في الآونة الأخيرة تنافست العشرات من الفتيات الغزيات على دخول مجالات لم تكن مألوفة لديهن من قبل، منهن طرقت عالم الأزياء وكثيرات لجأن إلى الفنون المختلفة لجذب الانتباه، لكن الشابة رويدا عامر – 27 عاما- طرقت بابا مختلفا وفضلت "التحنيط".
بدأت عامر التي تعمل في مجال الصحافة رغم تخرجها من قسم "الأحياء" في خوض مجال يراه البعض صعبا على الفتيات، لاسيما وأن العديد منهن يخفن لمس الحيوانات الأليفة فكيف لشابة تفرغ أمعاء حيوانات ميتة وتحنطها لحفظها من الاندثار.
التقت "الرسالة" عامر لتحكي عن رحلة شغفها في مجال التحنيط وتقول: "خلال دراستي الجامعية كنت أرفض شرح المواد بشكل نظري، بل كنت أسعى لإحضار المواد التقليدية البسيطة لتبسيط المحاضرات لجميع الطالبات"، مشيرة إلى أنها كانت تتصفح الكثير من المواقع العلمية في مجال الأحياء لتبحث عن حشرات وحيوانات غير متوفرة في قطاع غزة لتعرف صفاتها.
وذكرت أن أول تجربة في حفظ الكائنات الحية كانت عبارة عن معشبة لحفظ النباتات، وحين نجحت بذلك قررت خوض التجربة مع الحيوانات الأليفة وسعت ليكون لديها مشروعها الخاص وهو "متحف بيولوجي" لكن الإمكانيات المادية حالت دون ذلك، عدا عن أن الجامعات الغزية لا يوجد بها إلا عينات قليلة لكائنات محنطة.
وتصف عامر وضعها حينما بدأت العمل المتفرغ قبل ثلاث سنوات ضمن مشاريع في مجال التحنيط، إلى أنها كانت معرض سخرية من معارفها فكثيرا ما كانوا يتهكمون عليها لخوفها وهروبها من أبسط أنواع الحيوانات الأليفة كالقطط مثلا، لكن شغفها في مجال التحنيط النادر في قطاع غزة كسر حاجز الخوف لديها.
ومنذ اللحظة الأولى لدخولها عالم التحنيط وجدت تشجيعا كبيرا من أقرانها لدرجة أنهم وصفوها بـ "الجزار" فكانت تبحث عن الحيوانات والحشرات النادرة والغريبة، والتي تكثر على حدود القطاع هناك.
وتسعى عامر كما أخبرت "الرسالة" إلى تدريب الأطفال على التحنيط، من خلال تبسيط المواد العلمية لهم، فبدلا من دراسة تشريح الأرنب أو الدجاجة نظريا يمكنها أن تحضر لهم الكائن وتبدأ معهم التشريح ومن ثم التحنيط وذلك بأدوات بسيطة، لافتة إلى أن الأطفال في مدارسهم يعانون من عدم تنفيذ التجارب العلمية.
وأكدت أن الهدف من اهتمامها بمجال التحنيط حفظ التاريخ الطبيعي للكائنات الحية، مشيرة إلى أن مواد التحنيط غير متوفرة في قطاع غزة وإن وجدت تكون بسعر مرتفع فسعر العلبة الصغيرة من مادة "البوركس" يصل حوالي "50 دولار"، لذا تستعيض عنها بالملح وبودرة الأطفال حتى يجف الجلد ومن ثم يتم حشو الكائن المحنط بالأسلاك والقطن.
وتأمل عامر الوصول إلى جميع مختبرات العلوم في المدراس لتعليم الأطفال تشريح الحيوانات وتحنيطها وتبسيط المواد العلمية، كما تريد مزيدا من الاهتمام في مجال التحنيط وتوفير المواد بأسعار تكون في متناول الجميع.