على الرغم من أن الظروف على كوكب المريخ تعتبر قاسية للغاية وغير ممكنة للحياة لأنها غاية في البرودة والجفاف، ونسب الأكسجين تكاد تكون معدومة فإن فريقا بحثيا دوليا قد تمكن من وضع بعض الكائنات الحية في ظروف شبيهة، ونجحت بالاستمرار في الحياة.
ظروف قاسية للغاية
اشتملت تجارب هذا الفريق على وضع مئات عدة من عينات كائنات مختلفة، مثل البكتيريا والطحالب والفطريات على السطح الخارجي للمحطة الفضائية الدولية، بعضها في تربة مريخية، حيث تعرضت تلك الكائنات الحية للفراغ التام والإشعاع فوق البنفسجي الكثيف والتغيرات القاسية في درجات الحرارة لمدة 533 يوما متتالية.
وجاءت النتائج -التي نشرت مؤخرا في دورية "أستروبيولوجي"- لتكشف أن بعض تلك الأنواع من الكائنات الحية قد حافظت على نفسها حية في تلك الأجواء القاسية، مما يعني أنها قد تتحمل أيضا الحياة في بيئة مريخية.
لكن هذا -بحسب الدراسة الجديدة- لا يعني أن المريخ يحتوي على كائنات حية، كل ما تمكن الباحثون من معرفته إلى الآن هو أنه لا توجد بعد أي اشارات على وجود حياة في المريخ، ربما كانت موجودة قبل مليارات عدة من الأعوام.
اختبار الحياة في الفضاء
وتعد نتائج هذه الدراسة الجديدة تأكيدا لنشاط بحثي بدأ في العام 1966 حينما وضع باحثون من إدارة الفضاء والطيران الأميركية (ناسا) مجموعة من الحويصلات البكتيرية على متن الرحلات "جيمني 4" و"جيمني 7"، وأظهرت النتائج أن تلك الكائنات الحية حافظت على حياتها لمدة 18 ساعة كاملة.
وكانت دراسة أخرى صدرت عام 2013 في الدورية واسعة الشهرة "بلوس وان" قد أشارت أيضا إلى أن البكتيريا من النوع "سيدوموناس أوريجونوزا" أمكن لها أن تنمو وتتكاثر بصورة جيدة في الفضاء الخارجي.
وتسمى تلك الأنواع من الكائنات الحية بـ"أليفة الظروف القاسية"، ويعتقد العلماء أنه كان لها دور قوي في الفترة المبكرة للغاية من تاريخ الحياة على كوكب الأرض حينما كانت الظروف أكثر قسوة من الآن، بحيث لم تكن لتسمح إلا بوجود كائنات حية تتحمل درجات حرارة ورطوبة وضغط شديدة جدا.
آمال عريضة
وتأتي الدراسة الجديدة لترفع توقعات العلماء بشأن كوكب المريخ، فعلى الرغم من أننا لن نتمكن من الحياة فيه الآن لكن ربما في يوم ما يمكن لتلك الأنواع من الكائنات التي تألف الظروف القاسية حينما تتكاثر بكميات مهولة على سطحه أن تتمكن من تغيير طقسه، إنها بادرة حياة على الأقل.
ويأمل باحثو الدراسة أن تساعد النتائج في دعم قاعدة بيانات قوية تبحث عن أشكال الحياة التي يمكن أن تتحمل البقاء في ظروف كوكبية أخرى، ليس فقط المريخ، بل أماكن أخرى يحتمل أن تحوي على كائنات حية، كالقمر إنسيلادوس التابع لكوكب زحل، أو يوروبا قمر المشتري.
المصدر : الجزيرة