشيخوف» والتي حصلت على المركز الأول من جائزة ساويرس أيضًا، وصدر له رواية بعنوان "رجوع الشيخ"
- رواية «اختبار الندم».. عن أوجاع السوريين وخيباتهم
عاش السوريون في السنوات القليلة الفائتة؛ كثيرًا من الخيبات والأوجاع والفقد، وأصبح الألم مسيطرًا عليهم، وتلك التجربة الصعبة التي مر بها السوريون كان الأدباء جزءًا لا يتجزأ منها، وكانت الكلمات هي سلاح الأدب والأدباء في هذه الحرب، وشارك في تلك الحرب الأدبية الكاتب السوري خليل صويلح بروايته "اختبار الندم".
في الوقت الضائع، تنسى أن تنظر في المرآة، تبحث عن وجهك في وجوه الآخرين، تدفن وحدتك في المقهى، في القصص العابرة، في الأحاديث الافتراضية التي تجد طريقها بين وجهَين باكيَين من وجوه (الإيموجيز) على محمولك. الشِّعر يصبح حجة للتعلّق بفعل الحياة. الحبّ، المغازلة ،المواعيد؛ كلّها تصبح أسلحة لمكافحة القذائف التي إن لم تطَلْك طالت جوهر إحساسك بالوجود، في الحرب تصل الأحاسيس إلى منتهاها، تتجرد الحياة من مساحيق المهرج وتبدو عارية على حقيقتها، قاسية على حقيقتها، مروّعة على حقيقتها. وتطفو القصص المدمّاة على السطح»؛ هكذا عبر الروائي السوري عن إحساسه بالحرب في روايته «اختبار الندم» والتي فازت بجائزة الشيخ زايد للكتاب في بداية هذا العام 2018.
- حرب الكلب الثانية».. كيف سيكون البشر في المستقبل؟
في إطار سلسلة روايات بدأها الكاتب إبراهيم نصر الله بعنوان «شرفات»، صدرت الرواية السادسة في العام 2016 تحت اسم «حرب الكلب الثانية»، وحصلت على الجائزة العالمية للرواية العربية البوكر للعام 2018، بينما كانت الروايات السابقة في السلسلة تحمل عناوين: «شرفة الهذيان»، و«شرفة رجل الثلج»، و«شرفة العار»، و«شرفة الهاوية»، و«شرفة الفردوس.
وتدور أحداث الرواية في المستقبل، في محاولات للكاتب بتأمل الواقع العربي وواقع البشر بشكل عام في المستقبل حين يصبح الإنسان – من وجهة نظر المؤلف- فاقدًا للقدرة على التمييز بين الخير والشر ويجد كل شيء أصبح ممكنًا مهما كان فاسدًا مع تقدم الوقت، كل هذا في إطار من الفانتازيا.
وقد قال الكاتب عن الرواية: «حين تكتب رواية عن المستقبل ينبغي عليك أن تدرس أشياء كثيرة تم اختراعها حتى الآن، وأن تتحسس رغبات البشر وتطلعهم لاختراعات جديدة، مختلفة لم تنتج بعد، وتخترعها أنت، ربما كانت اختراعاتي في الرواية هى الشيء الممتع الوحيد لي، أثناء كتابتها، أما ما يتعلق بالبشر فكان الأمر مرهقًا ومدمرًا لي.
- أنثى موازية.. رحلة في عمق الاغتراب النفسي للمرأة
عبير التي تعيش حياة تشبه حياة الكثير من النساء في مجتمعنا العربي، هي بطلة تلك الرواية والتي حاول صاحبها رصد الاغتراب النفسي الذي تمر به المرأة منذ أن كانت طفلة، مرورًا بسن المراهقة، وحتى تصل إلى عمر الشباب حينما يتوجب عليها مواجهة الحياة باستقلال وتحمل أعبائها.
حاول الكاتب على سيد في روايته «أنثى موازية» أن يدخل القارئ إلى عالم عبير بأدق وأصغر تفاصيله والتي قد تمس الكثير من القارئات خاصة من تحاول منهن محاربة الروتين وكسر الملل الذي قد يغلف حياة الأنثى في المجتمع العربي بسبب القيود المفروضة عليها.
وهذا لأن عبير – بطلة الرواية – تود التمرد على تلك القيود وتحارب من أجل أحلامها والسعي وراء كينونتها الحقيقية بعيدًا عن القالب الذي اختاره لها من حولها. وقد حصدت الرواية المركز الأول في جائزة ساويرس الثقافية فرع الرواية لشباب الكتاب.
- الشجرة والعاصفة.. معاناة تُدمي القلب
على الرغم من كونها العمل الروائي الأول للكاتب مراد المساري، إلا أنها فازت بجائزة الشارقة للإبداع العربي في دورتها الحادية والعشرين للعام 2018، وفتحت رواية «الشجرة والعاصفة» أعين القراء على الكاتب المغربي الشاب، والذي يعمل أستاذًا للتاريخ.
وقد أكد في تصريحاته بعد فوزه بالجائزة بأنها « محطة وحافز لكل مبدع شاب يبحث عن قاعدة قراء واسعة تتعرف على أعماله، وهي اعتراف كبير من هيئة مرموقة مشهود لها بعنايتها بالمبدعين على الصعيد العربي».
تدور الرواية حول أحد الأشخاص المصابين بالفصام، وقد أشار الكاتب للشخصية الرئيسية في الرواية بأنها تعيش بيننا والمعظم لا يدرك ذلك، فهناك ما يزيد عن 21 مليون شخص مصاب بالفصام بمختلف أنواعه، وعادة ما نلقبهم بالـ«حمقى» أو الـ«مجانين» وهذا بسبب – وفقًا لتصريحات الكاتب- يعود لجهلنا بهذا المرض النفسي الخطير، والذي يقع أصحابه تحت وطأة قسوة التفسير الشعبي البسيط للمرض مثل المس الشيطاني أو السحر وهذا ما حاول الكاتب أن يلفت الانتباه إليه في روايته «الشجرة والعاصفة» مؤكدًا أن معاناة مريض الفصام هي «معاناة تُدمي القلب.
- أمطار صيفية.. الكتابة على أوتار العود
تلك الرواية هي هدية لمحبي القراءة وسماع الموسيقى، فعوالم رواية «أمطار صيفية» للكاتب المصري أحمد القرملاوي تملؤها الموسيقى والتصوف ومزجهم مع حلقات الذكر الروحانية مقارنة بالواقع الجامد، وعلى الرغم من وجود الكثير من الأبطال في تلك الرواية إلا أن آلة العود الموسيقية من أهم أبطالها، وقد حصدت الرواية في بداية هذا العام 2018 جائزة الشيخ زايد للكتاب.
تجد على غلاف الكتاب، الكاتب المصري إبراهيم عبد المجيد مقدمًا الرواية قائلًا: « هذه رواية رائعة، في لغتها وتكوينها، عن الموسيقى، بلغة تحاول وتنجح أن تكون لها إيقاعات أسمى من الأرض. جديدة إذًا في موضوعها.. هل للموسيقى مكان في هذا العالم؟ بمعنى؛ هل للروح مكان فيه؟ الإجابة لا، لكن بعد أن تكون حصلت على متعة هائلة من القص والصور الفنية، ومن الأحداث أيضًا.
- ساعة بغداد.. الوجه المظلم والوحيد للحرب
رواية «ساعة بغداد» للكاتبة العراقية شهد الراوي من الروايات التي تلقي الضوء على الجوانب المظلمة للحروب، وتأثيرها في الأطفال والمراهقين في مقتبل عمرهم، خاصة وإن كانوا في قلب البلد الواقع تحت وطأة الحرب، وتدور أحداث الرواية حول الراوية التي ولدت في السنوات الأولى لحرب الخليج، وقضت طفولتها في ملجأ تحتمي فيه من غارات التحالف الدولي لحرب الخليج الثانية، وحينما تصل لمرحلة الشباب تشهد لحظات سقوط بغداد ومخاطر الحرب الأهلية.