قال جنرال إسرائيلي إن "مسيرات العودة الفلسطينية على حدود قطاع غزة تعبير عن إحباط الفلسطينيين من الوضع الاقتصادي، وقد نجحت حماس في توجيه البوصلة نحو إسرائيل؛ لذلك فإن تخفيف الضائقة الإنسانية في القطاع مصلحة إسرائيلية".
وأضاف إياد سرحان، رئيس لجنة التنسيق والارتباط بوزارة الحرب الإسرائيلية، في حوار مع صحيفة مكور ريشون ترجمتها "عربي21"، أن "استمرار التوتر الأمني في غزة يجعلني لا أذكر متى نمت ليلة كاملة، وكذلك مستوطنو غلاف غزة لا ينامون، هذا هو الواقع الذي نتعامل معه، في غزة ما زال اللاجئون يؤمنون بأن وراء الجدار الحدودي مع إسرائيل بمدينة المجدل مثلا يوجد منزل لهم، ويريدون العودة إليه".
وأشار سرحان، الذي خدم في الجيش منذ ثلاثين عاما، وعاصر الانتفاضتين الفلسطينيتين في الأراضي الفلسطينية، وشارك بعملية السور الواقي بالضفة الغربية في 2002، إلى أن "في غزة 2.5 مليون نسمة، ومتوسط مواليد الأسرة الواحدة انخفض من 6.9 مولودا إلى 5.9 مولودا بسبب الظروف الصعبة، رغم أنه في كل عشر دقائق تشهد غزة مولودا جديدا".
وأكد أن "غزة توجد فيها 180 منظمة دولية تعمل على منع وقوع الكارثة الإنسانية، من أهمها الأونروا برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وبرنامج الغذاء العالمي، ويوجد أكثر من 1.3 مليون فلسطين يحصلون على مساعدات غذائية وخدمات صحية وتعليم".
وأوضح سرحان الذي كان مكلفا بمهام قيادية خلال أواخر أيام ياسر عرفات وبداية عهد محمود عباس، ثم تنقل في مهام الإدارة المدنية والتنسيق بمدن رام الله وبيت لحم والقدس، أن "الأونروا تدير في غزة 280 مدرسة، يتعلم فيها 300 ألف طالب، وموازنتها في غزة تصل 450 مليون دولار سنويا، لكنها تقلصت عقب القرار الأمريكي بوقف تمويل المنظمة الدولية".
وأشار إلى أن "إسرائيل لا تدفع شيكلا واحدا في قطاع غزة، بل تعمل فقط على تنسيق العمل الدولي لصالح سكان القطاع، وتحسين حياتهم، لأن معدل البطالة وصل 50.9%، وفي أوساط الشبان ترتفع النسبة 70%، والمحظوظون الذين ينخرطون بسوق العمل يحصلون على 60 شيكل في اليوم، 16 دولارا، و65% من الفلسطينيين في مستوى الفقر".
وأكد أن "الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة أسفر عن تدهوره الاقتصادي، لأنه حتى العام 2005 تلقى 130 ألف فلسطيني مساعدات من الأونروا، أما اليوم فيقترب العدد من 1.3 مليون نسمة، يعني عشرة أضعاف، بما يتعارض مع المصلحة الإسرائيلية، لأن استمرار تقديم خدمات الأونروا يعمل على تخليد قضية اللجوء، لكن من أجل إنهاء عمل المنظمة الدولية يجب البحث عن بديل لها، واليوم لا يوجد".
وأوضح أن "حماس تسعى لأن تقوم المنظمات الدولية بهذه المهام الإنسانية، إلى أن جاءت عقوبات الرئيس الفلسطيني محمود عباس على غزة لتشكل إضافة قاسية على الوضع الإنساني المتدهور أساسا، بوقف رواتب عدد كبير من الموظفين، وتقليص عدد آخر، والمس بحصة تمويل الكهرباء".
وأوضح أن "حماس تنفق على مسيرات العودة معظم مقدراتها المالية، وتعطيها حيزا كبيرا من تفكيرها، فالمتظاهرون المنتشرون في خمس نقاط على طول حدود القطاع يتلقون وجبات ساخنة، وخطوط إنترنيت مجانية، وفعاليات ثقافية وفنية، وشكلت بعض الأحداث السياسية كنقل السفارة الأمريكية للقدس ويوم الأرض وتقليص دعم الأونروا مناسبات لصالح حماس التي ضاعفت فيها أعداد المشاركين بالمسيرات".
وأشار إلى أن "سكان غزة لم يعد لديهم ما يخسرونه، ولذلك فهم يذهبون للجدار بمشاركة عشرات الآلاف، صحيح أننا نعمل على الاتصال فقط مع السلطة الفلسطينية والمنظمات الدولية لإدخال المساعدات الإنسانية للقطاع، لكن حماس موجودة في كل مكان بغزة: موظفو البنوك، البلديات، حراس المدارس، المعلمين، التجار ورجال الأعمال الذين نعطيهم تصاريح للخروج من غزة، كلهم حماس أو متعاطفون معها، لا يمكن تجاهل ذلك".
وأكد أنه "في الوقت الذي ليس لإسرائيل مصلحة ببقاء حماس في حكم غزة، فليس لديها بديل آخر، لأن البدائل الأخرى هي المنظمات الصغيرة التي لا تعنى كثيرا بالترتيبات السياسية، ما يجعل العنوان المتمثل في حماس أفضل الخيارات".
وختم بالقول إن "غزة لا تشكل تهديدا وجوديا على إسرائيل، ولذلك من الخسارة أن يدفعنا عدة آلاف فيها لأن نفقد علاقاتنا حول العالم، وتتعزز بسببها الأصوات الداعية لنزع الشرعية عن إسرائيل، الحل في غزة مدني سياسي، وليس عسكريا، الدخول إلى غزة والتدمير والتخريب ممكن دائما من الناحية العملية، لكن السؤال يبقى: من سيقوم ببنائها بعد ذلك؟ ومن سيتحمل مسؤوليتها؟".