من الواضح أن السلطة الفلسطينية باتت مكبلة وخيارتها محدودة، في مواجهة التحديات التي تعصف بالقضية الفلسطينية وخاصة ما يتم الحديث عنه مؤخرا حول طرح خطة للتسوية أو ما يعرف بـ"صفقة القرن" الأمريكية.
ويبدو أن السلطة تدور في حلقة مفرغة من خلال الخطوات التي تصرح بأنها بصدد اتخاذها في التعامل مع علاقتها بـ(إسرائيل) وأمريكا، لا سيما وأن حديثها عن وقف التنسيق الأمني والتحلل من اتفاقية أوسلو وباريس أصبح أسطوانة مشروخة.
وكان نائب رئيس حركة فتح، محمود العالول قد قال: إن القيادة الفلسطينية تعتزم إعلان سحب الاعتراف بـ(إسرائيل)، ووقف التنسيق الأمني في جلسة المجلس المركزي الفلسطيني المقبلة.
وأوضح العالول، وفق ما أوردت صحيفة القدس العربي، أن الإدارة الأمريكية، قررت التصعيد في المنطقة، عقب قرارها نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وتشجيع الاستيطان الإسرائيلي، والآن يتم التحضير لضم مناطق بالضفة الغربية، لذلك نحن لن نسمح باستمرار الوضع الراهن، وفق قوله.
ويمكن القول إن الرفض (الإسرائيلي) لاستئناف مفاوضات التسوية والدفع باتجاه طرح صفقة القرن، يحشر السلطة في الزاوية، في ظل انعدام الخيارات ومحدوديتها بسبب الضغوط السياسية التي تتعرض لها.
ويستبعد مراقبون أن تذهب قيادة السلطة إلى اتخاذ خطوات حاسمة ومصيرية فيما يتعلق بعلاقتها مع الاحتلال الإسرائيلي أو حتى العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية؛ على ضوء المستجدات الأخيرة، معتبرين أن تهديدات قيادات السلطة هي مجرد استهلاك إعلامي لا أكثر.
ذر الرماد
ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف أن سياسة السلطة مع نتنياهو لن تختلف، كون رئيس السلطة محمود عباس لن يتراجع عن اتفاق أوسلو أو وقف التعاون الأمني واتفاقية باريس، منبها أن كل الذي تقوله السلطة مجرد استهلاك اعلامي هدفه ذر الرماد في العيون.
ويوضح الصواف في حديثه لـ"الرسالة" أن من يريد التخلص من اتفاقية اوسلو عليه الذهاب لبرنامج وطني وحديث فلسطيني للتجهيز لما سيترتب على هذا القرار، وطالما أن الأمور لم تصل إلى هذا الحد لن يتجاوز الأمر سوى الكلام والتلويح فقط.
ويتوقع أن تبقى الأمور على ما هي عليه كون عباس قال سابقا إن التنسيق الأمني مقدس وسيبقى التعامل الأمني رغم أن (إسرائيل) لم تمنح الفلسطينيين بارقة أمل، "حتى العلاقة مع المخابرات الامريكية ستستمر برغم أن أمريكا تدفع لتصفية القضية.
ولفت إلى أن حديث عباس عن التحلل من اتفاق أوسلو محاولة لتوفير شيء ما يرضي السلطة في صفقة القرن، ومحاولة لثني نتنياهو عن وعده بضم الضفة، مشددا على أن السلطة لا تملك الخروج من اوسلوا وليس في عقليتها هذا الأمر.
تحسين الصفقة
ويتفق الكاتب والمحلل السياسي د. تيسير محيسن مع سابقه، مبينا أن هناك كوابح ضخمة أمام قدرة وإمكانية قيادة السلطة في التصعيد ضد الموقف الإسرائيلي الأمريكي في سياق ما هو مطروح ويجري التهديد به سواء صفقة القرن او غيره.
وقال محيسن لـ"الرسالة" إن "جملة المصالح المتجذرة في واقع الضفة للسلطة يبدو انها ستكون هي العامل الأقوى في تقليص مساحة الإرادة لدى قيادة السلطة في أن تتخذ قرار وقف التنسيق كونه رأس مال وجودها الذي يضمن بقاءها".
ويشير إلى أن أقصى ما يمكن أن تفعله السلطة هو أن تبدي نوعا من التلكؤ في تقديم استحقاقات التنسيق بجانب بسيط وسيكون له مضار من المستبعد أن تكون قادرة على تحمل تبعاته.
ونبه إلى أن عباس ليس ضد صفقة القرن ويسعى فقط لتحسينها في بعض البنود كالقدس عاصمة والسيادة، وأن تكون التجمعات السكانية بالقدس تحت السيطرة الفلسطينية.