للوهلة الأولى وأنت تقرأ أسماء المشاريع وأفكارها تعتقد أنها لخريجي جامعات، أو لطلبة الدراسات العليا، وحين تسأل عن أصحاب الفكرة تجد أنهم خمسين طالبا وطالبة من الصفوف التاسع حتى الحادي عشر بمديريات التعليم بالقطاع.
ستةٌ وعشرون مشروعاً احتضنها معرض فلسطين للعلوم والتكنولوجيا الذي أقامته وزارة التربية والتعليم العالي، تضمنت أفكار ابتكارية، وحلول إبداعية لمشاكل يعاني منها قطاع غزة في مجالات البيئة والطب والطاقة والتكنولوجيا وتطبيقات الموبايل والتقنيات وغيرها.
إطفاء حريق
وتأسرك الزوايا المتعددة لأفكار المشاريع التي عكف الطلاب على إنجازها، فتجد الطالب أمير سعد من مدرسة جمال عبد الناصر الثانوية للبنين، قد أبدع في صنع جهاز يولد الطاقة الكهربائية من قوة دفع أمواج البحر.
الطالب سعد أرهقته مشكلة الكهرباء في قطاع غزة، وتفقده التركيز حين متابعة دروسه اليومية، ففكر في حل لمشكلة انقطاع التيار الكهربائي، مستفيداً من وجود طاقة لم تستغل وتتمثل بطاقة موج البحر.
وفي زاوية أخرى من زوايا المعرض يقف الطالب علي الوادية من مدرسة فلسطين الثانوية للبنين يشرح للزوار تفاصيل المشروع الذي أنجزه، وهو عبارة عن "ريبوت إطفاء الحريق المنزلي".
واستعرض الوادية أبرز الحرائق التي حدثت في قطاع غزة، والتي أدت إلى مأساة بحق العائلات التي لم تتوفر لها عوامل السلامة في منازلها، ففكر بصنع الريبوت الذي يتوجه إلى أي ضوء مشبوه، وإذا استشعر حرارة يبدأ تلقائياً بتشغيل ثلاثة أوامر.
يقول الوداية: "يقوم الروبوت بثلاث أوامر، الأول يجهز جهاز الإنذار "الطنان" بحيث إذا كان هناك أحد يتواجد في المنزل يشعره بذلك، الأمر الثاني يشغل مضخة مياه متواجدة داخله، أما الخطوة الثالثة يعطي أمرا للهاتف الموجود داخله للاتصال بصاحب المنزل".
"ملبوس للكفيف" هكذا أرادت الطالبة ربا الحايك تسمية مشروعها الذي شاركت به في معرض فلسطين للعلوم والتكنولوجيا، وتحاول من خلاله تقليل معاناة زميلتها الكفيفة، حيث كانت الطالبات يساعدنها في التحرك خلال ساعات الدوام المدرسي.
الحايك قالت: "الجهاز يعمل على إرشاد المكفوفين، ويساهم في تعريفهم بالعوائق التي سيتعرضون لها على مسافات مقبولة، ومن خلال ربطه بجهاز ناطق باللغة العربية، يعمل على تطبيق مخصص الهاتف الذكي".
الطالبة أشارت إلى أن طبيعة عمل الجهاز مرتبط بالتطبيق الذي يعمل بنظام أندرويد عبر الهاتف الذكي ومتصل بالبلوتوث، ويمكن للكفيف أن يستخدمه بكل سهولة ويسر من أجل تفادي العوائق والأشياء المعلقة والمرتفعة، بالإضافة إلى السيارات.
العلم والتكنولوجيا
الوكيل المساعد للتعليم العالي د. أيمن اليازوري أشاد بالابتكارات الطلابية مؤكداً أن هذه المشاريع صورة مشرقة لاهتمام الوزارة في توعية الطلبة باستثمار العلم والمعرفة والوصول للإنتاجية العلمية وابتكار المشاريع ذات القيمة والجودة وتشجيع الطلبة نحو طموح المستقبل وخدمة الوطن.
ولفت اليازوري إلى أنه بالرغم من الظروف الصعبة والحصار فهناك إبداعات طلابية جاءت بعد جهود كبيرة بذلت في الميدان التعليمي من معلمين ومشرفين وموظفين ومديري مدارس.
مدير عام التقنيات التربوية د. أحمد أبو ندى أكد أن المعرض ينسجم مع فلسفة الوزارة في تعزيز وإبراز العلاقة بين العلم والتكنولوجيا والمجتمع، والتأكيد على التعلم ذو المعنى الذي يسعى إلى توظيف العلم في خدمة الحياة وتكامل العلوم مع التكنولوجيا والرياضيات والهندسة من خلال التعلم القائم على المشروع.
وبحسب أبو ندى فان المعرض يتيح للطلبة الانخراط في المهارات بشكل تطبيقي ويرسخ مفاهيم النقاش والابتكار وتقبل النقد.
يشار إلى أنه سيجري اختيار أفضل 15 مشروعاً للمشاركة في المعرض المركزي على مستوى فلسطين والذي سيُنظم في رام الله خلال نهاية مارس الحالي، علماً أن المشاريع الفائزة من غزة ورام الله ستشارك في معرض عالمي في الولايات المتحدة الأمريكية صيف العام الحالي 2019.