لا تنقطع الدعوات المتكررة التي يطلقها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على لسانه ولسان من حوله، من أجل عقد أي لقاء يجمعه برئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو؛ في محاولة لدفع عجلة التسوية المتعثرة.
ومن المفارقة أن عباس الذي يعيش هوس وهم مفاوضات التسوية ويستجدي لقاء نتنياهو دون أي شروط مسبقة، يلوح بالعصا الغليظة ويضع شروط تعجيزية من أجل لقائه مع الفصائل الفلسطينية أو حتى ذهابه إلى قطاع غزة.
وأعلن وزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي عن استعداد الرئيس محمود عباس للقاء رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو دون شروط مسبقة، في حال استضافت موسكو اللقاء.
وقال المالكي في مقابلة مع وكالة سبوتنيك الروسية: إن "عباس على استعداد للقاء نتنياهو دون شروط مسبقة في حال استضافت موسكو هذا اللقاء"، مشيرا إلى أن عباس قد يزور موسكو في غضون 2-3 أشهر، "لكن لم تتم بعد مناقشة التواريخ المحددة من خلال القنوات الدبلوماسية".
ويثير طلب عباس المتكرر وإلحاحه من أجل لقاء نتنياهو التساؤل حول سبب هذا الإصرار، لا سيما وأنه يأتي في ظل تعهد نتنياهو بعد فوزه بالانتخابات، بضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة لـ"إسرائيل" وعدم إخلائه لأي مستوطنة فيها.
وانتقدت حركة المقاومة الإسلامية حماس استعداد عباس للقاء رئيس حكومة الاحتلال (الإسرائيلي) بنيامين نتنياهو دون شروط، واشتراطه لقاء القوى الوطنية.
وقال القيادي في الحركة سامي أبو زهري في تصريح مقتضب عبر "تويتر": "الإعلان عن استعداد محمود عباس للقاء نتنياهو دون شروط مسبقة يطرح علامات تساؤل حول موقف عباس ووضعه مئات الشروط للقاء القوى الفلسطينية".
****** محاولة استرضاء
ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح الوطنية البرفوسور عبد الستار قاسم أن الإلحاح المتكرر من رئيس السلطة للقاء نتنياهو يرجع إلى عجزه وعدم تحقيقه أي انجاز، الأمر الذي يدفعه إلى محاولة استرضاء نتنياهو بأي وسيلة كانت.
ويوضح قاسم في حديثه لـ"الرسالة" أن لقاءات قيادة السلطة مع الاحتلال الإسرائيلي لم تنقطع يوما وخاصة لقاءات الأجهزة الأمنية والتنسيق الأمني، مبينا أن عباس مستعد للانبطاح وتقديم كل شيئا في محاولة لعقد أي لقاء من شأنه أن يعيد عجلة المفاوضات.
وتابع " من خلال هذه الدعوات يسعى عباس لاستعطاف نتنياهو وإيصال رسالة له أنك تحرجني أمام شعبي بسبب رفض اللقاء، واستعطافه ولكن في نهاية الأمر لن يحصل على أي شيء ولن يحقق مراده".
******تردي سياسي
ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي د. تيسير محيسن أن الموقف بشأن المفاوضات ينم على أن هناك حالة من الإصرار الغريب لدى قيادة السلطة رغم هذا المسار الذي مضى عليه أكتر من 25 عاما وما آلت إليه الأوضاع عمليا ونظريا فيما يتعلق بـ"السلام".
ويؤكد محيسن في حديث لـ"الرسالة" أن إصرار عباس يأتي في وقت تدير فيه (إسرائيل) ظهرها للسلطة كليا وتهشم ما تبقى من مقومات سياسية وأساسية على مساحة الضفة المحتلة، مشددا على أن موقفه مؤشر على حالة التردي السياسي التي وصلتها قيادة السلطة.
ويوضح أن قيادة السلطة لا تملك إرادة حقيقية لمواجهة التحديات التي تعيشها القضية وتتمسك بالفشل الذي لن يحقق للشعب الفلسطيني أي تقدم في مسار استعادة حقوقه، منوها إلى أن التمسك بهذا الخيار بمثابة استسلام أمام الصلف والعنجهية الإسرائيلية والتنطع في التعامل مع ما يسمى مشروع التسوية.
ولفت إلى أنه بدلا من عودة السلطة للخلف خطوات وإحداث حالة من التغيير الاستراتيجي والتفكير العقلاني الموحد؛ للبحث عن مسارات بديلة إلا أنها تصر وتمعن في الاستفراد بالقرار الفلسطيني.
وأشار إلى أن هذا التوجه سيحدث حالة من التهشيم الإضافي للواقع الفلسطيني وتعميق الخلاف القائم على الصعيد الداخلي وتمكين الاحتلال من التلاعب على هذا التقسيم بطريقة تخدم رؤيته في التخلص من القضية بالمجمل.