وسط خلافات حادة ومقاطعة أكبر الفصائل على الساحة الفلسطينية، خرجت تشكيلة وزراء حكومة فتح برئاسة محمد اشتيه مساء السبت والتي ضمت 21 وزيرا منهم 5 من الحكومة السابقة لتكون وصفة لتعزيز الفصل والانقسام.
الانتقادات ضد الحكومة بدأت على لسان فتح ذاتها والتي رفض عدد من قياداتها تشكيلتها وهو الأمر الذي أخّر، بحسب مصادر مطلعة، الإعلان عن اسم وزيري الداخلية والأوقاف، فيما علق رئيس المكتب الإعلامي لحركة فتح منير الجاغوب على حكومة اشتية الجديدة قائلا:" لا نعرف معايير اختيارهم وتكريرهم في الحكومة ال ١٨ سوى أن هناك من أصحاب الحظوة الذين خلقهم الله وكسر القالب".
ويرى مراقبون أن حكومة اشتية لن تختلف عن الحكومات السابقة؛ فهي مجرد أداة تنفيذية في يد الرئيس لتسيير الأمور الحياتية والخدماتية دون صلاحيات حقيقية، معتبرين أن الحكومات السابقة لم تكن هي صانعة التوجهات السياسيّة للسلطة الفلسطينية، إذ أن مطبخ القرار في السلطة كان وما زال منحصراً في محمود عباس وفريقه، وأي تحولات حقيقية ستكون بناءً على ما يقرره هذا الفريق.
ومن اللافت غياب عنصر الشباب عن الحكومة الجديدة، فيما منحت غزة 4 وزراء فقط من التشكيلة وهو ما قد يكون مؤشرا على استمرار ذات النهج في التعامل مع القطاع.
مدير مركز زيتونة للدراسات الدكتور محسن صالح قال إن مشروع حكومة اشتية عبارة عن حكومة "أزمة" وحكومة "مأزق"، و"وصفة للفشل"؛ لأن الأسس والظروف التي قامت عليها جعلت أقدامها من "طين"، ولم توفر لها الحد الأدنى للنجاح.
وعلل صالح الأسباب بأن تكليف اشتية بتشكيل حكومة جاء في ظل أزمة عميقة للمشروع الوطني الفلسطيني، وفي ظلّ تعطّل وتدهور منظمة التحرير ومؤسساتها، وتحوّل السلطة الفلسطينية من مشروع يهدف إلى تحقيق الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على أرض فلسطين المحتلة سنة 1967، إلى سلطة وظيفية تخدم أغراض الاحتلال الإسرائيلي.
وبين في مقال له إن تشكيل حكومة اشتية جاء في بيئة سياسية مأزومة، تعاني فيها حركة فتح نفسها من مزيد من العزلة في الوسط الفلسطيني، متسائلا: هل كان من المناسب الإيغال في سياسات التأزيم ذاتها من خلال استبعاد حماس، ومحاولة تشكيل حكومة لا تملك فرص دعم ومشاركة الفصائل الأساسية في المنظمة؟
ولفت أنه كان يُفترض لأي حكومة جديدة على رأس مهامها إجراء انتخابات ديمقراطية، وأن تكون حكومة توافق تتمتع بأوسع حالة إجماع وطني، وتوفر بيئة سياسية صحية، وأجواء انتخابية نزيهة تبعث على الثقة، غير أن التكليف بتشكيل حكومة فصائلية بقيادة فتحاوية، كان خطوة للوراء، وضربة للأجواء المطلوبة لأي انتخابات تتمتع بالمصداقية.
في المقابل، من المتوقع أن تواجه الحكومة الجديدة إشكاليات ومعضلات مرهقة، مثل المأزق الاقتصادي بعد قرار السلطة بعدم استلام أموال المقاصة بعد اشتراط الاحتلال خصم مخصصات أسر الشهداء والأسرى منها، وكذلك حالة السخط الشديدة تجاه أداء السلطة عموما داخل الشارع الفلسطيني بسبب سياسات محمود عباس وأهمها الإجراءات العقابية تجاه قطاع غزة، عدا عن قضية الانتخابات التشريعيّة، والتوافق على عقدها من عدمه.
وبناء على ما سبق تقرأ الحكومة الجديدة على أنها حل للتجاذبات والخلافات بين مراكز القوة داخل حركة فتح، وليست توجها لإحداث تغييرات في السياسة الداخلية والخارجية للسلطة، خاصة فيما يتعلق بالقضايا الوطنية الفلسطينية.
وحول خيارات حماس في التعامل مع الحكومة رأى الكاتب والمحلل السياسي الدكتور حسام الدجني أن هناك ثلاثة سيناريوهات للتعامل معها الأول هو العودة إلى ما قبل إعلان الشاطئ وتشكيل لجنة إدارية وربما يتم توسعتها لو وافقت الفصائل المشاركة أو تقليص عددها في حال رفضت الفصائل.
أما الثاني وفق الدجني فهو انتظار بيان الحكومة وما يحمله الدكتور اشتيه من برامج لغزة وبذلك الانتظار والتريث وعدم إصدار موقف، أما السيناريو الثالث فهو القبول بالحكومة والتعاطي اللإيجابي معها.
وبين السيناريوهات الثلاثة يرجح مراقبون أن تتعامل حماس مع الحكومة على أنها حكومة أمر واقع، وبالتالي لن تعيق عمل الوزارات وستواصل التعاون معها كما الحكومة السابقة.