أشار تقرير اقتصادي إلى أن الاقتصاد الإسرائيلي يشهد فترة انتعاش متواصلة مرتبطة ارتباطا وثيقا بالهدوء الذي يسود الضفة الغربية، في ظل التنسيق الأمني، وذلك بعد ضربات قاسية تلقاها الاقتصاد خلال الانتفاضتين الأولى والثانية، وخلال موجات المواجهات التي وقعت خلال الانتفاضتين.
وأشار التقرير إلى أهمية ودور التنسيق الأمني في الانتعاش الاقتصادي بدرجة لا تقل عن دور "بنك إسرائيل" ودور الحكومة الإسرائيلية، وفي الوقت نفسه سيظل رهنا بحالة الهدوء السائدة حاليا في الضفة الغربية، أو بمدى الصواريخ التي تطلق من قطاع غزة، وخاصة تلك التي تضرب وسط البلاد.
كما لا يغفل التقرير، في سياق التنسيق الأمني، الإشارة إلى دور الولايات المتحدة في تمويل أجهزة أمن سلطة فتح.
واعتبر المدير الأكاديمي لمركز "أدفا"، د. شلومو سافيرسكي، أن التنسيق الأمني بين السلطة وأجهزة الأمن الإسرائيلية ساهم في انتعاش الاقتصاد الإسرائيلي بما لا يقل عن دور بنك إسرائيل أو الحكومة الإسرائيلية.
وكتب سافيرسكي في "غلوبس" الاقتصادية، أنه في الأسابيع الأخيرة انتشرت في الصحافة الاقتصادية مقالات تناقش النمو الاقتصادي في العقد الأخير، وذلك على خلفية الانتخابات، وعلى خلفية المخاوف، في إسرائيل والعالم، من تباطؤ قريب.
وأضاف أن هذا النمو نسب إلى عدة جهات، بينها السياسة الصارمة لبنك إسرائيل، وتشدد وزارة المالية في الحفاظ على إطار الميزانية، وعلى عجز منخفض، ونسبة إيجابية بين الديون والإنتاج، إضافة إلى رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو. وهنا يشير إلى تناسي عامل آخر، وكأنه غير موجود، وهو رئيس السلطة ، محمود عباس.
وفي حديثه عن العلاقة بين عباس والاقتصاد الإسرائيلي، يشير إلى أنه منذ وصوله إلى رئاسة السلطة الفلسطينية تبنى خطا معارضا للكفاح المسلح، الأمر الذي حقق الهدوء النسبي الذي يسود الضفة الغربية، وهذا الهدوء أتاح ولمدة سنوات طويلة زيادة في النشاط الاقتصادي في داخل الخط الأخضر.
كما لفت إلى أن انتخاب أبو مازن جاء في أعقاب الانتفاضة الثانية، التي استشهد فيها أكثر من 3000 شهيد، بحسبه، (عدد الشهداء يقدر بـ 4142 شهيدا – عــ48ـرب)، وآلاف الجرحى ودمار شامل لبنى تحتية ومصانع ومبان.
في المقابل، كانت خسائر إسرائيل أقل بكثير، ولكن اقتصادها تلقى ضربات قاسية. ويشير في هذا السياق إلى أن الانتفاضة الثانية ترافقت بما وصفه "بنك إسرائيل" أزمة اقتصادية هي الأخطر التي تواجهها، وبضمن ذلك سنتان من النمو الاقتصادي السلبي، وثلاث سنوات من النمو الاقتصادي السلبي للفرد الواحد، وتقلص الاستثمارات المحلية والأجنبية، وتراجع السياحة، وارتفاع نسبة البطالة إلى نحو 11%، وانخفاض المدخولات من الضرائب، وارتفاع العجز إلى نحو 6%، وارتفاع الدين إلى أكثر من 100% من الناتج المحلي الخام.
ويتابع سافيرسكي أن الحكومة أجرت تقليصات ميزانياتية واسعة، شملت مخصصات التأمين الوطني، وبالنتيجة ارتفعت نسبة الفقر من 17% إلى أكثر من 20%، وكان الثمن الاقتصادي باهظا، وكذلك الثمن الاجتماعي الذي دفعه، أساسا، الإسرائيليون من ذوي الدخل المنخفض.
ويضيف أن الانتفاضة الثانية لم تكن "حادثا منفردا"، وإنما جاءت بعد سنوات من المواجهات، التي بدأت بالانتفاضة الأولى، والتي تسببت في حينه بأزمة اقتصادية حقيقية. وخلال الانتفاضتين واجهت إسرائيل عدة موجات من المواجهات، كتلك التي حصلت في أعقاب مجزرة الحرم الإبراهيمي في الخليل.
وكتب أيضا أن عباس وضع حدا للمواجهات العنيفة، بمساعدة قوات الأمن التي تتعاون مع إسرائيل، والتي يتم تمويلها من قبل الولايات المتحدة، بنحو 60 مليون دولار سنويا. وهنا يشير إلى أنه بالنتيجة فإن الخزانة الأميركية تستحق "كلمة طيبة" في سياق النمو الاقتصادي في إسرائيل.
وتتركز اليوم، بحسبه، المواجهات العنيفة فقط حول قطاع غزة، بينما "القتل والدمار" من نصيب الفلسطينيين، في حين أن مستوطنات الغلاف تعيش في حالة طوارئ لا تتوقف، بيد أنها ليست جزءا من صورة النمو الاقتصادي في إسرائيل، حيث أنه بالنسبة لكثير من الإسرائيليين فإن "مستوطنات غلاف غزة تقع هناك خلف جبال الظلام، ولكن الصاروخ الذي أطلق من قطاع غزة وأصاب منزلا في مشميرت في وسط البلاد كان تذكيرا بأن الأراضي الفلسطينية موجودة هنا، وأن عدم الهدوء هناك سيكون ملموسا داخل الخط الأخضر".
ورغم ذلك، يضيف أنه "طالما لا يوجد تسوية سياسية فإن اقتصاد إسرائيل سيظل على جبل بركاني. وأن نتنياهو وجد من الصواب حث ناخبيه بتعهد أنه سيطلب من الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على المستوطنات، بما في ذلك المستوطنات المعزولة، وهو، أي ترامب، يحب توزيع الأراضي على الأصدقاء، بينما ترحب الحكومة الإسرائيلية بخطواته. والسؤال هو كيف سيرد الفلسطينيون والحديث عن أراضيهم؟ ربما سيكتفون برفع الأكتاف (دلالة على الرفض) لكونهم معتادين على التضييق يوميا. ولكن عندما ينتهي الهدوء ستتعكر أجواء الانتعاش الاقتصادي".
المصدر: عرب 48