عام مضى على مسيرات العودة الكبرى التي انطلقت في ذكرى يوم الأرض في الثلاثين من مارس الماضي، ليسجل التاريخ مرحلة جديدة من تاريخ الصراع بين الفلسطينيين والاحتلال (الإسرائيلي).
ويتساءل الشارع الفلسطيني، ماذا حققت مسيرات العودة بعد عام، وما هي الإخفاقات يجب تجنبها في المرحلة المقبلة، وكيف يمكن لها انتزاع المكاسب من الاحتلال.
ويرى سياسيون أن مسيرات العودة تمثل مشروع وطني طموح ويشكل حالة إجماع فلسطيني غير معهود من مدة، ولكنه كذلك يعيش تحديات صعبة في مستوى قدرته على التأثير لصالح الحق الفلسطيني.
وكانت مسيرات العودة الكبرى قد انطلقت في ظروف انسداد سياسي واقتصادي غير مسبوق، سواء على صعيد القضية الفلسطينية ومشروع تصفيتها ولغة بعض أطراف الإقليم تجاهها، مع فتح أبواب التطبيع مع الاحتلال (الإسرائيلي).
نجاحات واخفاقات
ويرى المختص في الشأن السياسي الدكتور حسام الدجني، أن مسيرات العودة وضعت القضية الفلسطينية على المحافل الدولية بعد سنوات من التيه ونسيان القضية، كما وأعادت ملف الحصار (الإسرائيلي) لقطاع غزة.
وأكد الدجني في حديث لـ "الرسالة" أن المسيرات أحيت مبدأ وفكرة حق العودة في ظل الواقع العربي المرير، وأعادت الوعي لدى الأجيال الفلسطينية وخصوصا في ظل عجلة التطبيع، فهي عززت القرارات الدولية الداعمة لحق العودة في الوعي الجمعي الفلسطيني".
وقال: "مسيرات العودة وحدت فصائل الشعب، ووجهت البوصلة إلى الاحتلال الإسرائيلي وقللت من المناكفات الداخلية".
وأكد أن الأدوات التي تستخدمها مسيرات العودة من مقاومة شعبية وغيرها، أربكت الشارع (الإسرائيلي) وأرهقت قادته وزادت من حدة المشاكل بين فصائله، مشيرا إلى أنها جعلت قادة الاحتلال يُجبرون على السماع للتفاهمات التي تنقلها الوفود عن الفصائل الفلسطينية.
وتحدث الدجني عن إخفاقات مسيرات العودة، مؤكدا أنها أفضت إلى خسائر بشرية ويجب أن تكون تغذية راجعة للتقليل من الشهداء والإصابات.
كما أن الإخفاقات تتمثل في عدم انتقالها بعد عام من انطلاقها إلى الضفة والشتات، ولماذا لم تكن هناك أي محاولات لانطلاقها في الضفة والتي سيكون لها تأثير كبير لصالح القضية الفلسطينية.
وأوضح أن "مليونية العودة" التي دعت إليها الهيئة الوطنية العليا للمسيرات بعد غدً السبت، في الذكرى السنوية الأولى لانطلاق المسيرات، أنها يوم مصيري في اتجاه المسيرات ولانتزاع المكاسب من الاحتلال من خلال الضغط الشعبي في هذا اليوم.
من جهته، دعا المحلل السياسي هاني حبيب، الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة لتقييم مسيرات العودة مع إنهائها العام الأول.
وقال حبيب: "المسيرات لديها إنجازات واخفاقات في نفس الوقت، فإنجازاتها تتعلق في تحميل المجتمع الدولي مسؤولية استمرار الاحتلال لخرق القوانين الدولية والقرارات الدولية بما في ذلك القرار المتعلق بحق العودة".
وعن إخفاقات مسيرات العودة، يرى بأن البعض حاول حرف مسار المسيرات وخروجها عن الهدف الذي انطلقت من أجله، مشددا على أنه لا يجب رهن الحقوق الفلسطينية بتصاعد أو تراجع مسيرات العودة.
وأضاف حبيب: "المطلوب ليس تنازلات بل حقوق والتزامات تفرضها القوانين الدولية، لذلك يجب تقييم هذه المسيرات وإعادة النظر حتى لا يسقط شهداء أكثر من الذين سقطوا ويكون الثمن هو الدم الفلسطيني".
وفي آخر احصائية عن وزارة الصحة في غزة، أفادت باستشهاد 258 فلسطينيا وإصابة 29382 آخرين بجروح مختلفة منها 15528 إصابة تم تحويلها للمستشفيات.
وتجدر الإشارة إلى أن مسيرات العودة تعيد إلى الواجهة الصورة الحق في توصيف الاحتلال كدولة إرهاب، وأن (إسرائيل) هي مصدر الإرهاب الأول في العالم، ومن هنا فإن مسيرة العودة تعيد رسم الصورة الذهنية للاحتلال.
وتبرز المسيرات مجددا أن المقاومة ومنها السلمية شرف الأمة والضوء الذي في نهاية نفق طويل معتم، وأن فخر الانتماء للمقاومة التي يجسدها شعب فلسطين أعظم ومحل فخر وتقدير من الانتماء إلى دهاليز النفاق والسياسية والمفاوضات العبثية.